«بطلوع الروح» الحقيقة المخيفة

مجازفة أن يوافق منتج على تأخير انطلاق عمل ما حتى منتصف شهر رمضان، لأن المسلسل من 15 حلقة فقط، فالجمهور يكون قد حجز كل المواعيد منذ بداية الشهر وارتبط بمسلسلات حتى وصل إلى نصفها، وربما لن يجازف بتركها من أجل أن يبدأ من جديد متابعة مسلسل قصير؛ لكن حين يكون المسلسل مشوقاً لأنه يخترق المألوف والعادي، ويقدم قصة من قلب «داعش»، والبطولة الأولى والأقوى فيه للنجمة منة شلبي، فلا شك أنه سيكون مستعداً لإعادة جدولة مواعيد مشاهداته.
عن #بطلوع_الروح نتحدث، المسلسل الذي أثار ضجة قبل رمضان، وها هو يؤكد مع انطلاقته منتصف الشهر أنه دراما شديدة الواقعية، ويكفي أن تتابع أول حلقتين منه حتى تتحمس له وتتشوق لمتابعة الحلقات كلها. 
نجاح سريع يؤكد تميز المسلسل، فهو ليس تكراراً ولا تقليداً لأي عمل سابق، وقصته التي استوحاها الكاتب محمد هشام عبية من قصة حقيقية كما هو مذكور في بداية العمل، تشدك بل تأسرك، خصوصاً أن الإخراج يحمل توقيع الرائعة كاملة أبو ذكري.
المسلسل يرصد ممارسات تنظيم «داعش»، تم تصويره في لبنان، ويضم مجموعة من الفنانين المصريين واللبنانيين والسوريين. «روح» (منة شلبي) هي روح القصة وبطلتها، الزوجة التي وجدت نفسها فجأة أسيرة «داعش» بسبب انقلاب زوجها أكرم (محمد حاتم) من مدير لشركة إعلانات، رجل متعلم ثري يغطي التاتو الكثير من جسده.. متعافٍ من المخدرات، إلى متطرف منقاد خلف صديقه وزميل الجامعة سابقاً عمر الدسوقي (أحمد السعدني)، يخدع زوجته فيوهمها بالسفر إلى تركيا مع ابنهما سيف لإحياء ذكرى زواجهما وكأنه شهر عسل جديد، وهناك يلتقي مع عمر، يخطف ابنه ويختفيان ليجبر روح على الانضمام معه إلى «داعش»، عبر الحدود التركية-السورية.
 التفاصيل مهمة، والأحداث تتوالى بسياق سلس وتشويقي جداً، إنه أسلوب كاملة أبو ذكري في جعل العمل شديد الواقعية: الشارع، المحلات، البيوت، المسلحون، الأعلام، النساء.. كل ما تراه يؤكد أنه حقيقي، وللكتابة دور كبير في جذبنا إلى مناطق جديدة في الدراما، عبر طرح قضية مهمة وواقعية، والإجابة عن تساؤلاتنا مثل: ما الذي يدفع شاباً متعلماً ثرياً للانضمام إلى «داعش» والاستسلام للتطرف؟ 
كعادتها منة شلبي تعيش الدور بكل حواسها فتجبرك على التعاطف معها، تصدقها، تؤمن بقضيتها، فنانة حتى النخاع، ناضجة قوية واثقة ومرتاحة بأدائها، مشهد خوفها على طفلها وصدمتها بحقيقة زوجها وإجبارها على الاختيار بين العيش مع ابنها سيف في «أرض الخلافة»، أو حرمانها منه وتسليمه لعمر المعروف ب «الأمير أبو أسامة».
السعدني ومحمد حاتم يتألقان أيضاً بدوري «المجاهدين»، العمل يخيفك لشدة الإتقان فيه، ولا شك أن الحلقات تحمل مفاجآت كثيرة، وأنه لن يرضي المتطرفين سواء كانوا «داعشيين» أو ينتمون لأي تنظيم إرهابي آخر، لكنه يرضينا ويضيء على جوانب مهم أن يعرفها كل الناس.

[email protected]