عادي

«الليزر» مزحة ثقيلة تغزو الملاعب والنشأة عربية

12:14 مساء
قراءة 7 دقائق
إعداد: معن خليل
أصبحت أقلام الليزر التي تصدر إشعاعات خضراء، الخطر الجديد على كرة القدم، بعدما كثر استخدامها في الملاعب من قبل المشجعين، للتأثير نفسياً في اللاعبين والمدربين المنافسين وحتى الحكام، لتشتيت تركيزهم، وعدم منحهم الفرصة للفوز على فريقهم ان كان من خلال الهجمات أو المواقف الخطرة التي يقومون بها.
كان النجم المصري محمد صلاح آخر ضحايا «الليزر» من اللاعبين المشاهير؛ وذلك خلال تنفيذ ركلات الترجيح في مباراة منتخبي مصر والسنغال؛ حيث وجه الشعاع الأخضر على لاعب ليفربول بكثافة، وبدا وجهه مغطى باللون الأخضر.
لكن ليس صلاح وحده من تعرض لذلك، فلقد سبقه إلى ذلك نجوم كثر كان من بينهم الأرجنتيني ليونيل ميسي، والبرتغالي كريستيانو رونالدو، وهذه الظاهرة إن خفت نوعاً ما في الملاعب الأوروبية، فإنها عادت بقوة خلال تصفيات إفريقيا المؤهلة إلى مونديال 2022، وفي منافسات دوري أبطال إفريقيا الحالية.
خطر جسدي
وليس لليزر الذي أطلق عليه علماء الاجتماع الروس تسمية «المزحة الثقيلة» أي تأثير نفسي في اللاعبين والمدربين والحكام فحسب؛ بل يشكل خطراً جسدياً أيضاً؛ حيث كشفت تقارير طبية أن الشعاع الأخضر الذي يصدر من الأقلام الصغيرة التي في حوزة المشجعين قد تكون لها مضاعفات سلبية للغاية على عيون من توجه لهم؛ إذ إن هذا الضوء المعروف بقوة إضاءته الشديدة يمكن أن تتسبب بسخونة زائدة في نقاط بالعين، ما قد يؤدي إلى أضرار بها وإلى بقعة عمياء فيها.
والخطورة في الأمر أن قلم الليزر الأخضر الذي يعد أقوى من الأحمر وأطول مسافة وأكبر ضرراً ويصل مدى شعاعه ما بين 7 و10 كلم لا يتعدى سعره 150 درهماً، مما يجعله في متناول الجميع.
وقد قام الاتحادان الدولي والأوروبي لكرة القدم في الماضي بإجراءات رادعة لوقف «ليزر المدرجات»، وقد كان الإعلان الأول لـ«ويفا» بشأنه عام 2008 بعدما غرم نادي ليون الفرنسي بسبب حادثة طالت لاعب مانشستر يونايتد السابق البرتغالي كريستيانو رونالدو، أما «فيفا» فلقد تدخل في نفس السنة أيضاً للتحقيق في شكوى قدمتها كوريا الجنوبية بحق مشجعين سعوديين، ثم خلال مونديال 2010 في جنوب إفريقيا الذي سجلت فيه حالة وحيدة خلال مباراة الأرجنتين ونيجيريا في الدور الأول؛ حيث طال الشعاع الأخضر المؤذي مدرب «التانجو» الراحل دييغو مارادونا ونجمها ليونيل ميسي.
نشأة عربية
المفارقة أن الظاهرة كانت نشأتها عربية عام 2007 وتحديداً في الملاعب السعودية وأطلق عليها تسمية «ليزر الدعيع» في إشارة إلى الضوء الأخضر الذي سلط على وجه حارس مرمى نادي الهلال محمد الدعيع خلال مباراة لفريقه في مواجهة غريمه التقليدي النصر.
وتكررت حادثة الدعيع كثيراً بعد ذلك مع أكثر من لاعب آخر في الملاعب السعودية، وكان أكثرها خطراً تحذير «فيفا» للاتحاد السعودي عام 2008 بنقل مباريات دولية خارج أرضه؛ وذلك بعدما تعرض الحارس الكوري لي وون جاي لهجمات بالليزر من قبل مشجعي «الأخضر» خلال لقاء المنتخبين في الرياض ضمن تصفيات مونديال 2010، وأدعى الكوريون يومها أن حارس مرماهم لم يستطع الرؤية لمدة 3 ثوان بعد تسليط الليزر عليه.
