عادي

ترسيخ قيمة الاحترام

22:03 مساء
قراءة 3 دقائق

يعتبر د. محمد نجيب عوضين، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في القاهرة، التمسك بالأخلاق الفاضلة والقيم النبيلة من أهم ركائز قيام الدول والحضارات، مؤكداً أنه لا يمكن أن تبنى الحضارات بناء سديداً، وتستقر وتتفوق على غيرها إلا إذا قامت على الأخلاق والقيم، ومن أهمها الاحترام؛ لأنه قيمة إنسانية ودينية، وعندما يسود في المجتمع، يؤدي لزيادة التعاون والتماسك بين أبناء الوطن الواحد.

يقول عوضين: «قيمة الاحترام تغرس لدى الأطفال في سنوات الطفولة الأولى، وهنا يأتي دور الأسرة في تربية الأبناء على احترام الكبير وتقدير الرموز وعدم الإساءة للناس، وتأكيد أن هذا منهج الإسلام وتعاليم حثت عليها الشريعة الإسلامية، والحق سبحانه وتعالى يقول: «كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ» الآية (110) سورة آل عمران. وهناك دور محوري يقع على عاتق المدارس والجامعات والمؤسسات التعليمية في غرس قيمة الاحترام لدى الأطفال والشباب، من خلال الحثّ على التحلي بهذه القيمة النبيلة، وأيضاً من خلال تضمّن المناهج التعليمية للقيم والأخلاق ودورها في بناء الحضارات، وأن يكون احترام الطالب للمعلم هو نقطة انطلاق لغرس هذه الفضيلة في المجتمع».

ويضيف: «المجتمعات تتماسك وتتآلف ويقوى رباطها من خلال احترامها لقيمها، والاحترام من أهم القيم الإنسانية النبيلة التي دعا إليها الإسلام، والتي يتمنى كل إنسان أن ينتسب إليها أو يوصف بها، وحثت الشريعة الإسلامية على التحلي بهذه القيمة في جميع صورها، ومنها احترام الذات بأن يرعى الإنسان مروءته، ويصون نفسه عن فعل ما يعاب عليه، ويجتنب مواطن الريبة. ويقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف: «فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ، وعِرْضِهِ»، وهذا يؤكد أن الخطاب الديني المستنير جزء مهم في نشر الوعي بقيمة الاحترام، ولذلك ينبغي أن تتضمن خطب الجمعة والدروس الدينية والندوات، الحديث عن أهمية الاحترام ودوره في بناء الأمم والحضارات، وبيان مواقف من التاريخ الإسلامي تجسد عظمة هذه القيمة. وتزداد أهمية الاحترام عندما يحترم الإنسان وطنه وكل رموزه، ويحفظ لهم مكانتهم ودورهم؛ لأن المجتمع الذي يوقر الكبير هو المجتمع الذي ينهض ويحقق التنمية والرخاء.

ويشير عوضين إلى أنه من صور الاحترام، احترام المختلف دينياً وعرقياً وثقافياً بصون حقوقه المادية والمعنوية، وجسده وماله وممتلكاته، وحريته وكرامته وعقيدته. ويضيف: «منهج الإسلام في ذلك ينطلق من الآية القرآنية «لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ» الآية (8) سورة الممتحنة.

ومن صور الاحترام أيضاً احترام الكبير سناً أو مقاماً ًوتوقيره، والنبي الكريم صلى الله عليه وسلم يقول: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيُوَقِّرْ كَبِيرَنَا»، كما يقول صلى الله عليه وسلم: «أَنْزِلُوا النَّاسَ مَنَازِلَهُمْ». ومن أرقى صور الاحترام، احترام المعلم وتوقيره والتواضع له والوفاء بحقه؛ لأن الإسلام أعلى قدره وكرمه. ويوضح أن وسائل الإعلام من أهم الجهات القائمة على عملية بناء وعي الأمة، ولذلك ينبغي أن تركز على قيمة الاحترام، فيجد المشاهد والقارئ هذه المعاني في كل الوسائل، وأن تبتعد الحوارات والمناقشات عن الإثارة والتجريح، أو إيذاء مشاعر الناس؛ لأن كل هذه الأمور تؤثر سلباً في المجتمع.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"