الشارقة: علاء الدين محمود
فرض الأدب الياباني نفسه بقوة في الآونة الأخيرة على المشهد الثقافي والأدبي العالمي، حيث برزت الكثير من الأعمال الروائية والشعرية، وهنالك العديد من الأسماء اللامعة في سماء الأدب الياباني.
ناتسومي سوسيكي (1867 – 1916)، ألمع نجم في سماء الأدب الياباني، وأشهر كاتب رواية في الفترة التي تسمى «ميجي» في اليابان، وهي المرحلة الممتدة من 1868، حتى 1912، ويحمل لقب «رائد الرواية اليابانية»، وهو كذلك باحث في الأدب البريطاني ومؤلف شعر على طريقة «الهايكو»، ومن أشهر أعماله «بوتشان»، و«الضوء والظلام»، و«وسادة من عشب»، و«مدينة العميان»، و«قلوب الناس المعذبة»، ويعني اسم سوسيكي «غير مستعد بِعِناد لتقبل الهزيمة».
أحدث سوسيكي طفرة كبيرة في الأدب الياباني في أوائل القرن العشرين بفضل إجادته لكل من التعلم التقليدي للصينية الكلاسيكية واللغة الإنجليزية العصرية في ذلك الوقت، وفي أعماله الكلاسيكية مثل «كوكورو»، تتصارع الشخصيات مع الآلام المتولدة عن الأنانية والعزلة، وهو المجال الذي برع فيه بقوة.
ولد سوسيكي في مدينة إيدو العاصمة اليابانية قبل تغيير اسمها إلى طوكيو. ومع نهاية عصر إيدو «١٦٠٣ ١٨٦٨»، كانت اليابان تتطور بسرعة وعوضاً عن أن يقوم الأبوان بتربية الطفل سوسيكي بنفسيهما، أرسلاه بعيداً للعيش مع زوجين آخرين كانا صديقين للعائلة، وساهمت مشاعر الوحدة التي اختبرها خلال أيام طفولته القاسية في إكسابه روحاً استقلالية في ما بعد، وبجانب التعليم الأساسي النموذجي الذي تلقاه، قام سوسيكي بدراسة الصينية الكلاسيكية واللغة الإنجليزية في مدارس مكثفة، وعندما أصبح بعمر ١٧ عاماً، التحق بمدرسة تحضيرية تؤهله للدراسة الجامعية، وهناك التقى بماساوكا شيكي الذي سيصبح بعد ذلك شخصية أدبية رئيسية هو الآخر من خلال قيامه بتحديث شعر الهايكو.
كان سوسيكي يكره اللغة الإنجليزية في البداية، وكان يفضل الصينية الكلاسيكية بشكل كبير، وكان يشعر بعشق تجاه الأدب التقليدي الصيني لازمه طوال حياته، وفي عصر كان فيه الكثير من اليابانيين يهجرون النصوص القديمة من أجل دراسة اللغات الأوروبية، تعلم سوسيكي الصينية الكلاسيكية لأنها كانت تذكره بالموروث الفكري خلال عصر إيدو، غير أن اللغة الإنجليزية صارت في ما بعد وتراً رئيسياً عزف عليه سوسيكي وكتب من خلال نغماته ومفرداته العديد من الأعمال.
