عادي

الملاريا يطل بوجهه القبيح

22:34 مساء
قراءة دقيقتين
1

د. منى تهلك

الجهد الدولي في مكافحة الأمراض والتعاون للقضاء على الأوبئة يؤتيان ثمارهما، ويحققان نتائج صحية من السلامة والتعافي. وتتضح أهمية هذا الجهد الدولي والتنسيق العالمي في الكثير من الأمراض الفتاكة التي كانت تؤدي لوفيات هائلة على مستوى العالم، إلا أن التعاون العالمي وتبادل المعلومات حولها وكيفية الوقاية منها إما باللقاحات أو من خلال مساعدة الدول المتعثرة في مجال التنمية على دعم جهازها الصحي بالعلاجات والإرشادات وإجراءات السلامة والوقاية، ساهما دون شك في الحد من تلك الأمراض ومن انتشارها وبالتالي انخفضت الإصابات والوفيات.

من تلك الأمراض التي لها تواجد في تاريخ البشرية منذ القدم وحتى عصرنا الحاضر، وكان هذا التواجد محملاً بالويلات المؤلمة والقاسية، وذهب بسببها ملايين الضحايا من الناس، الملاريا، ومنشأه مرض حيواني، لكنه شديد الانتشار ويسبب العدوى للإنسان ثم الوفاة. وقد وُجدت آثار ومراجع تاريخية في الصين يعود عمرها لنحو 2700 عام قبل الميلاد، تتحدث عن الملاريا، من هنا نفهم لماذا الأطباء في مختلف أرجاء العالم ولمئات السنين كان هدفهم الرئيسي إيجاد العلاج وفهم الطرق والأساليب للوقاية من الملاريا، وهذا الهدف كان عاماً، لأنه كمرض سجل تواجده في كل مكان من أرجاء العالم دون استثناء.

اليوم الملاريا، الذي كان طاعوناً يضرب الشعوب والمجتمعات، ويسبب الملايين من الوفيات، تمت محاصرته، وتتزايد الدول التي تعلن القضاء النهائي عليه، بفضل الوقاية والعلاجات والأمصال، لكن هناك دول تعاني تعثراً تنموياً وضعفاً في جهازها الصحي وبالتالي تدهوراً في الخدمات الطبية، وتتركز بعض هذه الدول في القارة الإفريقية، حيث أعلنت منظمة الصحة العالمية أن بعض دولها تشكل 95 % من حالات الإصابة بالملاريا، بل إن أحدث تقرير للمنظمة يبيّن أن هناك زيادة في عدد الإصابات تقدر ب 14 مليون حالة إصابة عن العقد الماضي، ليصبح العدد الإجمالي 241 مليون حالة إصابة بالملاريا. وتعود هذه الزيادة إلى تعطل خدمات الوقاية والتشخيص والعلاج خلال جائحة «كوفيد-19». وكما هو ماثل، فإن المنجزات التي حققتها البشرية طوال عقود طويلة، وبفضل الله، ثم جهود العلماء والأطباء للقضاء على هذا المرض الفتاك، تواجه تحديات كبيرة وجسيمة، ليس في معركة الإنسان مع الملاريا وحسب، وإنما في مختلف الأمراض والأوبئة، التي تسبب الوفيات للملايين من الناس. وهذا يوضح الحاجة الماسة للمزيد من التعاون الدولي واستمراره، وتكاتف الجهود، للوقاية حتى من تلك الأمراض التي كنا نعتقد أنه تم القضاء عليها ونجحنا في استئصالها.

استشاري أمراض نساء وولادة

مدير تنفيذي مستشفى لطيفة

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"