عادي
تستلهم تصاميمها من حكايات الماضي

آية البيطار: أثاث منازلنا يشاركنا حكاياتنا

23:08 مساء
قراءة 4 دقائق

الشارقة: زكية كردي

الحكايات كانت منهجها منذ البداية، فالتصميم يجب ألا يقتصر على المظهر الجميل والمتناسق وحسب، وإنما على العلاقة مع قطع الأثاث التي نعيش حياتنا معها، ونشاركها أيامنا وعاداتنا وحكاياتنا، تلك الحكايات التي تبدأ منذ بداية الفكرة، والحصول على قطع أثاث خاص بنا، تشبهنا وتعبر عنا، وربما تتقن حواراً خاصاً مع مشاعرنا، هكذا بدأت حكاية مصممة الأثاث السعودية آية البيطار مع التصميم، والتي تخبرنا عنها في السطور القادمة..

عن بصمتها الخاصة في عالم التصميم، وسِر نجاحها وتميزها في هذا الجال، تقول البيطار: رغم أني درست التصميم الصناعي إلا أنني ركزت على الأثاث والمنتجات المنزلية، وأحاول أن أرسم حكاية خاصة لكل منتج، فلا ينبغي أن يكون المنتج جميلاً وحسب، وبالطبع أحرص على أن أميز العمل عند التنفيذ من خلال الجودة العالية والقدرة على المزج بين العناصر المختلفة بطريقة جميلة، مثل الخشب، الصدف، العظم، وغيرها.

وأوضحت أن المزج بين العناصر ليس جديداً بالتأكيد، إلا أن الأسلوب في بناء محاكاة جديدة لهذا المزج يعتبر جديداً، بحيث تقوم بإدخال عناصر جديدة من غير العتادة دمجها في منتج واحد، وبأسلوبها الذي امتازت به من خلال الاستعانة بحكايات وتفاصيل الماضي وإعادة تقديمها بأسلوب معاصر يجذب جيل اليوم والأمس، فتعتمد في أسلوبها على الحرف اليدوية إلى جانب استخدام أحدث التقنيات والمواد المستخدمة في عالم المنتجات اليوم لتخرج بمنتج هجين وجديد كلياً يتسم ببصمتها الخاصة.

الصورة
9

ثلاثة عناصر

تقول البيطار: «اعتماد أسلوب الدمج يجب أن يرتكز على 3 عناصر، هي (العمق، الثقافة، والإتقان)، والثقافة أقصد بها هنا ثقافة المنتج كعمل يدوي ومواد تجمع حضارات مختلفة، وهناك العمق بالقصة، أما الإتقان فيتعلق بالجودة والحرص على تقديم المنتج بأفضل حالة ممكنة، فآخذ عنصراً من التراث وأعمل عليه لأخلق هذا التكامل بين القصة التراثية والقصة الحضارية، بحيث يستوعبها الجيل الجديد، وهي ليست محاورة تاريخية، وإنما تركيبية فنية بالدرجة الأولى، فاستعنت على سبيل المثال في إحدى مجموعاتي بفن القَط العسيري الذي تستخدمه النساء في تزيين البيوت، ودمجته مع فن التطريز عند المرأة الفلسطينية، ودرست الخصائص المشتركة بينهما، حيث كلاهما يرتبط بالمرأة، ويعتمد على الأشكال الهندسية والألوان، وحاولت المزج بينهما لأبني حكايتي الخاصة بالاعتماد على هذا المزيج في مجموعة أسميتها «صوت آية» أصدرتها قبل عامين تقريباً، وأردت الدلالة على أننا نحن كبشر نعتبر مزيجاً من ثقافات عدة، فليس بالضرورة أن نعيش في المكان الذي ولدنا فيه أو نشأنا فيه، وبالتالي نحن هذا المزيج الذي يشكل حكاياتنا، تماماً مثل هذه التصاميم».

وفي مجموعتها الأحدث «فرس» عبّرت البيطار عن جمال الخيل العربي الأصيل، والذي يعتبر من أجمل وأقدم سلالات الخيول في العالم، وسلطت الضوء على أهم الخصائص التي تميز هذه الخيول، وكيف أنها باتت تمثل شبه الجزيرة العربية.