دروجبا ورونالدو
وكان العاجي ديديه دروجبا مهاجم تشيلسي الإنجليزي السابق أول من اشتهر بحوادث «الليزر» أوروبياً؛ وذلك خلال مباراة فريقه «البلوز» مع وست هام عام 2008 في الدوري، والتي انتقدها اللاعب بشدة واعترف بتأثيرها عندما قال «من الصعب أن ترى وتتحرك بشكل مريح عندما يوجه الليزر على عينيك».
لكن كريستيانو رونالدو هو أكثر لاعب تعرض لأشعة الليزر إن كان مع فريقيه السابقين مانشستر يونايتد الإنجليزي وريال مدريد الإسباني أو منتخب بلاده البرتغال.
وبدأت قصة رونالدو مع الليزر عام 2008 خلال مباراة مانشستر يونايتد وفريق ليون الفرنسي في دوري أبطال أوروبا؛ حيث سلط عليه بعض من مشجعي الأخير الشعاع الأخضر مما استدعى تدخل إدارة «الشياطين الحمر» التي تقدمت بشكوى إلى الاتحاد الأوروبي لكرة القدم «ويفا» الذي أصدر غرامات قياسية في ذلك الوقت بحق ليون بلغت 4 آلاف يورو.
ولم يتوقف الليزر في مواجهة رونالدو؛ حيث طارده حتى عندما انتقل إلى ريال مدريد عام 2009 وكانت الحادثة الأبرز في ملعب «الكامب نو» خلال المباراة أمام برشلونة في أول «كلاسيكو» يخوضه النجم البرتغالي عندما لاحقه الليزر خلال تنفيذه للركلات الثابتة الحرة أو خلال قربه من مرمى الحارس فيكتور فالديز؛ وذلك لتشتيت تركيزه.
هذه الحادثة التي كانت ظاهرة جديدة في ذلك الوقت في الملاعب الإسبانية جعلت صحيفة «الماركا» الشهيرة تخرج بغلاف حمل صورة النجم البرتغالي وتظهر أشعة الليزر تضرب وجهه وكتبت عنوان «رونالدو كاد يتعرض للعمى»، وقد أجرت مقابلة مع الدكتور فيليكس أرمادا المسؤول في مستشفى لاباز في العاصمة مدريد الذي أشار إلى أن «هذا النوع من الليزر بالتحديد قد يكون حارقاً للغاية للخلايا ويمنعها من التجدد»، مؤكداً أن «التعرض لها بشكل مكثف قد يسبب نتائج خطرة، لاسيما عندما تصل إلى منطقة حساسة مثل العين؛ حيث تؤدي إلى انعدام الرؤية للحظات».
استفزاز بوسني
وعاد رونالدو ليواجه الليزر في ملعب «فيلودروم» الخاص بنادي مرسيليا الفرنسي في مباراة ضمن دوري أبطال أوروبا؛ حيث يعرف عن مشجعي الأخير أنهم عدائيون جداً، وسبق لهم أن تعرض فريقهم لعقوبات بسبب الليزر الذي أطلقوه على لاعبي الفرق الزائرة، ولاسيما أياكس أمستردام الهولندي خلال كأس الاتحاد الأوروبي ومانشستر يونايتد في دوري الأبطال وباريس سان جيرمان في الدوري المحلي.
وتكرر نفس الأمر مع رونالدو خلال لقاء مع ريال مورسيا الإسباني في مسابقة كأس الملك وكذلك أمام أتلتيكو مدريد، ولم يسلم كذلك من الليزر حتى عندما كان في صفوف منتخب البرتغال وكانت الحادثة الأبرز معه خلال تواجده في مباراة بمواجهة البوسنة في تصفيات كأس أوروبا 2012؛ حيث هاجمته الجماهير بأقلام الليزر بكثرة، فما كان من اللاعب إلا أن وجه إشارة نابية تجاه المشجعين التي حاولت استفزازه وقد نجحت بذلك.
حرب الليزر
وإذا كان ليونيل ميسي ورونالدو تنازعا سابقاً على لقب أفضل لاعب في العالم، فإنه من المفارقات أنهما تنافسا أيضاً على «الشعاع الأخضر» بعدما تشارك النجم الأرجنتيني مع البرتغالي في نسبة الاعتداءات التي تعرضا لها من الجماهير.
وقد ردت جماهير ريال مدريد في الماضي على اعتداء مشجعي برشلونة تجاه محبوبهم رونالدو بالمثل عندما هاجموا ميسي بالليزر في كل مرة كان الفريق الكتالوني يحل ضيفاً على ملعب «سنتياجو برنابيو»، في ما سمي بالصحف الإسبانية «حرب الليزر» لأنها طالت أيضاً مدربي الفريقين السابقين مورينيو وجوارديولا.
