عادي
انتقد الأخلاق والسياسة والشعر والفلسفة

أريستوفانيس.. الكاتب المسرحي صياد الضحك

00:00 صباحا
قراءة دقيقتين
8

القاهرة: «الخليج»

أصدرت الهيئة العامة لقصور الثقافة في مصر «مسرحيات أريستوفانيس» ترجمة أمين سلامة في ثلاثة أجزاء، مع الإشارة إلى أنه لم يصلنا من أعمال هذا الكاتب اليوناني الكبير سوى 11 مسرحية، تتناول حوادث العصر الذي عاش فيه، والشخصيات المعاصرة في أثينا، استعرض فيها جميع الأشياء المألوفة للجمهور، مثيراً فيهم المتعة، ومتحدثاً في الموضوعات المحلية التي يتحدث فيها السكان، وعن الفن والأدب المعاصرين، لا سيما في الأمور السياسية الداخلية والخارجية.

تناول أريستوفانيس ذلك الخليط من الموضوعات المختلفة بروح النقد الصريحة في غير تحيز، منتهزاً فرصة أي شيء يصلح للتهكم، مصوراً الشخصيات الغريبة تصويراً هزلياً، ومهاجماً بشدة كافة النقائص الاجتماعية، مصوراً غرور الشعراء، لا سيما التراجيديين منهم، فكل شيء يقع في شرك ذلك الكوميدي الدرامي، كل ما يثير الضحك، هو صيد ثمين.

كان هدف كوميديا أريستوفانيس المزاح المرح الجريء، الصاخب، ومع ذلك كان هناك دائماً هدف جدي، يكمن وراء ذلك المزاح، إذ كان محافظاً صلباً متعصباً للمذهب القديم، ومن المتفانين إعجاباً بالنظام الأرستقراطي المندثر وقتها، وقد تناول جميع المسائل، لأن آفاق الشاعر الكوميدي في اعتقاده لا حدود لها، فقد كانت رسالته واسعة كأنها الطبيعة البشرية، إنه يخاطب أثينا، المدينة كلها كوحدة واحدة، ونقده كما يتناول الأخلاق يتناول السياسة، وكذلك الشعر والفلسفة.

ما كان لأريستوفانيس أن يتردد في مهاجمة الطقوس والعقائد الوثنية، أياً منها كان يصلح موضوعاً للضحك، أو الطعن، هناك تجده متربصاً في دائرته، والسوط في يده، وقلبه ساخط، يتحفز في غير رحمة ولا اهتمام بسائر الفوارق الاجتماعية، وكان سياسياً تابعاً لحزب الأرستقراطيين، وكان بفطرته يمقت كل شيء يزيد على حده، فيهاجمه أينما عثر عليه سواء بين العظماء أم المتواضعين في هذا العالم.

كان يرمي من وراء نقده للأخلاق إلى الأهداف السامية، فكيف يتطهر الجمهور من أدران الفساد إلا بالرجوع إلى المصادر النزيهة القديمة التي استمدت من الأجيال السابقة، لذلك نجده يضع على المسرح باستمرار ذلك الجيل القوي الذي تدين له أثينا بحريتها وعظمتها، ولم يترك أحداً إلا ناله بحصافته وهزله، وبطبيعة المجتمع الأثيني آنذاك فقد تمتع الشعراء الكوميديون بحقوق لا حد لها في المزاح، ولم نقرأ في التاريخ عن أي فرد من هذه الطبقة استدعي إلى ساحة القضاء للتحقيق في مجهوده الدرامي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"