عادي

هل حُكِمَ بالإعدام على أسانج؟

22:47 مساء
قراءة 4 دقائق

كتب - المحرر السياسي:
عادت قضية جوليان أسانج مؤسس موقع ويكيليكس لتتصدر عناوين الصحف ووسائل الإعلام العالمية بعد صدور قرار محكمة لندن الجزئية بالموافقة على تسليمه للولايات المتحدة الأمريكية التي تسعى لمحاكمته منذ عام 2010 بتهم تتعلق بتسريب معلومات تضر بالأمن القومي.

جاء قرار المحكمة رغم الجهود المستمرة لفريق محامي الدفاع عن أسانج للحيلولة دون تسليمه بحكم قضائي للولايات المتحدة التي مارست ضغوطاً سياسية مستمرة لم تسفر عن الكثير من النتائج.

فقد وافقت محكمة في لندن مؤخراً، بشكل رسمي على تسليم مؤسس موقع «ويكيليكس»، جوليان بول أسانج، إلى الولايات المتحدة، ما أثار تساؤلات واحتجاجات واسعة من مختلف الأطراف. ونظم بعض أنصاره مسيرة خارج قاعة المحكمة، ووصفوا القرار بأنه «سخيف». وقالت رئيسة تحرير موقع «ويكيليكس»، كريستين هرافسون، أن الخطوة التي اتخذتها الولايات المتحدة وبريطانيا «تعادل حكماً بالإعدام على أسانج».

وتهدف واشنطن من خلال القبض على أسانج إلى إسدال الستار على سلسلة من فضائح الحكومة الأمريكية التي لا تتسامح مع الذين يكشفون عن الحقيقة، سواء كان أسانج، أو إدوارد سنودن، أو بيتر أرنيت، وهو صحفي أمريكي معروف تعرض للفصل من عمله لقوله بصراحة أن الولايات المتحدة «فشلت» في حرب العراق.

باحث عن الحقيقة

يعد جوليان أسانج في نظر أنصاره أحد المناضلين الباحثين بقوة عن الحقيقة. لكنه في نظر منتقديه شخص يبحث عن الشهرة عرّض حياة كثيرين للخطر من خلال نشره كمّاً هائلاً من المعلومات الحساسة.

ويُوصف أسانج من قبل من عملوا معه بأنه شخص متحمس للغاية وفائق الذكاء، ويتمتع بقدرة استثنائية على فك شيفرات برامج الكمبيوتر.

أسس أسانج موقع ويكيليكس عام 2006، وتصدّر عناوين الصحف في أنحاء العالم في إبريل/ نيسان عام 2010 حينما نشر لقطات تظهر جنوداً أمريكيين يقتلون بالرصاص 18 مدنياً من مروحية في العراق. لكن في وقت لاحق من العام نفسه، اعتقلته بريطانيا بعد أن أصدرت السويد مذكرة اعتقال دولية بحقه بسبب اتهامه بالاعتداء الجنسي.

وكانت الحكومة البريطانية قالت إنها لن تسمح له بخروج آمن إلى الإكوادور التي استضافه رئيسها في سفارة بلاده في لندن، إذ إنها ملزمة من الناحية القانونية بتسليمه إلى السويد. وأكدت وزارة الخارجية السويدية أن السبب الوحيد في رغبتها تسلم أسانج هو إمكانية التحقيق بشكل مناسب في الاتهامات الموجهة ضده.

ولد جوليان أسانج في عام 1971 في تاونسفيل بولاية كوينزلاند، شمالي أستراليا، وعاش طفولته في ترحال مع والديه اللذين كانا يديران مسرحاً جوالاً. وقد وفر له تطور الإنترنت فرصة لاستخدام تفوقه في مجال الرياضيات، لكن ذلك بدوره تسبب له بمصاعب.

ففي عام 1995، واجه مع صديق له اتهامات بارتكاب عشرات من أعمال القرصنة الإلكترونية. ودفع أسانج كفالة قدرت بعدة آلاف من الدولارات الأسترالية كي يظل خارج السجن وبشرط عدم تكرار فعلته.

