عادي
مديرو جامعات يدعون إلى الموازنة بين الدراسة والحياة الاجتماعية

طلبة يعتادون إدمان «الإنترنت» بسبب «كورونا»

00:04 صباحا
قراءة 6 دقائق
طلاب جامعة خلال يوم دراسي عبر الأجهزة الذكية

تحقيق: عبد الرحمن سعيد

قبل سنوات قليلة كان استخدام «الإنترنت» ليس إلا وسيلة ترفيه فقط، ومن ثم تشعبت حتى أصبحت معتمدة في الجامعات والجهات والمؤسسات في إنجاز أعمالها، حتى وصلنا إلى زمن فيروس «كورونا» وما بعده، حيث أصبح العمل والتعليم «عن بُعد» ضمن الإجراءات الوقائية والاحترازية التي اتخذتها الإمارات ومختلف دول العالم، للحدّ من انتشار الفيروس، ما جعل «الإنترنت» ركيزة وعادة أساسية في حياة الجميع، لا يمكن الاستغناء عنه.

ولكن غير الواضح للكثير، أن «الإنترنت» سلاح ذو حدين يمكنها أن تؤثر إيجابا أو سلباً بحسب استخدامنا له بالطريقة الصحيحة فنجني ثمارها، أو بالطريقة الخاطئة فتترتب عليها الكثير من المشكلات السلوكية والأمراض النفسية والعضوية.

«الخليج» التقت عدداً من المعنيين من مختلف الأطراف، تحدثوا عن هذه الظاهرة، حيث دعا عدد من مديري الجامعات في أبوظبي، الطلبة إلى اتباع نظام صحي والراحة والموازنة بين الدراسة عن بُعد وحياتهم الاجتماعية، بأخذ قسط من الراحة بين المحاضرات الرقمية، وعدم الإفراط في استخدام «الإنترنت»، مؤكدين أن عدد ساعات الدراسة اليومية التي تحددها الجامعات لدراسة الطالب تبلغ نحو 4 ساعات ونصف الساعة حداً أقصى. الاستهلاك المفرط

المركز الوطني للتأهيل في أبوظبي، يؤكد أنه عمل ومازال يعمل على إعداد مواد توعية موجهة إلى الجميع، وبالتركيز على الشباب تهدف إلى التثقيف بالمضاعفات الصحية والنفسية والسلوكية المرتبطة بالاستهلاك المفرط للألعاب الإلكترونية و«الإنترنت»، حيث يهدف المركز إلى نشر الوعي بهذه الظاهرة عبر مواقع التواصل والأفلام التوعوية القصيرة، تزامناً مع أوضاع «كورونا».

ويوضح المركز أنه يجب التفريق بين استخدام الأجهزة الذكية والحواسيب لإنجاز الأعمال والمهمات، واستخدامها للترفيه والتسلية، وتأثيراتها في الصحة الجسدية والنفسية، حيث إنه من المعروف أن قضاء ساعات طويلة بالجلوس أمام هذه الأجهزة له مضار على الصحة الجسدية، بتأثيرها في البصر والظهر والمفاصل والعضلات وحتى الأعصاب، لذلك ننصح باتباع وضعيات جلوس صحية، وتعديل وضع الجلوس كل نصف ساعة، والقيام والحركة كل ساعة إلى ساعة ونصف الساعة، وممارسة الرياضة بانتظام.

التحكم بالذات

أما بالنسبة لمن يعتمد على «الإنترنت» للترفيه والتسلية، فيبين المركز أن التصنيف الدولي للأمراض (في المراجعة الحادية عشرة (ICD-11) المعتمد من منظمة الصحة العالمية يعرف اضطراب ممارسة («الألعاب الرقمية» أو «ألعاب الفيديو») على أنها ضعف في التحكم بالذات، ما يزيد من الأولوية المعطاة للألعاب على الأنشطة الحياتية الأخرى، لدرجة أن الألعاب لها الأسبقية على الاهتمامات والأنشطة اليومية الأخرى، واستمرار أو تصعيد الألعاب، على الرغم من حدوث عواقب سلبية صحية، نفسية، واجتماعية.

ويشير إلى أنه لتشخيص اضطراب ممارسة الألعاب، يجب أن يكون من أخصائي صحي (نفسي) مؤهل لتشخيص هذا النوع من الاضطرابات.

وينصح المركز بتنظيم استخدام «الإنترنت» والأجهزة الذكية وتقليل الساعات التي يجلس فيها الفرد أمامها، وممارسة نشاطات أخرى كالرياضة والقراءة والألعاب التقليدية مع العائلة وأي نشاطات أخرى مفيدة، ولا تتطلب استخدام أي نوع من الأجهزة الإلكترونية.

التحفيز الذاتي

ويقول البروفيسور وقار أحمد، مدير «جامعة أبوظبي»: قد يزيد التعلم عن بُعد، ساعات استخدام الهاتف الذكي والأجهزة الإلكترونية لأغراض التعليم إلى جانب استخداماتها الأخرى، إلا أن هناك طرائق يمكنها المحافظة على صحة الطلبة والحدّ من أي آثار محتملة لاستخدام «الإنترنت»، ومنها تخطيط الوقت واتباع نظام صحي والراحة والموازنة بين الدراسة والحياة الاجتماعية، ويتطلب تحقيق أعلى مستويات الاستفادة من التعلم عن بُعد، الالتزام والتخطيط والتحفيز الذاتي، لذا ننصح طلبتنا دوماً بأخذ قسط من الراحة بين المحاضرات الرقمية. كما ننصحهم بالحفاظ على نظام غذائي صحي وممارسة النشاط البدني، وشرب كميات كافية من الماء، للتمتع بالصحة. وننصح طلبتنا دوماً بعدم استخدام «الإنترنت» لمدة لا تقل عن ساعة أو ساعتين قبل الخلود للنوم.