وتوضح أن سرج الخيل ذاته بات يستخدم كعنصر جمالي في الديكور، ولأنه ملون وأصيل شعرت بأنه يشبه عملها وما تقوم به، فأحبت أن يكون مصدر إلهام أساسياً في مجموعتها.

أحلام وحكايات

لأن الخصوصية والتفرد أصبحا أكثر رواجاً وطلباً في عالم التصميم اليوم، ركزت البيطار على هذا التوجه في أسلوب عمل استوديو التصميم الخاص بها، وتقول: تقوم الفكرة على الإصغاء لأحلام الزبون والحكاية التي يريد من قطع الأثاث أو الهدية المطلوبة أن تخبرها، وتقول: البعض يأتون حاملين ذكرياتهم عن منطقة ما، أو عن مرحلة ما، مثل «قصة أبوظبي في الثمانينات»، فأقوم بالبحث اللازم قبل أن أبني تصميمي، وأعتمد هذا الأسلوب في العمل بتنفيذ القطع لمطلوبة حسب قصة الزبون، لأنني أؤمن بأن البيوت يجب ألا تكون متناسخة ويشبه بعضها بعضاً، فعندما نستسلم للتشابه مع الآخرين نحن نفقد خصوصيتنا، وهذا يطبق أيضاً على خصوصية علاقتنا مع أثاث منازلنا التي نمنحها روحاً وشخصية من خلال هذه القصص».

الصورة
1

أبرز المشاريع

عن أبرز الحكايات التي صممتها تذكر البيطار أن هناك الكثير من المشاريع الخاصة والحكومية، حملت حكايات مميزة، منها مشروع الدرعية الذي كان عبارة عن مجموعة هدايا، وهي عبارة عن صناديق، فركزت في تصميم الصناديق على «قصر سلوى» الشهير في المنطقة، فكان الصندوق يحكي قصة سلوى، وهناك أيضاً مشروع «العُلا» وكان المطلوب صناديق مختلفة، فكان التصميم يحمل تضاريس المنطقة، ونفذته بمجموعة مختلفة من الأخشاب، مستخدمة تقنيات عدة، وخامات متنوعة. وتعتبر مواقع التواصل الاجتماعي من المسارات الهامة لوصول الفكرة، أو المنتج، على حد سواء، وعن دورها في نجاح المشروع، تقول البيطار: «لعبت مواقع التواصل دوراً كبيراً في التسويق لأفكارنا ومنتجاتنا وتحصينها، لدينا صفحة على إنستجرام يمكنني اعتبار أنها صارت أشبه بعائلة، وتعمق هذا التواصل بشكل كبير فترة جائحة «كوفيد-19» حيث كنا جميعاً نعمل من المنزل، وقتها بدأنا نشارك المتابعين مراحل التصميم وإنتاج القطع، وشعرت بأنهم يحبون أن يتعرفوا إلى مراحل العمل، لا أن يروا المنتج النهائي وحسب».

رحلة التصميم

عن رحلة السنوات العشر في عالم التصميم، والتي بدأت من تصميم جلسة أرضية طبية كانت مشروعها للتخرج وأول منتج لديها، تقول البيطار: كانت حكاية حلوة بدأت من تلك الجلسة، وبدأت أصمم منتجات فردية بطلبات خاصة، فالتصميم التالي كان «محراب الصلاة والعبادة»، وبدأت أدخل السوق بطريقة مبتكرة معتمدة على توظيف التقاليد وعناصر التراث في صنع جماليات منازلنا المعاصرة، ثم بدأت أصمم مجموعاتي الخاصة وأحكي القصص من خلالها، واليوم لدينا الكثير من المشاريع ونعمل على التوسع ونشر أفكارنا الخاصة في عالم التصميم، ونثبت مكانتنا كشركة عربية قادرة على تحويل الأفكار والأحلام إلى حقيقية جميلة جداً، وملهمة بأعلى المواصفات العالمية، فلا داعي أن نقصد الماركات العالمية لتنفذ لنا أشياءنا، نحن اليوم قادرون على تقديم الأفضل.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"