عادي
اسأل الخليج

كيف أصبح الرقم 10 نجم أرقام كرة القدم؟

11:14 صباحا
قراءة 7 دقائق
إعداد: معن خليل
عادة ما ينظر إلى اللاعب صاحب الرقم 10 بأنه الأفضل في الفريق أو المنتخب الذي ينتمي إليه في لعبة كرة القدم، وحافظ هذا الرقم الذي يقدم في الأغلب لصانع الألعاب واللاعب الموهوب على دلاله وأفضليته بين الأرقام الأخرى، وعد من يرتديه لاعباً محظوظاً كون جميع الأنظار تتوجه إليه.
وقصة شهرة الرقم 10 اكتنفتها الكثير من المفارقات، حتى أن الملك بيليه والأسطورة الراحل مارادونا اللذين يحتلان المركزين الأول والثاني في قائمة «فيفا» لأفضل لاعبي الرقم 10، ارتديا هذا الرقم عن طريق الحظ والصدفة، فأعطياه شهرة لا تضاهيها أخرى في عالم كرة القدم.
مفارقات رقم
وقبل بيليه لم تكن لمسألة الأرقام أي أهمية، حيث إن ظهورها على قمصان الفرق بدأت عام 1928 في إنجلترا وتحديداً في مباراة أرسنال وشيفيلد ونزداي، حيث ارتدى اللاعبون أرقاماً متسلسلة من 1 إلى 11 وذلك حسب مراكزهم في الملعب، وقد نال صانع الألعاب أو المهاجم الثاني خلف رأس الحربة الرقم 10، وعلى مدى 30 سنة كاملة بقي الأمر عادياً حتى ظهر في مونديال عام 1958 شاب برازيلي سحر العالم بنجوميته وأهدافه وطريقته في التعامل مع الكرة.
كان ذلك الفتى هو بيليه البالغ من العمر وقتها 17 عاماً، وهو ظهر في المونديال الذي أقيم في السويد بالرقم 10، بعدما ارتداه عن طريق الصدفة فقط، وذلك عندما أرسل الاتحاد البرازيلي لكرة القدم قائمة لاعبيه المعتمدين في البطولة لكنه نسي تخصيص رقم لكل منهم، وهنا حل مندوب الأوروجواي لدى «فيفا» لورنزو فيليزيو المعضلة بتوزيع الأرقام عشوائياً بنفسه ومنح الرقم 10 للاعب غير معروف آنذاك هو بيليه.
كان اختيار فيليزيو لرقم 10 ومنحه لبيليه تاريخياً، حيث إن الشاب البرازيلي تألق بشكل لافت في مونديال 1958 وسجل ستة أهداف وقاد بلاده لأول لقب لها في كأس العالم، ليصبح الرقم 10 مخصصاً من بعده للاعبين الأذكياء والنجوم الموهوبين السحرة.
استثناء لمارادونا
وإذا كان منح بيليه للرقم 10 جاء بالمصادفة، فإن اللاعب الأشهر الذي ارتداه بعد ذلك أي مارادونا لم يسر على نفس النهج، بعدما كان الاتحاد الأرجنتيني لكرة القدم يعتمد طريقة غريبة في توزيع الأرقام على لاعبيه وذلك بحسب الترتيب الأبجدي لأسماء عائلاتهم، لذلك وجدنا حارس المرمى فيلول يرتدي القميص الرقم 3 ولاعب الوسط أوزفالدو أرديلس الرقم 1، وكان من المفترض أن يرتدي مارادونا حسب هذا الأسلوب الرقم 12 لكن حبه للرقم 10 وتمسكه به جعل الاتحاد يجري استثناء له.
بالنسبة لبيليه هو أشهر من أن يعرف، فملك كرة القدم صنع كل الإنجازات وحطم الكثير من الأرقام القياسية ونال لقب كأس العالم ثلاث مرات، وهو ما لم يفعله غيره على الإطلاق.
قدم بيليه في مونديال 1958 كل شيء من فنون ومتعة كرة القدم إلى درجة أن المدافع السويدي سيجي بارلينج قال بعد النهائي «بعد الهدف الخامس للبرازيل الذي سجله بيليه انتابتني رغبة في التصفيق تحية له».
بيليه كان جلاداً للحراس وماكينة أهداف لا تهدأ وهو أنهى مسيرته بتسجيله 1281 هدفاً في 1363 مباراة خاضها، وله العديد من الأرقام الخرافية الأخرى منها تسجيله خمسة أهداف في ست مباريات، وشهدت 30 مباراة تسجيله أربعة أهداف، و92 مباراة تسجيله 3 أهداف، وأمام فريق بوتافوغوفي عام 1964 سجل ثمانية أهداف دفعة واحدة.
