«ملف سري».. إتقان الغموض

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

يميل جمهور التلفزيون والسينما إلى الأعمال التي تحمل الكثير من الغموض وتحتاج إلى إعمال العقل لحل الألغاز وكشف هوية المجرم، أياً كانت طبيعة العمل: جريمة أم «أكشن» أم رعب. لذلك صارت الجريمة جزءاً أساسياً في كثير من المسلسلات العربية، لكن هذا لا يعني أن كل المؤلفين يجيدون إتقان الحبكة التي تجعلك كمشاهد مشدوداً طوال الوقت لمتابعة الأحداث واكتشاف المجرم، ولا كل المخرجين يجيدون تقديم التشويق بحرفية قادرة على اجتذابك، فما بالك إذا كان المسلسل من ثلاثين حلقة ويعرض في شهر رمضان، أي في ظل منافسة شرسة وسط مجموعة لا بأس بها من المسلسلات الجيدة وأخرى عالية الجودة؟
«ملف سري» من نوعية مسلسلات التشويق الذي يجمع بين الجريمة والإثارة مع الاحتفاظ طبعاً بالجانب الدرامي الاجتماعي. بماذا يتميز عن باقي المسلسلات المشابهة في الشكل لا المضمون؟ ميزته الأولى في كتابة محمود حجاج، الذي عرف كيف يأسرنا من الحلقة الأولى وحتى اليوم، لأنه بجانب فتحه ملف فساد عائلة المالكي والتهديدات التي تلقاها المستشار يحيى لإجباره على إغلاق الملف والتنحي جانباً، قدم في كل حلقة مفاجأة جديدة دون أن يفتعل أحداثاً غير منطقية، أو يدخلنا في متاهة اجترار المواقف والمط بحشو لا لزوم له.
محمود حجاج نجح بكتابة دراما تشويقية باحتراف، وهو ما لا نجده كثيراً في المسلسلات العربية، حيث يدخلنا في متاهة الشخصيات، كثير منها له أكثر من وجه وهوية، لذلك يصعب عليك التأكد من هوية القاتل، ومن يقف خلف عائلة المالكي ومن يحرك كل الخيوط؟ المفاجآت الصادمة وقلب كل المعادلات وخلط الأوراق مستمرة حيث شهدت الحلقة ١٨ مثلاً مفاجأة صادمة غيرت كل الحسابات فأجبرتنا على العودة بالذاكرة إلى الحلقات السابقة لنفهم أكثر ما حصل، مع اكتشافنا أن يوسف المالكي الذي يؤديه ماجد المصري مزيّف، فيوسف الحقيقي توفي منذ سنوات وانتحل شخصيته عاشور (البلطجي) ليضع يده على ميراث المالكي.
طبعاً التقى إتقان المؤلف وحرفيته في كتابة القصة مع حرفية المخرج حسن البلاسي في تقديم العمل والشخصيات على نفس مستوى الجودة، ناهيك عن حرفية الممثلين كل في مكانه، هاني سلامة المتألق بشخصية المستشار يحيى، الحازم الباحث عن الحقيقة حتى لو كان الثمن حياته، ماجد المصري المتقن لأدوار اللص المحترف، محسن محيي الدين العائد بقوة إلى الدراما مختلف هنا بدور هارون المالكي الخبيث المتآمر المتقلب. 
والشخصية الأبرز في هذا العمل هو ليل المصري يؤديه بمهارة وتميز محمد محمود عبد العزيز، حيث يكشف عن جوانب مهمة وقدرات في موهبته، حتى الإكسسوارات والمظهر الخارجي متناسقان جداً مع الشخصية، أما نضال الشافعي فيبدو في البداية متشنجاً بدور شاكر شقيق يحيى، لكنه فعلياً يمنح الشخصية شيئاً من الغموض، ويتطور معها حتى يصل إلى قمة الأداء تحديداً في الحلقة العشرين.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"