مجلات للنساء

00:26 صباحا
قراءة دقيقتين

د. حسن مدن

لا يوافق الجميع على تقسيم الأدب حسب جنس كاتبه. ولطالما أثار تعبير، أو مفهوم، الأدب النسوي، سجالاً كبيراً بين من يتبناه ويدافع عنه انطلاقاً من اعتقاد هؤلاء بخصوصية نسائية تنعكس في ما تكتبه النساء الأديبات من أدب، ويعززون رأيهم هذا بالقول إن المرأة الأديبة قادرة على ولوج عالم الأنثى والإمساك بتفاصيل تخصّها وحدها، يعجز الكاتب الرجل عنها، بل إن هناك من ذهب إلى أبعد من ذلك فقال إن المرأة قادرة على فهم الرجل أكثر من قدرته هو على فهم نفسه. وبالمقابل هناك من وقفوا بقوة ضد مفهوم الأدب النسوي هذا، ورأوا فيه ضرباً من ضروب التمييز ضد المرأة، حتى لو بدا، في ظاهره، في بعض الأحوال على الأقل، انتصاراً للمرأة.
أيصحّ نقل هذا السجال إلى مجال الصحافة، فنتحدث عن صحافة نسوية أو صحافة خاصة بالنساء تختلف عن الصحافة في إطارها العام الذي يفترض أن خطابها موجه إلى الجميع، نساء كانوا أو رجالاً، وأن قضايا المرأة يجب أن تجد الحيز اللائق بها في هذه الصحافة، كون هذه القضايا مجتمعية بطبيعتها ولا تخصّ النساء وحدهن، بما لها من أبعاد اجتماعية واقتصادية وقانونية وما إلى ذلك، أخذاً بعين الاعتبار عدد النساء الصحفيات اللائي يعملن في هذه الصحف، بل إن بعضهن يتبوأن مواقع متقدمة في إدارتها وتحريرها؟
أياً كان الرأي الذي سنستقر عليه في هذا، علينا الإقرار بوجود عدد غير قليل من المجلات في مختلف بلدان العالم موجهة إلى النساء، وحتى أسماء هذه المجلات مؤنثة، ويُعنى هذا النوع من المجلات بعوالم هي أقرب بطبيعتها إلى المرأة، ولا يمكن للباحث المتقصي أن يغفل الفرق في طبيعة ما ينشر في هذه المجلات من محتوى، فإذا كان بعضها يعتني بجوهر قضية المرأة نفسها، كقضية مجتمعية بكل ما لها من أبعاد، فإن بعضها الآخر يعنى بتفاصيل قد تكرّس الصورة النمطية للمرأة.
في مقالٍ قديم للباحثة خالدة سعيد يعود إلى مطلع ستينات القرن العشرين تناولت بواكير الصحافة النسائية العربية، وقد يندهش البعض منا حين يقرأ في هذا المقال أن تلك البواكير تعود إلى نهايات القرن التاسع عشر، وطبيعي أن تكون مصر بالذات هي الحاضنة لأول مجلة نسائية عربية كان اسمها «الفتاة»، أما من أصدرتها فهي آنسة لبنانية اسمها هند نوفل، وحسب التعريف الذي قدّمته خالدة سعيد لطبيعة هذه المجلة، حيث قالت إنها «شهرية تعنى بالشؤون الأدبية والتاريخية والفكاهة»، نفهم أنها لم تكن، إذن، موجهة للمرأة وحدها وإنما ل«كل الأسرة»، وهو اسم المجلة التي تصدرها دار «الخليج» بالشارقة منذ عقود.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"