وأجمل ما قيل في بيليه ما صرح به المدافع الإيطالي تارشيزيو بورجنيتش الذي كان مكلفاً بمراقبة النجم البرازيلي في نهائي مونديال 1970 حين أكد «قبل المباراة كنت أقول لنفسي إنه مجرد إنسان من لحم ودم مثلي، ولكني فهمت بعد ذلك أنني كنت مخطئاً».
فوق العادة
أما مارادونا فهو لاعب خارق بالفعل ويكفي تذكر ما فعله أمام إنجلترا في مونديال 1986 للتأكيد على ذلك عندما مر عن ستة لاعبين قبل أن يضع الكرة في شباك الحارس الكبير بيتر شيلتون، ومن ثم يقود الأرجنتين بعد ذلك للفوز باللقب في كأس العالم التي كتبت باسمه.
لاعب أرجنتيني آخر كان من مبدعي الرقم 10، وهو ليونيل ميسي الذي يرى البعض أنه أفضل لاعب في التاريخ، وقد أكد ذلك بعدد كراته الذهبية ومرات فوزه بجائزة أفضل لاعب في العالم.
ولم يكن غريباً أن يتفوق زين الدين زيدان على مثاله الأعلى ميشال بلاتيني ويتم اختياره من قبل مجلة «فيفا» عام 2014 ثالث أعظم لاعب ارتدى القميص الرقم 10، فاللاعب الجزائري الأصل والمولود في مدينة مرسيليا الفرنسية عام 1972 لم يكن عادياً منذ أن اكتشفه الخبير جون فارو وضمه إلى مركز التدريب التابع لنادي كان.
ويقول جون فارو مكتشف زيدان في مدحه له «لم يكن الأقوى ولا الأسرع بين زملائه، كان يفكر في المراوغة أكثر من أي شيء آخر، فقد كان يتخلص من لاعب واثنين وثلاثة وخمسة، لقد كان يتحدث مع الكرة بقدميه».
بعد انتقاله إلى نادي بوردو عام 1992 أصبح زيدان أكثر شهرة، ونقلته موهبته إلى يوفنتوس الإيطالي ثم إلى ريال مدريد، ومع المنتخب كان كل شيء مع «الديوك» ويعود له الفضل في وضعه على خارطة كرة القدم العالمية بعد اعتزال ميشال بلاتيني حين قاده للقب الأول في تاريخه بالفوز بكأس العالم عام 1998، في نسخة مونديالية مثيرة أصبح بعدها المهاجر الجزائري بطلاً قومياً في فرنسا.
ومن مشاهير الرقم 10 المجري فيرنك بوشكاش الذي اشتهر بأنه كان قصيراً وبديناً، ولكن ذلك لم يمنعه من أن يكون أحد أبرز النجوم الذين عرفتهم كرة القدم في تاريخها.
حسب الروايات أن بوشكاش عندما تعاقد مع ريال مدريد عام 1958 اعتقد لاعبو النادي الملكي أن مسؤولي الفريق فقدوا صوابهم عندما قرروا التعاقد مع لاعب في الواحدة والثلاثين من عمره.
لكن بوشكاش لم يتأخر في الرد على المشككين وإسكات المنتقدين ومنهم أفضل لاعب أيسر عرفه النادي فرانشيسكو خينتو الذي يتذكر حادثة رميه قطعة من الصابون في اتجاه اللاعب المجري، فالتقطها دون تردد بقدمه اليسرى ثم حولها على ركبته بلمسة ساحرة، قبل أن يبدأ في مداعبتها بلمسات متتالية.
لا شك من يقدر على التلاعب بقطعة صابون بهذا الشكل، سيكون قادراً على صنع المعجزات بالكرة وهو ما فعله بوشكاش عندما سجل 512 هدفاً في 528 مباراة خاضها بقميص ريال مدريد مساهماً بفوزه بثلاثة كؤوس أوروبية وخمسة ألقاب في الدوري الإسباني، وليكون ضمن جيل الأساطير الذي جعل من «الميرنجي» نادي القرن في أوروبا.
وبدأ بوشكاش مسيرته عام 1943 في صفوف نادي كيسبيست الذي عرف لاحقاً باسم هونفيد وسجل معه 357 هدفاً في 354 لقاء على مدى 12 سنة، محققاً معه خمسة ألقاب في الدوري المجري الممتاز.
سجل بوشكاش مع المنتخب المجري 83 هدفاً في 84 مباراة، وهو سجل خارق، لم يكن ليحققه لولا الموهبة التي امتلكها أفضل رقم 10 عرفها منتخب بلاده في تاريخه، والتي قال عنها زميله في الفريق والمعروف عربياً بعدما درب في مصر والإمارات ناندور هيديكوتي «سجل بوشكاش أهدافاً كثيرة بعد سلسلة من المراوغات في مساحات يستحيل قياسها».
