سجل مضيء للبحث العلمي الإماراتي

00:22 صباحا
قراءة 3 دقائق

يحتل البحث العلمي أولوية قصوى لدى الدول المتقدمة، فهو المسؤول عن ريادتها في تطور العلوم التطبيقية والتقنية والبيئية والفضائية والإنسانية، لهذا تخصّص له نسبة مهمة من إجمالي الناتج المحلي. ولا تكاد تخلو جامعة من جامعاتها من مراكز البحوث والدراسات. ويُقاس تقدّم الدول حالياً بعدد الأوراق البحثية والأموال التي تصرفها على البحث العلمي. ووفق المؤسسة الوطنية الأمريكية للعلوم، فقد أنتج العالم في 2018 وحده مليونين ونصف المليون بحث، حازت الصين النصيب الأكبر، حيث تجاوز عدد الأبحاث العلمية والهندسية الصينية المنشورة في مجلات علمية حول العالم في 2018 نصف مليون بحث، ما يفسّر اكتساح الصين للعالم في المجال الصناعي المتعدّد.
 ولو نظرنا إلى الدول العربية في مجال البحث العلمي في الفترة ذاتها، ووفق بيانات منظمة المجتمع العلمي العربي (أرسكو)، سنجد أن 22 دولة عربية أنتجت خلال الفترة (2008-2018) حوالي 410 آلاف بحث، بمتوسط 41 ألف بحث في العام، كانت حصة الإمارات 25 ألف بحث بنسبة 6% من المجموع الكلي، وبمتوسط 2500 بحث في العام. 
 ويبدو أن الصورة تغيرت في السنوات اللاحقة، حيث ضاعفت الإمارات إنفاقها على البحث العلمي عدة مرات حتى تجاوزت 1% من دخلها القومي، واحتلت الترتيب 24 عالمياً من حيث النسبة، وفق بيانات منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو)، لتكون الدولة العربية الوحيدة التي وصلت إلى 1.3%، فبعد أن كان حجم الإنفاق العلمي في العام 2014 نحو 2.4 مليار دولار، قفز إلى 5.3 مليار دولار من الناتج المحلي في العام 2018، بحسب بيانات البنك الدولي. وحقّقت الإمارات تقدماً آخر بعد العام 2018، حيث أظهرت الجداول السنوية لمؤشر «نيتشر» لعام 2021 الذي يستخدم قياس «الحصة»، ارتقاء الإمارات أربعة مراكز في قائمة ال50 العالمية، وحافظت على المركز الثاني في حصة البحث العلمي على مستوى الدول العربية، والمركز الخامس على مستوى كل من دول غرب آسيا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
 وكانت دولة الإمارات العربية المتحدة تركّز في السابق على التنمية وتوفير الخدمات التعليمية والصحية وتطوير البنية التحتية، ووجّهت معظم جهودها نحو الجانب التنموي وتأمين الحياة الكريمة لمواطنيها، ولهذا ركزت بحوثها على الجوانب الاجتماعية والمعلوماتية والاقتصادية والسياسية والعسكرية الاستراتيجية، لكنها بعد تثبيت أسس التنمية وركائز النهضة بدأت تتوجه نحو الصناعات المختلفة، ومن بينها صناعات الطاقة والفضاء والتقنيات، فأنشأت مراكز مثل المركز الوطني للمياه والطاقة، ومركز الإمارات للبحوث البيئية والطاقة، أُضيفت إلى مراكز ريادية مهمة مثل مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية، ومراكز أخرى مثل مركز محمد بن راشد للأبحاث الطبية، والمزماة للدراسات والبحوث، والمستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، ومركز الإمارات لأبحاث السعادة، ومركز زايد بن سلطان آل نهيان للعلوم الصحية، ومركز الإمارات لأبحاث التنقّل، ومركز جامعة الإمارات للسياسة العامة والقيادة، ومركز تحليل البيانات الضخمة.
 وترصد تقارير عالمية أحدثها من مجلة «ميدل إيست بنزنس إنتلجنس» تحوّلاً إستراتيجياً ضخماً في الإمارات، لأن تصبح مؤثراً علمياً وتقنياً عالمياً بحلول 2030، كجزء من استراتيجيتها لتصبح واحدة من أكثر الدول إنتاجاً للعلوم والمعرفة.
إن هذا التطوّر في مجال البحث العلمي يواكب الإنجازات التي تحقّقت على مدى نصف قرن من عمر الإمارات، وما كان كل ذلك ليتحقّق لولا إخلاص القيادة الرشيدة وولاء وانتماء شعب الإمارات، وستتواصل الجهود لبناء مستقبل آمن للأجيال الصاعدة لتتحقق أهداف الاستراتيجيات المستدامة.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"