عادي
بناء الوعي

التنمية الشاملة

22:56 مساء
قراءة 3 دقائق

الله، عز وجل، خلق للإنسان كل أسباب الحياة وذلل له الأرض ومهدها وقدر فيها أقواتها، وجعلها صالحة لقيام حياة كريمة تسع الإنسانية كلها، ولذلك ينبغي أن تكون هناك توعية بأهمية التعمير والبناء، وأن نرسخ هذه المفاهيم والقيم لدى الشباب، لأن الإسلام يحث المسلمين على الأخذ بكل الأسباب التي تحقق القوة للفرد والمجتمع.

يقول د.نوح العيسوي، وكيل وزارة الأوقاف المصرية: أمر الحق سبحانه وتعالى الإنسان بأن يأخذ بكل أسباب العلم ليعمر الأرض، ويستثمر الموارد الطبيعية التي خلقها الله، ويحقق التنمية الشاملة التي تعود بالنفع على الفرد والمجتمع، والحق يقول «اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ» الآيات (32 -33) سورة إبراهيم، كما يقول سبحانه وتعالى «أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ» الآية (20) سورة لقمان.

ويضيف: تحقيق الأمن من أهم أسباب التنمية الشاملة، وربط الحق سبحانه وتعالى بين الأمن والرزق برباط وثيق، فقال «أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آَمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ» الآية (57) سورة القصص، ولا تقوم الحياة ولا يتحقق الرخاء ولا تتقدم الأمم إلا بالأمن، والأمن من أعظم نعم الله عز وجل، والنبي الكريم، صلى الله عليه وسلم، يقول «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا»، كما تتحقق التنمية الشاملة باستثمار الطاقات البشرية، خاصة الشباب، من حيث إعدادهم وتنمية مواهبهم، وحسن تأهيلهم، والدفع بهم في مجالات العمل المختلفة.

ويشير إلى أن النبي الكريم أولى الشباب اهتماماً كبيراً، ومنحهم الثقة، وحملهم المسؤولية، مؤكداً أن تحقيق التنمية الشاملة يتطلب عملاً نافعاً يشمل جميع مجالات الحياة، وأن النبي الكريم يقول «ما من مسلمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا أو يَزْرَعُ زَرْعًا فيَأْكُلُ منه طيرٌ ولا إنسانٌ إلا كان له به صدقةً».

ويشدد العيسوي على أن التنمية لا يمكن أن تتحقق بدون نظام عام يضبط للناس حياتهم وفق قوانين تحفظ المجتمع من الفوضى، لأنه ما تقدمت أمة من الأمم إلا باتباع القانون، والتزامها بتطبيقه وتعاون جميع أفرادها على الالتزام بهذه القوانين.

ويؤكد أن بناء الدول يأتي من خلال تعاون الجميع كل في مجال عمله، لتحقيق النفع العام، وذلك بهدف أن تتكامل جهود جميع أفراد المجتمع، لتؤدي في النهاية إلى تنمية حقيقية شاملة يعود نفعها على كل أبناء الوطن. ويقول: تحقيق التنمية يبدأ من تنمية الوعي، ويمتد لتنمية الموارد، وكل ذلك يعني أن بناء الشخصية الوطنية يعد جوهر التنمية في كل الأمم والحضارات، وحب الأوطان يجب أن يكون المحرك الأساسي الذي يدفع الأفراد لتحقيق التنمية الشاملة، لأن كل جيل عليه دور ومسؤولية في غرس البذور حتى تتحقق التنمية للأجيال التالية، والإسلام يحث على العمل بكل جهد لخدمة الوطن والحفاظ على مقدرات الأمة، وكل ذلك يكون من خلال بذل الجهد والعطاء. ومما لا شك فيه أنه لا تنمية ولا تقدم ولا رفاهية بدون نشر الوعي بقيمة الوطن، وأهمية الحفاظ على الأوطان ومقدراتها ودفع عجلة العمل الإنتاجي.

ويطالب العيسوي بأن تنشر كل الجهات المعنية الوعي، وأن يكون هناك دور محوري للدعاة والعلماء والإعلاميين في الحث على قيمة العمل والإخلاص، وبيان أن تحقيق التنمية الشاملة في الوطن مطلب ديني ووطني، وأن الشريعة الإسلامية تحث على أن يحقق الإنسان الكسب الحلال، وهذا يتحقق بالعمل والإنتاج، من خلال منظومة متكاملة داخل الوطن.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"