الشارقة: علاء الدين محمود
اليابان دولة رائدة في مجال الأدب ولديها تراث حكائي عظيم، وتأثّرت الأعمال الباكرة للأدب هناك بالتواصل مع الثقافة الصينية، فمعظم الإنتاجات الإبداعية اليابانية كُتبت باللغة الصينية الكلاسيكية، كما كان للثقافة الهندية تأثيرها أيضاً، وفي الأخير طوّر الأدب الياباني أسلوبه المنفصل، ومنذ فتح الموانئ اليابانية للدبلوماسية والتجارة الغربية في القرن التاسع عشر، تأثّر المبدعون اليابانيون بالغربيين، واشتهروا بالرواية والقصة القصيرة والشعر، وبصورة خاصة شعر الهايكو.
ريونوسكي أكوتاجاوا «1892 ـ 1927»، واحد من أبرز الأدباء اليابانيين، ولد في أسرة بائع لبن فقير، وبرز ذلك المبدع بعد ربع قرن من بداية حركة التحديث والتنوير اليابانية التي بدأت بإعادة «الساموراي»، مقاليد السلطة والحكم إلى الإمبراطور، ودرس أكوتاجاوا الأدب الإنجليزيّ في جامعة طوكيو الإمبراطورية، وبدأ في الكتابة والنشر وهو لا يزال طالباً في الجامعة؛ حيث ترجم العديد من الأعمال الغربية.
انحدر أكوتاجاوا من عائلة محبة للفن والأدب والرسم على الطراز القديم، وبرز منها العديد من المبدعين في مختلف المجالات، فتأثر هو بتلك الأجواء، فكان أن نقل ذلك العشق والولع بالأدب إلى أبنائه فتميزوا في مجالات المسرح والرسم.
لُقب أكوتاجاوا بـ «أبو القصة القصيرة اليابانية»؛ ذلك لأنه أبرز الرواد الذين كتبوا ذلك الجنس الأدبي، أقدم على الانتحار عن طريق جرعة زائدة من مادة مخدرة وهو في عمر الـ35، بعد أن عانى كثيراً الهلوسة البصرية، وبعد وفاته بثماني سنوات أطلق صديقُ عمره، الكاتب والناشر «كان كيكوتشي،» جائزة أدبيّة باسمه «جائزة أكوتاجاوا»، وحالياً تدار من قبل جمعية النهوض بالأدب الياباني بعد أن أصبحت أشهر جائزة أدبيّة هناك.
ترك أكوتاجاوا عقب رحيله ما يزيد على الـ250 عملاً، أغلبها قصص قصيرة، وجلبت له قصة «الأنف» شهرة واسعة، وتُعد إبداعاته، بصورة عامة، قمّة الأعمال الأدبية اليابانية التي كُتبتْ في بدايات القرن العشرين والتي لا يزال لها بريقها ورونقها حتى الآن، وكان لأكوتاجاوا تأثيره الكبير والعميق في الكتّاب اليابانيين الذين أتوا من بعده، وتحمل معظم قصصه طابعاً فلسفياً وفكرياً وموقفاً من كثير من القضايا الوجودية المتعلقة بالحياة والموت والبحث عن الحقيقة.
