عادي

الخسوف والكسوف

22:37 مساء
قراءة 3 دقائق
3

أ.د. حميد مجول النعيمي *

من فوائد القمر ظاهرتا كسوف الشمس وخسوف القمر، إذ إنهما مصاحبتان لدورانه حول الأرض. وينتج كسوف الشمس عن توسط القمر بين الأرض والشمس حتى يحجب الشمس مدة زمنية محددة، أما خسوف القمر فينتج عن توسط الأرض بين القمر والشمس وينتج عنه إظلام القمر لوقوعه في منطقة ظل الأرض‏.‏ وكسوف الشمس يتكرر في السنة من 2-3 مرات‏، بينما يتكرر خسوف القمر أكثر من 4 مرات في السنة نظراً إلى كبر حجم منطقتي ظل وشبه ظل الأرض بالنسبة لحجم القمر‏،‏ وصغر حجم هاتين المنطقتين للقمر بالنسبة إلى حجم الأرض. ولذلك يرى الخسوف من جميع بقاع الأرض التي يكون فيها فوق الأفق،‏ ويبتدئ على الجانب الشرقي من القمر، لأن القمر يدور حول الأرض من الغرب إلى الشرق،‏ بينما يرى الكسوف من نقاط محددة على سطح الأرض‏.‏

وقد يكون الخسوف كلياً إذا دخل في منطقة الظل التام للأرض، وقد يكون جزئياً إذا دخل في منطقة شبه الظل للأرض.

كذلك فإن الكسوف قد يكون كلياً إذا غطى ظل القمر قرص الشمس كاملاً،‏ وقد يكون جزئياً حين يغطي ظل القمر جزءاً من قرص الشمس‏، وقد يكون حلقياً عندما يكون القمر في أبعد مواضعه عن الأرض (في الأوج) فلا يستطيع ظله أن يغطي قرص الشمس كاملاً،‏ بل يغطي جزءاً من وسطه ويترك الجزء الباقي من الشمس ظاهراً على هيئة حلقة مضيئة‏. ويبتدئ الكسوف على جانب الشمس الغربي، ولا تتجاوز مدة الكسوف الكلي للشمس مدة‏ 7‏ دقائق و48‏ ثانية‏،‏ بينما قد يصل الكسوف الحلقي إلى ‏12‏ دقيقة‏ و24‏ ثانية.‏ والكسوف الكلي نادر الحدوث‏، وعند وقوعه تصطبغ السماء باللون القرمزي قبل بدئها في الإظلام الذي قد يصاحبه شيء من الانخفاض في الحرارة‏.

القمر جرم سماوي صغير، وهو خامس أكبر أقمار كواكب المجموعة الشمسية، فقطره بحدود 3476 كم، أي ربع قطر الأرض تقريباً، وكتلته تساوي 73.6 مليار طن، وكتلة الأرض تعادل 81 مرة أكبر من كتلة القمر، ومعدل بُعْده عن الأرض 385000 كم تقريباً.

لقد أقسم الله بالقمر: «كَلا وَالْقَمَرِ، وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ، وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ، إِنَّهَا لإِحْدَى الْكُبَرِ، نَذِيرًا لِلْبَشَرِ» المدثر 32-36

للقمر علاقات رياضية مهمة بموضوعات تتعلق بالطقس وعدد أيام السنة وما إلى ذلك، فمدة دورانه حول نفسه تعادل مدة دورانه حول الأرض، الأمر الذي يعني أنه كلما يظهر لنا سيبدو بوجه واحد لا يتغير في جميع أنحاء العالم، وتتسبب ظاهرتا المد والجزر في حركة خفيفة للقمر بموجبها يبتعد ويقترب من الأرض بواقع 0.4 سم سنوياً. والظاهرتان ليستا بسبب الجاذبية فحسب وإنما ناتجتان عن العلاقة الزمنية المنتظمة بين جاذبية كل من الشمس والقمر ودوران الأرض حول نفسها، والمد والجزر لا يعنيان ارتفاع وانخفاض منسوب مياه البحر وحدها، فهي تحفظ حركة الأرض المنتظمة، فبغيرها يعتقد الكثير من العلماء أن الأرض وخلال ملايين السنين ستتغير حركتها وتدمر الحياة فيها.

وقد ذكرنا أن قَسَم الله لم يأتِ اعتيادياً؛ بل لأهمية هذا الجرم السماوي الصغير فله فوائد لا تحصى ولا تُعَدّ، فهو الأكثر لمعاناً في السماء بعد الشمس بالرغم من أن سطحه معتم جداً بسبب ظهوره في أطوار مختلفة في السماء ليلاً. ودورته المنتظمة المراحل قد جعلت له على مر العصور القديمة تأثيراً نفسياً وثقافياً مهماً في كل من اللغة والفن والأساطير القديمة، فضلاً عن استخدام حركاته وأطواره في مختلف أنواع التقاويم ومنها التقويم القمري الهجري اعتماداً على الآية الكريمة: «يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ» البقرة 189، ومن خواصه المهمة أيضاً تأثير جاذبيته في الأرض التي تنتج ظاهرتي المد والجزر، التي تؤلف قوتين مديتين على الأرض، ومن خواصه الأخرى ظاهرتا الخسوف والكسوف، وبما أن معدل بعده عن الأرض (384400) كم وتقدر بثلاثين مرة قدر قطر الكرة الأرضية، فإنه يتسبب في أن يبدو القمر أغلب الوقت بنفس حجمه دون تغيير في السماء كما هي الحال مع الشمس، وذلك يسمح للقمر بأن يغطي الشمس بصورة شبه تامة في ظاهرة الكسوف الكلي للشمس، علماً أن القمر يملك غلافاً جوياً رقيقاً للغاية إلى حد يمكن أن نقول إنه معدوم تقريباً.

* مدير جامعة الشارقة

* رئيس الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"