عادي
وصلت إلى القائمة القصيرة لجائزة الشيخ زايد للكتاب

رجاء ملاح: نؤلف للطفل النائم في قلوبنا

00:11 صباحا
قراءة 4 دقائق
رجاء ملاح

حوار: نجاة الفارس
تقول الكاتبة المغربية رجاء ملّاح التي وصلت قصتها «موعدي مع النور» للقائمة القصيرة لجائزة الشيخ زايد للكتاب، «لا أكتب لأشارك في المسابقات الأدبية لكن أشارك عندما أرى أن عملي يستحق ثقتي واعتزازي بالرسالة الإنسانية التي يحملها»، مبينة أن «موعدي مع النور» مستوحاة من قصة حقيقية، وقد استغرقت كتابتها للقصة سنة ونصف السنة، وقد أعادت كتابة بعض أجزائها أكثر من ستين مرة.

وتضيف رجاء ملّاح ل «الخليج» من أجل كسب ثقة قارئه الصغير، يجب على الكاتب أن يشعره أنهما معاً في رحلة التعلم وأخذ العبر في الحياة، وقالت «نحن نؤلف للطفل النائم في قلوبنا»..

ماذا يمثل لك الوصول للقائمة القصيرة لجائزة الشيخ زايد للكتاب فرع أدب الطفل والناشئة؟

- سبق وأن شاركت في جائزة الشيخ زايد ثلاث مرات في دوراتها الثالثة عشرة والخامسة عشرة والدورة الحالية السادسة عشرة، وصلت فيها على التوالي إلى اللائحة الطويلة بقصتي «أجنحة طائرتي» واللائحة القصيرة بقصة «حديقة الزمرد» والآن اللائحة القصيرة بقصة «موعدي مع النور» رشحتني دار نشر «المؤلف» رغبة منها ومنّي لخوض منافسة أدبية أثق في مصداقيتها ودورها في إثراء الساحة الثقافية، لا أكتب لأشارك في المسابقات الأدبية لكن أشارك عندما أرى أن عملي يستحق ثقتي واعتزازي بالرسالة الإنسانية التي يحملها، «أجنحة طائرتي» تحكي قصة طفل يتيم جعل من أجنحة طائراته الورقية، التي دأب على صنعها، رسائل إلى أبيه فعاش وكأنه يعيش معه رغم غيابه، أما «حديقة الزمرد» فهي حكاية حنين لعذوبة الطفولة في كنف الجدة حنون، و«موعدي مع النور» هي رحلة انتصار للحياة رغم الإعاقة، طبعاً في كل مرة كان يُصنف فيها عملي بالتميز كنت أشعر بسعادة واعتزاز خصوصاً أني أعرج إلى الكتابة من منبر آخر؛ فأنا أعمل في مجال الهندسة المعمارية خلال يومي وأكتب لمتعة الروح أثناء واحات الصفاء وسط زحمة واجباتي اليومية.

1

فكرة

كيف انبثقت فكرة رواية «موعدي مع النور» وكم استغرقت مدة كتابتها؟

- القصة حقيقية؛ إذ كنتُ عن طريق الصدفة أستمع إلى برنامج اجتماعي في المذياع يعتني بمشاكل المستمعين، فكان الموضوع يدور حول فتاة في مقتبل العمل تشكو عسر الحال، ومرضها النادر يفقدها النظر رويداً رويداً، لا أعرف الفتاة لكن وصلتني معاناتها، مأساتها وبؤسها، صوتها كان خافتاً، عباراتها كانت مترددة، حزنها كان حقيقياً، شعرت بأنها منكسرة، ثم ختمت بوحها بسؤال: ما العمل؟ من ينقذني؟ انتهت قصتها، ولكنها لم تنته في أعماقي، وبعد مرور أشهر قليلة، بدأت قصتها تتفاعل في داخلي، بدون تخطيط مني، ووجدت نفسي أرسم حول قصتها حياة كاملة، كتبت وكأني أتحدث إليها، لأقول لها ولغيرها ممن يعانون عاهة، فقراً، أو ألماً، أن الحياة تستحق الكفاح مهما تطلب الأمر، وأن النجاح قرار ينبع من الداخل أولاً.

