انتهاك الأقصى تهديد للسلام

00:14 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

الانتهاكات البغيضة التي تقترفها القوات الإسرائيلية في المسجد الأقصى المبارك وسماحها للمستوطنين المتطرفين باقتحام حرمه الشريف في شهر رمضان الفضيل، يُعدان استفزازاً متعمداً واعتداء صارخاً على حق الفلسطينيين في ممارسة شعائرهم الدينية، كما أنهما تحدٍ سافر للمجتمع الدولي وللإرادات العربية والدولية الداعية إلى إحلال السلام وطيّ حقب الحروب والعدوان.
لا يبدو أن إسرائيل معنية بتوجهات التهدئة، كما أنها لا تلتزم بتعهداتها الخاصة بوضع القدس وهي تستخف بحرمة المسجد الأقصى وبمشاعر مئات الملايين من المسلمين، الذين يتطلعون إليه باعتباره أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، فضلاً عن مواصلة سلطة الاحتلال دعم الخطط الاستيطانية الرامية إلى تغيير معالم المدينة المقدسة ومحاولات إبعاد سكانها الأصليين من الفلسطينيين، تحقيقاً لخطة التهويد الشامل.
وحين تتمادى إسرائيل في هذه السياسة ولا تأخذ في الحسبان الأبعاد الحاسمة للصراع، فإنها تدمر بيئة السلام التي تحاول الأطراف الإقليمية والدولية بناءها من أجل إنهاء النزاع وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، والسماح للفلسطينيين باستعادة بعض من حقوقهم المسلوبة منذ 74 عاماً، ولكن هذه الأهداف، وبفعل الممارسات المدانة في القدس المحتلة، تبدو غير ممكنة التحقق وأن المسار ربما سينحرف إلى اتجاه آخر، وتكون عواقبه وخيمة وغير متوقعة.
دولة الإمارات العربية المتحدة، التي تؤمن بأن إنهاء النزاعات يتم بالتهدئة وانتهاج الحوار والتفاوض، أدانت بشدة ما تفعله القوات الإسرائيلية في المسجد الأقصى، ودعت إلى ضرورة ضبط النفس وتوفير الحماية للمصلين، وفي ذلك تعبير عن موقف الإمارات الرسمي والشعبي الرافض للعنف بكل أشكاله، وتأكيد لحرصها على نجاح الجهود الصادقة لإحلال السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وفق «حل الدولتين» الذي تدعمه الأمم المتحدة والقوى الدولية، ويبدو الحل الأمثل لإنهاء هذا الصراع المرير.
أحداث المسجد الأقصى المدانة، سبقها تصعيد إسرائيلي كبير في نابلس والخليل وجنين ورام الله بالضفة الغربية أسفر عن عدد من الضحايا الفلسطينيين. وبررت القوات الإسرائيلية عملياتها تلك بأنها رد على عمليات نفذها فلسطينيون في تل أبيب وبئر السبع والخضيرة. ويبدو واضحاً أن هذه الدوامة من العنف لن تتوقف عند هذا الحد، طالما أن أسباب إذكائها متوفرة، وما يجري في القدس الشرقية المحتلة من أكبر عوامل التصعيد في هذه المرحلة.
وتتحمل إسرائيل مسؤولية الحفاظ على عدم التصعيد بالعمل على لجم مستوطنيها المتطرفين وكف أيديهم عن أذى المقدسات الإسلامية واحترام حق الفلسطينيين في العيش بسلام في أحياء القدس القديمة. وليس ذلك فقط، وإنما على إسرائيل الاستجابة للدعوات العربية والدولية الداعية إلى وقف التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية من أجل أن تكون هناك أرضية سياسية تسمح ببناء الثقة والبحث في أسس التعايش المشترك وفق ما تسمح به التفاهمات وتقره الشرعية الدولية.
الوضع في الأراضي الفلسطينية مهيأ لتصعيد واسع النطاق، وقد يكون هذه المرة مختلفاً بالنظر إلى المتغيرات الكثيرة، ولتجنب الأسوأ على الجميع ضبط النفس، وعلى إسرائيل أن تتحمل مسؤوليتها كاملة في حماية الشعب الفلسطيني ومقدساته، وأن تبرهن على أنها مستعدة للانخراط في السلام العادل والشامل.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"