وكانت بطولة دوري أبطال أوروبا تعد في السابق أكثر البطولات القارية تعرضاً لهجمات الليزر من قبل المشجعين خلال مبارياتها، ولقد أضيفت إلى أحداثها السابقة، ما قام به جمهور رابيد فيينا النمساوي تجاه حارس مرمى شتوتجارت الألماني السابق ينز ليمان.
ردع وغرامات
وتتخذ الاتحادات الوطنية لكرة القدم إجراءات رادعة في مواجهة هذه الظاهرة من دون أن تحد منها؛ حيث سبق للاتحاد الإيطالي أن فرض عقوبات مالية على جمهور نابولي الذي وجه الليزر صوب وجه حارس مرمى نادي ميلان السابق البرازيلي ديدا في لقاء بينهما بالدوري المحلي، ثم عاقب جمهور ميلان بمبلغ 20 ألف يورو بعدما وجه الليزر على عين لاعب إنتر ميلان الهولندي ويسلي سنايدر في لقاء «الديربي» الذي أقيم عام 2011، قبل أن يعود ويغرم إنتر ميلان بسبب تصرفات جماهيره المماثلة تجاه لاعب ميلان ماريو بالوتيلي.
أما الاتحاد الإسباني فلقد منع عام 2011 تحت وطأة الهجمات التي تعرض لها رونالدو ومن ثم ميسي وجود الليزر في المدرجات، وأصدر قراراً بتغريم الشخص المخالف 4 آلاف يورو وهي واحدة من أكبر الغرامات التي تفرض على مشجع في إسبانيا.
العدوى انتقلت أيضاً إلى آسيا وكانت أبرز حوادثها في 26 ديسمبر/ كانون الأول عام 2010 حين تعطلت المباراة التي أقيمت في كوالالمبور بين إندونيسيا وماليزيا لمدة 8 دقائق، بعدما اشتكى لاعبو إندونيسيا للحكم من ضعف الرؤية بسبب توجيه الشعاع الأخضر تجاههم من قبل الجمهور الماليزي.
إهدار فرص
وقد تسهم أقلام الليزر في إضاعة أهداف محققة بالفعل عندما توجه باتجاه اللاعبين المنافسين وقد كشفت صحيفة «التوتو سبورت» الإيطالية أن اللاعب السابق ليوفنتوس البرازيلي السابق دييجو أكد لها أن الأشعة الخضراء التي أرسلها نحوه جمهور نادي باري تسببت في إهداره لركلة جزاء سددها فوق العارضة خلال لقاء الأخير مع فريقه السابق يوفنتوس.
كما أدعى كلاوديو لوتيتو رئيس نادي لاتسيو الإيطالي أن فريقه خسر مباراة «الديربي» مع غريمه روما عام 2011 بسبب أضواء الليزر التي وجهها جمهور الفريق المنافس على عيني حارس المرمى موسيلرا خلال تنفيذ فرانشيسكو توتي نجم «الذئاب» السابق لركلة حرة ومن ثم ركلة جزاء، مما أخل في تركيز الحارس.
وفي عام 2011 أيضاً أهدر ماريو جوميز ركلة جزاء خلال مباراة لفريقه السابق بايرن ميونيخ الألماني في مواجهة نابولي ضمن دوري أبطال أوروبا؛ حيث سدد الكرة ضعيفة وتصدى لها الحارس مورجان سانسيتس تحت تأثير وتشويش الليزر الأخضر المرسل من قبل المشجعين، وتكرر الأمر في الدوري السعودي عندما أهدر لاعب النادي الأهلي السابق البرازيلي فيكتور سيموس ركلة جزاء تصدى لها حارس الاتحاد علي مزيدي.
عقوبات على الأردن
وكانت الملاعب الأردنية شهدت سابقاً استخدام جمهورها لأقلام الليزر بكثرة خلال مباريات منتخب بلاده لكرة القدم مع الفرق الزائرة، وقد كثرت حالاتها خلال تصفيات مونديال 2014، وأهمها في مباراة اليابان التي أقيمت في عمّان وفاز فيها «النشامى» 2-1 وقد اعترض الاتحاد الياباني وأرسل شكواه إلى «فيفا» بحجة أن أشعة الليزر وجهت إلى وجوه بعض لاعبيه.
وفي المباراة مع منتخب سلطنة عُمان ضمن تصفيات المونديال أيضاً فرض «فيفا» غرامة مالية على الاتحاد الأردني بلغت 33 ألف فرانك سويسري، بسبب استعمال الليزر من قبل المشجعين.
وحذر «فيفا» الأردن من خطورة قيام مشجعيه باستعمال أقلام الليزر مستقبلاً وهدده بعدم إقامة مباريات رسمية على ملاعبه.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"