الشارقة: زكية كردي
1.7 مليون مشاهدة خلال يوم واحد لفيديو «فلوق الولادة –بيبي شمس» الذي يصور أجمل وأصعب اللحظات على قناة مذيعة mbc3 عزة زعرور على يوتيوب، إنه هوس المشاركة الذي بدأ يطغى على كل حدود الخصوصية التي كنا نعرفها ما قبل عصر السوشيال ميديا، فاليوم لم يعد مستغرباً أن نجد الناس يشاركون مشاكلهم، ولحظاتهم الخاصة وتفاصيل حياتهم اليومية على هذا الفضاء الواسع لكل من رغب بالمشاهدة، ولأن الفضول إرث المجتمعات الكلاسيكية التي اعتادت احترام حدود وخصوصيات الآخر، يبدو أنه ما يزال يعمل في المواضيع التي تتخطى هذه الحدود وتدفعها إلى أبعاد جديدة كل مرة.
إن التجول قليلاً على مواقع التواصل الاجتماعي والتمعن في موضوع حدود الخصوصية، وكسر القواعد الخاصة بما يليق وما لا يليق، وما الذي يصلح أو لا يصلح يضعنا أمام حقيقة اجتماعية عامة، وهي أن وسائل التواصل الاجتماعي وضعت المجتمع في هذه المرحلة غير المتوازنة والتي تبدو أشبه بمرحلة مخاض لمجتمع لا يعرف بعد ملامح الجيل القادم والقيم التي يعتمدها فيه.
وفي هذه المرحلة غالباً يختلط الغث بالثمين، فتكسير بلاط الماضي للخروج بأجيال إنسانية جديدة أكثر تطوراً من سابقاتها أمر ضروري وطبيعي وصحي في حياة المجتمعات، إلا أن ما يطفو على السطح في هذه المراحل الانتقالية هو ما نراه في خانة الأكثر انتشاراً من فضائح لعائلات تنشر مشاكلها على العلن وتتاجر بها عند نجاحها بإثارة الرأي العام، أو مشاهير لا يمانعون بدفع حدود الخصوصية مرة بعد الأخرى فيبادرون بنشر تفاصيل حياتهم وأكثرها خصوصية طمعاً بمزيد من الشهرة والانتشار والمال.
يتاجر مشاهير اليوم بآلام الولادة، فرحة إيجاد شريك الحياة، أسرار الشريك، وعيوب المقربين، وكل ما يمكن أن يجذب المشاهدات، فالمنصة مجانية ومتاحة للجميع، والفضول ما يزال يعمل بينما البوصلة معطلة، إذن هذا هو التوقيت الأنسب لتطفو قيم البوتكس.