أشرطة فيديو ورسائل سرية

ودخل أسانج دائرة الضوء حينما دافع عن شريط الفيديو إضافة إلى نشر وثائق عسكرية أمريكية سرية عن حربي العراق وأفغانستان. ومنذ ما يقرب من ثلاث سنوات، تحاول «رويترز» التي قتل اثنان من مراسليها في هجوم المروحية، الوصول إلى هذا الفيديو عبر قانون حرية المعلومات الأمريكي، لكنها فشلت.

وفي وقت لاحق، نشر موقع ويكيليكس أيضاً رسائل البريد الإلكتروني التي أرسلها جون بوديستا، المرشح الرئاسي آنذاك ومساعد وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، قبل الانتخابات الرئاسية لعام 2016. وفي ديسمبر/ كانون الأول 2018، نشر الموقع أيضاً قاعدة بيانات قابلة للبحث تضم أكثر من 16000 طلب شراء قدمتها سفارات الولايات المتحدة في جميع أنحاء العالم.

واستمر الموقع في نشر كميات جديدة من الوثائق من بينها خمسة ملايين رسالة بريد إلكتروني سرية من شركة الاستخبارات «ستراتفور»، ومقرها الولايات المتحدة.

وفي يناير/ كانون الثاني 2021 قضت محكمة بريطانية محلية بقيادة فانيسا بارايتسر، بأنه لا يمكن تسليم أسانج إلى الولايات المتحدة بسبب مخاوف بشأن صحته العقلية وإمكانية الانتحار في سجن أمريكي في ظل ظروف احتجاز قاسية. ومع ذلك، تم رفض الإفراج عنه بكفالة وسُمح للمدعين العامين الأمريكيين بالاستئناف الذي قدموه في 15 يناير/ كانون الثاني 2021.

وفي 10 ديسمبر/ كانون الأول 2021، حكمت المحكمة العليا في بريطانيا لمصلحة الولايات المتحدة بعد تأكيدات إدارة جو بايدن بشأن شروط سجن أسانج المحتمل - بأنها لن تحتجزه في أعلى منشأة سجن أمنية، وأنه إذا أدين، فيمكنه أن يقضي عقوبته في موطنه أستراليا إذا طلب ذلك.

وكانت إدارة باراك أوباما بدأت التحقيق في تسريبات تشيلسي مانينغ المتعاونة مع ويكيليكس، والتي أدانتها محكمة عسكرية في يوليو/ تموز 2013، لخرقها قانون التجسس وخضعت لعقوبة سجن مشددة قبل تخفيف الحكم في يناير/ كنون الثاني 2017.

واتخذت الأمور منحى أكثر تشدداً في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، حيث اتهم أسانج بالتعاون في مؤامرة مع مانينغ لاختراق كلمة مرور شبكة وزارة الدفاع من أجل نشر وثائق واتصالات سرية على ويكيليكس في لائحة اتهام موقعة في إبريل/ نيسان 2017. وقد تم الكشف عن هذه التهم في عام 2019.

ولجأ أسانج إلى رئيس الإكوادور السابق رافائيل كوريا للمساعدة، إذ كان الاثنان أعربا في السابق عن آراء متشابهة بشأن الحرية. وخلال مقابلة مع برنامج تلفزيوني على «قناة روسيا اليوم»، أشاد كوريا مراراً بويكيليكس ونشاطها. وكان الرئيس الإكوادوري مد يد العون لأسانج عام 2012، خشية أن يؤدي نشره لوثائق سرية تتعلق بالجيش الأمريكي إلى ترحيله إلى الولايات المتحدة.

هناك فرصة

ومن المنتظر أن تتم إحالة القضية الآن إلى وزيرة الداخلية البريطانية، بريتي باتيل، لاتخاذ قرار بشأنها، وما إذا كانت ستوافق على تسليم مؤسس ويكيليكس إلى واشنطن، غير أنه ما زال أمام محامي الدفاع فرصة لاستئناف الحكم أمام المحكمة العليا.

والجدير بالذكر هنا، أن هذه الخطوة لا تستنفد الخيارات القانونية المتاحة أمام أسانج، الذي سعى على مدى سنوات لتجنب محاكمته في الولايات المتحدة. وسيكون لدى أعضاء فريق أسانج القانوني 4 أسابيع لتقديم طلبهم إلى الوزيرة باتيل.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"