اللقاح أهم طرق التحصين «التهاب النكاف» عدوى تخترق الغدة اللعابية

تحقيق: راندا جرجس

يستهدف التهاب النكاف الغدة اللعابية التي تقع في تجويف الفم بالقرب من الأذنين، والمسؤولة عن إفراز اللعاب في الجسم، وينتشر الالتهاب بين الأطفال بنسبة أكبر عن البالغين وخاصة في سن المدرسة، ويحدث في أغلب الحالات نتيجة العدوى مثل: البكتيريا أو الفيروسات أو الأمراض الجهازية أو انسداد القنوات أو الأدوية، وتتراوح درجة الإصابة من حاد إلى مزمن ويمكن أن تسبب تورماً أحادي الجانب أو ثنائي، وفي السطور القادمة يتحدث الخبراء والاختصاصيون عن هذا الموضوع وطرق الوقاية والعلاج.

يقول الدكتور سيدهارث أرورا أخصائي طب الأطفال إن التهاب النكاف عند الأطفال ينتج عادة عن العدوى بالفيروس المخاطي الذي ينتقل عن طريق انتشار القطرات والرذاذ من شخص لآخر، ويمكن أن يصيب أيضاً الدماغ والبنكرياس والخصيتين، وتصل فترة الحضانة للفيروس من 12 إلى25 يوماً، أما الحالات القصوى فتحدث خلال 5 أيام بعد ظهور تورم الغدة النكفية.

ويضيف: تشمل العوامل الأخرى أيضاً عدم الحصول على لقاح الحصبة والنكاف، وبعض العوامل المهيئة لانسداد القناة مثل الجفاف، الوهن، سوء نظافة الفم، التليف الكيسي، اضطرابات الأكل، سوء إطباق الأسنان، الصدمات، الجراحة، واستخدام بعض الأدوية، والأمراض المزمنة مثل فيروس نقص المناعة البشرية والسل والنقرس وما إلى ذلك.

ويوضح د.أرورا أن أعراض الإصابة بالتهاب النكاف تنقسم إلى ثلاث مراحل، ويمكن أن تستمر لأسبوعين، كالآتي: تبدأ المرحلة الأولى مع ظهور الحمى، الشعور بالضيق، الصداع، فقدان الشهية. والمرحلة الثانية هي الحادة المبكرة لانتشار الفيروس في الجسم، حيث يظهر الالتهاب في جانب واحد ثم يمتد للآخر لاحقا، مع آلام في الوجه. وتكون المرحلة الثالثة مع مضاعفات مرضية نادرة.

يبين د.أرورا أن تشخيص التهاب النكاف يتم عادةً من خلال الكشف السريري وعلامات الإصابة، وفي الحالات الشديدة يمكن عمل فحوص مستويات «الأميلاز» المصل، ومسحة الأنف، والاختبارات القائمة على المناعة.

ويضيف: تتراوح مضاعفات الإصابة ما بين البسيطة والمزمنة، وربما تؤدي إلى التهاب السحايا والدماغ، تورم الخصيتين عند الذكور، التهاب المبيض عند الإناث، تورم البنكرياس، واضطرابات القلب والغدة الدرقية، التهاب المفاصل، ويسبب أيضاً فقدان السمع في حالات نادرة.

يؤكد د.أرورا أن لقاح التحصين ضد الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية أهم طرق الوقاية الفعالة من هذه الأمراض، ويتم إعطاء الجرعة الأولى للأطفال في عمر 12-15 شهراً، متبوعاً بجرعة ثانية بين 4 إلى 6 سنوات، ومن النادر أن تحدث تفاعلات عكسية مع لقاح النكاف.

عوامل الخطورة

يذكر د. محمد الزهر أخصائي طب وجراحة الأنف والأذن والحنجرة أن هناك العديد من العوامل التي تُشكل خطراً ويمكن أن تزيد من خطورة الإصابة بالتهاب النكاف، مثل: تناول الأدوية التي يكون لها تأثير جانبي على إفراز اللعاب، وكذلك المرضى الذين لديهم حصاة لعابية في قنوات الغدد، وأصحاب الصحة الفموية الضعيفة، والمصابون بالإنفلونزا ومتلازمة الفم الجاف وداء جوجرن ومرضى السكري، والمدخنون، ومن يعانون فيروس نقص المناعة المكتسب.

يشير د.الزهر إلى أن عدم معالجة التهاب النكاف يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات شديدة تؤثر في أجهزة الجسم، وتتسبب في: التهاب البنكرياس، والأغشية المحيطة بالدماغ والحبل الشوكي أو ما يعرف بالتهاب السحايا، فقدان السمع في إحدى الأذنين أو كليهما، وفي حالات نادرة يكون النكاف مصحوباً باضطرابات نُظم القلب وضعف العضلة القلبية، وينجم عن الإصابة أثناء الحمل الإجهاض وخاصة إذا حدثت في الشهور الأولى.

خيارات التداوي

يؤكد د. محمد جبر استشاري الأنف والأذن والحنجرة أن علاج التهاب النكاف يعتمد في المقام الأول على السيطرة على الأعراض مع التركيز على التطبيق الموضعي للكمادات لخفض درجة الحرارة وتخفيف التورم، والتدليك اللطيف من الخلف إلى الأمام للغدة النكفية، وشرب كميات كافية من السوائل، مع تناول المسكنات البسيطة المضادة للالتهابات، للتخلص من الشعور بعدم الراحة، وفي حال كان الالتهاب سببه عدوى البكتريا فالعلاج يكون بالمضادات الحيوية.

ويلفت د.جبر إلى أن تثقيف المريض بطرق التعامل مع التهاب النكاف يلعب دوراً هاماً في إتمام الشفاء، ويأتي اللقاح في مقدمة وسائل الوقاية وتقليل حدوث الإصابة بنسبة كبيرة، وبالإضافة إلى الحفاظ على كمية السوائل في الجسم، وتجنب الأدوية التي تسبب جفاف الفم، وخاصة مضادات الهيستامين وأدوية الحساسية والزكام أو مضادات الاكتئاب ومدرات البول وبعض الأنواع الخافضة للضغط ومرخيات العضلات والمضادات الحيوية، كما يجب الإقلاع عن شرب الكحول والتدخين بأنواعه.