استغرقت كتابتي للقصة سنة ونصف السنة، أعدت كتابة بعض أجزائها أكثر من ستين مرة لأنقل الواقع من خلال عدسة الكلمات تماماً كشريط فيلم، سأبوح لكم بسرّ، تبدو قصصي قصيرة وبسيطة لكن ما يجهله القارئ أني أعيد كتابتها دون توقف، وقد يستغرق ذلك أشهراً، كلما أعدت قراءتها أعدت الكتابة، أغير الكلمات والمقاطع والأحداث إلى أن تكتمل جمالية السرد بداخلي وتأخذ الجملة وقعها الشعري في أذني، ولديّ قصص ما زلت أعيد كتابتها منذ مرور أكثر من أربع سنوات ولا تزال حبيسة أدراج مكتبي لم أعتقها بعد من بين أناملي.

بريق النور

ما أهم القيم التي أردت إيصالها إلى مَنْ يقرأ الرواية؟

- الأمل، الكفاح، الصبر، التعلم، الحب، العطاء، الحلم...تلك هي القيم التي أريد أن أوصلها لشبابنا اليافعين، أريد أن أقول لهم إن خلال مسيرة حياتهم حتماً سيصادفون عائقاً ما أو مشكلة ما، أريد منهم أن يتذكروا بطلة هذه القصة لتمنحهم إيماناً في قدراتهم وتلهمهم كي ينتصروا لأحلامهم، شخصية القصة عانت فقدان البصر وفراق الأهل والفقر، لكنها كافحت وانتصرت لحلمها.. قد تبدو لنا للوهلة الأولى طفلة مسكينة لا حول ولا قوة لها لكنها ستبهرنا بقوتها، إصرارها وحكمتها رغم صغر سنها لأنها تشّق طريقها نحو تحقيق حلمها بشجاعة نادرة، فلامست نور النجاح رغم مصير الظلام الذي كانت تنتظره.

تحديات

ما أهم التحديات التي واجهتِها أثناء كتابة الرواية ؟

- دائماً تكون تحدياتي مع نفسي أولاً، فلا أحد طلب مني كتابة قصة ولا أحد ينتظر كتاباتي أصلاً، التزامي بالكتابة وتخصيص فترة زمنية لها في حد ذاته تحدٍّ لي وسط التزاماتي كموظفة وكأمّ، قرار الحفاظ على حافز الكتابة هو تحدٍّ يسعدني، التحدي الثاني هو أنني وجدت نفسي مع شخصية لم أعرف عنها شيئاً إلا ما سمعت عن معاناتها عبر الأثير، فخلقت لها قرية وبيئة وأسرة وجلبت لعالمها تفاصيل من وحي خيالي، علمت أنها ستفقد النظر ولازمتها كي لا أتركها وحدها أمام المجهول، صنعت من قوتها مستقبلاً وارتحت فعلياً حين وصلت لبر الأمان.

النسخة الأجمل

ماذا يحتاج الكاتب كي يتمكن من إنجاز عمل جميل في أدب الطفل والناشئة؟

- أؤمن أن ما ينبع من القلب يصل إلى القلب، فالطفل هو النسخة الأجمل من الإنسان، له أحاسيس جياشة وأحلام لا حدود لها، دور الكاتب ومهارته هو أن يستوعب تلك الأحاسيس ويحترم أحلامه بذكاء وحبّ، الكاتب الذكي هو مَنْ يوصل فكرة أو حكمة من خلال حكاية مقنعة وأحداث متناسقة وسرد سلس بكلمات سهلة بعيدة على التسطيح.. فالطفل رغم صغر سنّه له قدرة كبيرة على الاستيعاب، في الوقت نفسه، أن تكتب للطفل هي أن تكتب للطفل النائم في داخل كل منا، مهما وصل بنا العمر فالطفولة هي ما لا يفتعل.. برأيي المتواضع، من أجل كسب ثقة قارئه الصغير، يجب على الكاتب أن يشعره أنهما معاً في رحلة التعلم وأخذ العبر في الحياة.

الصورة
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"