نشرت مؤسسة العلوم الوطنية الأمريكية مقالًا يصف كيف أن 80 % من أفكارنا اليومية سلبية. إن مثل تلك النسبة تبين لنا حقيقة كيف تفكر عقولنا، وحتى لو أن تلك الأفكار والعواطف السلبية لها خلفيات محتملة وأسباب محددة، إلا أنها في نهاية المطاف تبقى أفكاراً سلبية ماثلة في يومنا.
في معظم الحالات، قد لا نعرف سبب شعورنا بالسوء أو سبب هذه السلبية، النبأ السار هو أن التفكير بشكل سلبي ليس خطأ نحن نرتكبه. إن عقولنا لا تفكر بالشكل الذي يجعلنا سعداء، لأن هدفها الرئيسي وغايتها القصوى هو الحفاظ على سلامتنا، والتأكد من بقائنا على قيد الحياة، حيث لا يهتم العقل بكوننا سعداء أم لا، فمنذ آلاف السنين كان البقاء على قيد الحياة المهمة الرئيسية لعقولنا، وكان أسلافنا أكثر قلقاً بشأن الحفاظ على سلامتهم، لأن الأخطاء الصغيرة قد تؤدي إلى موتهم. ومنذ تلك العصور السالفة، أدى هذا الانحياز السلبي غرضاً مهمّاً في عقولنا هو البقاء على قيد الحياة.
تقول عالمة النفس البريطانية كاثرين مور: «يُعتقد أن التحيز السلبي هو وظيفة تطورية تكيفية، منذ آلاف السنين، تعرض أسلافنا لتهديدات بيئية فورية لم نعد بحاجة للقلق بشأنها، الحيوانات المفترسة على سبيل المثال، وقد لعب المزيد من الانتباه لهذه المحفزات السلبية دوراً مفيداً في البقاء على قيد الحياة».
الحقيقة أن عقولنا لا تزال تفكر بالشكل نفسه، فبدلاً من أن تحمينا من الحيوانات المفترسة وتساعدنا على البقاء، تحاول الآن حمايتنا من جميع أنواع التجارب السلبية، ولهذا السبب، نفكر دائماً بكل خطأ وكل سلبية، وننشغل بالاستعداد جيداً لكل ما نعتقد أنه سوء قد يقع، اليوم أو غداً. الخبر السار هو أنه يمكننا تغيير تلك الطريقة التي نفكر بها، ويكون ذلك بإدراك تام لتصرفاتنا، حيث لا يمكننا أن نوقف كمّ الأفكار السلبية التي يمليها علينا عقلنا، ولكن يمكننا التحكم في ما نقرر، وفي ما نركز عليه.
عندما نستطيع فعلاً التحكم بتلك الأفكار السلبية التي تشكل 80 % من أفكارنا اليومية، حتماً سنستطيع أن نجد السعادة الحقيقية، حيث إن المفهوم الحقيقي للسعادة لا يجب حصره حول ما نملك وما يجب أن يكون، بل يكمن بتحكمنا وتقليصنا التام لتلك الأفكار السلبية اليومية التي تؤثر على تفكيرنا وسعادتنا، وعندها فقط سنملك السعادة الحقيقية.