أما زميله السابق في المنتخب أيضاً زولتان شيبور فيقول «أهداف بوشكاش لم تكن بمنتهى الدقة وحسب، بل كانت آية في الروعة والجمال كذلك، إنه واحد من عظماء هدافي كرة القدم على مر التاريخ، وأعظم مسجل للأهداف الخرافية على الإطلاق».
فرنسي آخر حمل الرقم 10، وهو قال يوماً إنه يشعر بالفخر لأنه سلم القميص رقم 10 لزين الدين زيدان، هو ميشال بلاتيني الذي وإن لم يفز بلقب كأس العالم قط، إلا أنه يبقى أسطورة خالدة في عالم كرة القدم بفضل مهارته وتقنيته العالية ورؤيته الثاقبة داخل الميدان ودقته المدهشة أمام المرمى.
بدأ بلاتيني الذي لعب لناديين شهيرين،
سانت ايتان في فرنسا أيام عزه، ويوفنتوس الإيطالي، وبدأ مشواره مع المنتخب الفرنسي عام 1978، وأفضل ما فعله مع «الديوك» هو قيادته للقب أمم أوروبا عام 1984 متوجاً هدافاً للبطولة برصيد تسعة أهداف منها «هاتريك» ضد بلغاريا وثلاثية أخرى ضد يوغسلافيا.
اليسرى الصاروخية
وارتدى البرازيلي روبرتو ريفيلينو الرقم 10 والذي اشتهر بتسديداته الصاروخبة بقدمه اليسرى القوية.
لم يكن الطريق أمام ريفيلينو إلى تشكيلة «السامبا» مفروشاً بالورود، رغم أنه كان من نجوم تلك الفترة في الدوري البرازيلي، إذ كانت المنافسة شديدة على مقعد أساسي في وسط الميدان أو الهجوم، وهي المراكز التي كانت تعج بأسماء لامعة وأسطورية، حيث كان هو يلعب بالقميص رقم 10 كرأس حربة، وهي نفس الوظيفة التي كان يؤديها توستاو لاعب كروزيرو، وغايرزينيو لاعب بوتافوجو، والأسطورة بيليه الذي كان يبدع مع سانتوس.
لكن سرعان ما تغيرت الأمور قبل انطلاق مونديال المكسيك بعدة أشهر، وتحديداً بعد اختتام مرحلة التصفيات، إذ ترك المدرب جواو سالدانيا دفة قيادة المنتخب لخلفه زاجالو، الذي قام بتغييرات عدة فسنحت الفرصة أمام ريفيلينو وسط كوكبة من عمالقة كرة القدم على مر التاريخ، ولم يترك فقدانه للقميص رقم 10 لصالح بيليه أثراً يذكر في معنوياته، فقد اضطلع بدور الجناح الأيسر وشكل إلى جانب بيليه وتوستاو وجايرزينيو وجيرسون منتخباً مثالياً في سنوات السبعينات، وهو المنتخب الذي يسجل التاريخ أسماء لاعبيه بأحرف من ذهب.
وأطلق على ريفيلينو لقب «ملك بارك ساو جورج الصغير»، وهو اللقب الذي ورثه عن الأسطورة بيليه مع القميص رقم 10 في صفوف منتخب البرازيل الذي لعب في صفوفه في مونديالي 1974 و1978.
ويعد الألماني لوثر ماتيوس أشهر من ارتدى الرقم 10 في بلاده، وهو كان محط الأنظار منذ أن انضم لنادي بروسيا مونشنجلادباخ عام 1979 ولمنتخب ألمانيا بعد عام واحد عندما شارك في صفوفه خلال بطولة أمم أوروبا.
وبدأ العصر الذهبي لماتيوس في عام 1984، في نفس الوقت الذي انتقل فيه لعملاق الدوري الألماني بايرن ميونيخ، وتحت رعاية المدرب الأسطوري أودو لاتيك أبدع ماتيوس في مركز لاعب الوسط المهاجم، ومن ثم بلغ قمة النجاح مع إنتر ميلان الإيطالي ثم مع منتخب ألمانيا الذي قاده للقب مونديال 1990 لينال جوائز أفضل لاعب أوروبي، وأفضل لاعب في العالم في ذلك العام.
وبعد غياب طويل بسبب إصابة الرباط الصليبي عاد ماتيوس إلى بايرن ميونيخ في عام 1992، ومع تباطؤ سرعته وتزايد خبرته تحول دوره في الفريق من اللعب في مركز لاعب الوسط المهاجم إلى مركز الليبرو، سواء مع النادي أو مع المنتخب ورغم ذلك لم يتخل عن القميص الرقم 10.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"