صندوق مساندة كتّاب وأدباء أوكرانيا

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

مبادرة نبيلة وعالية التثمين بكل المعاني الثقافية ما أعلن، أمس، عن إطلاق صندوق مساندة أدباء أوكرانيا من مكتب الشارقة العاصمة العالمية للكتاب، بالتعاون مع مؤسسة فروتسواف للأدب. والمبادرة ليست غريبة على الأخلاقيات الثقافية الرفيعة لمؤسسات صناعة الإبداع والنشر في الإمارات، وفي الحال، وفي كل مناسبة عربية أو عالمية ذات هوية ثقافية، تسارع الشارقة إلى ترجمة فكرة التضامن الثقافي مع الأفراد والمؤسسات إلى واقع عملي، وبخاصة دعم قطاع النشر.
الحرب في أوكرانيا كارثية في نتائجها اليومية على قطاعات عديدة، اقتصادية واجتماعية وإنسانية، ومن بين هذه النتائج المريرة ما ترتب على الثقافة ومنصّاتها وروافدها العملية واليومية في أوكرانيا؛ الدولة المعروفة بتراثها الأدبي الشعري والروائي والفني التاريخي والعريق في رموزه وظواهره الفكرية والإبداعية.
إن الآداب والفنون والإبداعات الإنسانية الحرّة يُفْتَرض أن تكون دائماً وأبداً بمنأى بعيد كلياً عن الصراعات السياسية وأشكالها المختلفة ذات الطبيعة العنفية والصدامية في أغلب الأحيان.
وبالطبع، وفي أزمان الحروب المأساوية تكثر الضحايا، وليس بالضرورة أن تكون الضحية جثة إنسان قتلته رصاصة أو قذيفة؛ بل الكتب أيضاً هي ضحايا للحروب، وكم من المكتبات ودور النشر، ودور السينما، والمتاحف، والمسارح احترقت هي الأخرى مثل البشر في أفران الحروب القديمة والجديدة.
إننا نرى في مبادرة إطلاق صندوق مساندة أدباء أوكرانيا نموذجاً إماراتياً تضامنياً عميق الإنسانية والشفافية الروحية، وبالضرورة يتسع هذا التضامن للكاتب والأديب والفنان الشاعر أو الروائي أو الموسيقي أو المسرحي أينما كان في أرض الحرب التي لا تفرّق في جنونها بين شاعر وشاعر، أو بين روائي وآخر سواء أكان أوكرانياً أو روسياً أو في أي مكان في العالم.
مكتب الشارقة العاصمة العالمية للكتاب، التقط في هذه المبادرة ما هو إنساني وعالمي، بعيداً كلياً عن جرثومة التسييس والاعتبارات الأيديولوجية أو المؤسساتية النفعية، فالقاعدة هنا والأساس هو الثقافة الإنسانية العالمية القائمة على التكامل والتماثل في القيم والأخلاقيات.
الشاعر الأوكراني الذي يكتب عن التسامح والصداقة والجمال، هو ذاته من حيث الاستقبال والاحتفاء الشاعر الروسي أو العربي أو الإفريقي أو الآسيوي، كأن الحروب توحّد الجوهر الإنساني عند البشر بصرف النظر عن الحدود والصراع والسلاح، تماماً مثلما وحّدت «كورونا» العالم والإنسانية، حين كان الوباء في ذروته الكارثية.
ونعود أخيراً إلى روح هذه المبادرة المساندة للأدباء الأوكران، وتتمثل هذه الروح في ما قالته الشيخة بدور القاسمي، رئيسة الاتحاد الدولي للناشرين: «ضرورة الكلمة المكتوبة في تجاوز تحديات الأوضاع الصعبة والظروف القاسية، والحاجة إلى الكتاب لمدّ جسور التواصل والحوار، وتقليص الفوارق وتحقيق الأمن».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"