ليس مديحاً.. عقولهم كنوز

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

طبيعة حياتنا المعاصرة والتي باتت تتحكم فيها الآلة بشكل واضح وجلي، فضلاً عن ثورة الاتصالات والتقنيات الحديثة، وما نراه من تعدد مواقع التواصل الاجتماعي، ومعها باتت المعلومات غزيرة ومتتالية، وهذه الحالة تجعل البعض يعتقد بأن ما يستند إليه من علوم ومعارف كفيلة بأن تذلل جميع العقبات التي تواجهه؛ بل تمكنه من التغلب على التحديات والصعاب ببساطة ودون أي تعب ومشقة، وقد ينجح البعض في التغلب على بعض تلك الصعوبات، وصحيح أنه قد ينجح في هذا المضمار أو ذاك، لكن مع كل ما نستند إليه من خبرات ومعارف وعلم، نبقى في حاجة ماسة للنصيحة وللتوجيه، خاصة تلك النصيحة التي تستند إلى سنوات وعقود طوال من الزمن، النصيحة التي تحملها عقول وقلوب الأجداد والآباء والأمهات. هذه الفئة هي التي كدحت طوال حياتها لبناء جيلنا الحالي، وهم الذين وضعونا على مسار العلم والتطور، ولهم الفضل بعد الله، فيما نحن نعيشه، ولا يمكن اعتبارهم أقل من الناحية العقلية أو المعرفية، لأن عقولهم تعتبر بمثابة كنوز من الخبرات والمعارف.
نعم من المتعارف عليه، أن الكثير من العمليات الفسيولوجية لدى الإنسان تتباطأ مع التقدم في السن- للأسف- لكن وفقاً لدراسة نشرت في «Topics in Cognitive Science» تناولت هذا الموضوع، وأقتبس منها: «إن كبار السن لديهم معلومات أكثر بكثير في أدمغتهم مقارنة بالأصغر سناً، لذا فإن استرجاعها بشكل طبيعي يستغرق وقتا أطول. ونوعية المعلومات في الدماغ الأكبر سناً أكثر دقة». وكانت نتائج الدراسة تلخص وتشير إلى أن الشباب قد يكون أداؤهم في اختبارات الأداء المعرفي أسرع، إلا أن كبار السن لديهم «حساسية أكبر للاختلافات الدقيقة». وهذا ما يجعلنا ندرك أن مسألة الحكمة التي يمتلكها كبار السن ليست مجرد مديح أو مجاملة لهم؛ بل هي حقيقة تعود إلى تراكم الخبرات والمواقف التي قاموا بمواجهتها خلال حياتهم.
مهما اعتقدت أنك وصلت من مكانة أو منصب أو علم، تذكر أن استشارة الكبار ستجعلك تنظر إلى أماكن لم تتوقع أنه يجب عليك النظر إليها، وستتوسع مداركك إلى حدود لا يمكنك تصورها، أن الكبار في السن بمثابة الكنوز التي يغفل عنها الجميع، ولا يوجد شيء يجعلهم سعداء أكثر من تقديم نصيحة لأولئك اليافعين في الحياة، فهذا يجعلهم يشعرون بدورهم ومكانتهم التي يستحقونها.
[email protected]
 www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناشرة إماراتية ومؤلفة لقصص الأطفال وروائية. حصلت على بكالوريوس تربية في الطفولة المبكرة ومرحلة ما قبل المدرسة والمرحلة الابتدائية، في عام 2011 من جامعة زايد بدبي. قدمت لمكتبة الطفل أكثر من 37 قصة، ومتخصصة في أدب اليافعين

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"