ويضيف: عدد ساعات الدراسة اليومية التي تحددها الجامعة لدراسة الطالب تبلغ نحو 4 ساعات ونصف الساعة حداً أقصى، ونشجع أولياء الأمور على تحفيز أبنائهم على التحرك بنشاط وقضاء وقت مع الأسرة والحديث معهم، بدلاً من الانشغال في النظر إلى الشاشات طوال الوقت، حيث يتعين على الطلبة البقاء على تواصل مع الآخرين لسلامة حياتهم الاجتماعية، ومن هنا، نحرص على تحفيز الطلبة على التواصل عبر مجالس الطلبة والنوادي الطلابية والمشروعات الجماعية.

ويشير إلى أن مكتب الأنشطة الرياضية والصحة في الجامعة يعمل على إشراك الطلبة في عدد من الأنشطة بتنظيم ثلاث بطولات رقمية، ومقاطع فيديو لتمارين رياضية تنشر في مجتمع الجامعة، ويواصل المكتب تدريب الفرق الرياضية رقمياً بتقديم 70 لقاء تدريبياً مع لاعبين من فرق كرة السلة وكرة القدم. وقدّمت الجامعة خاصية «Stallions Chat» التي تعقد بها لقاءات جماعية مع محترفين رياضيين من مختلف أنحاء العالم.

ويوضح أنه من جهة أخرى، يقدم قسم شؤون الطلبة في الجامعة الدعم اللازم للطلبة لمساعدتهم على تحقيق توازن مثالي في حياتهم، ففضلاً عن الأنشطة الاجتماعية، نقدم للطلبة أنشطة رياضة ولياقة بدنية عن بُعد.

الوعي الكافي

ويقول مبارك سعيد البريكي، رئيس قسم التطوير بجامعة نيويورك أبوظبي: انتشر «الإنترنت» في مختلف مجالات حياتنا العملية والتعليمية وحتى الصحية والاجتماعية، ولكن على الرغم من هذا الانتشار الهائل والمميزات الكثيرة، فإن هناك آثاراً سلبية كثيرة. موضحاً أن أغلب الآثار السلبية تعود على الشباب، لعدم الوعي الكافي والاستهلاك المفرط ل«الإنترنت» دون الدراية بمدى الضرر الذي قد يعود عليهم.

ويشير إلى أن أوقات الدراسة عن بُعد في الجامعة لا تزيد على 4 ساعات ونصف الساعة يومياً لكل طالب، وهذا الوقت حدّد بناء على تقييم شامل وكامل من خبراء صحيين وتقنيين، أكدوا أن هذه المدة لا تؤثر كثيراً في الطلبة، بل إنها تكاد تكون كافية لاستهلاك «الإنترنت» اليومي.

ويلفت إلى أن معدل الدراسة يستغرق من الطالب حضور 4 حصص يومية، تستغرق الواحدة ساعة واحدة، وأحياناً ساعة ونصف الساعة، مع العلم أن عدد ساعات الدراسة داخل الحرم الجامعي، كانت أكثر من ذلك، ولكن مراعاة لصحة الطلاب قلّصت أوقات الدراسة.

ويوضح أن الجامعة دائماً تحثّ الطلبة خلال الورش والدورات التدريبية، على الاكتفاء بأقل مدة ممكنة لاستخدام «الإنترنت» وتقليل الساعات التي يجلسون فيها أمامها، فضلاً عن دعوتهم لممارسة الرياضة وتكوين جسم صحي، أفضل من الجلوس أمام الشاشات، أو ممارسة الألعاب التقليدية مع الأسرة وأي نشاطات أخرى مفيدة ولا تتطلب استخدام أي نوع من الأجهزة الإلكترونية.

ثقافة توعية

ويؤكد الدكتور غالب الرفاعي، رئيس جامعة العين، حرص الجامعة على إطلاق المبادرات والحملات التي تسهم في تعزيز التوعية، بالاستخدام الصحيح ل«الإنترنت» والهواتف الذكية، والابتكارات والمشاريع الطلابية في هذا المجال التي تستهدف الشباب ومستخدمي الهواتف أثناء القيادة، بشكل خاص. كما أنها تحرص على التعاون المستمر مع مختلف الجهات لخلق ثقافة توعية لدى الجميع.

ويوضح أن عدد ساعات الدارسة اليومية التي تحددها الجامعة تعتمد على الجدول الدراسي لكل طالب في كل كلية، حيث يكون متوسط المحاضرات ما بين 1 إلى 4 محاضرات، وتراوح المحاضرة بين ساعة وساعة ونصف.

ويقول إنه على الرغم من الإيجابيات الكبيرة للإنترنت، فإن الاستخدام المفرط أو «إدمان الإنترنت» يقود إلى سلبيات عدّة، ويهدد سلامة الإنسان من حيث النواحي الصحية وفي بعض الأحيان تؤدي للانعزال عن المجتمع المحيط، وأن التفكك الأسري وأوقات الفراغ، قد تتسبب في انشغال الأفراد بالجلوس وراء شاشات الحاسوب، أو الأجهزة النقّالة للهروب من الواقع وتمضية الوقت.

ويوصي الرفاعي بضرورة اتخاذ التدابير اللازمة لتفادي الوقوع في فخ الإدمان، مشيراً إلى أن أولياء الأمور تقع على عواتقهم مسؤولية مراقبة أبنائهم، وتقديم النصح والإرشاد لهم. داعياً الجميع للتقليل من استخدام الشبكة العنكبوتية، والحفاظ على صحتهم.

أمراض مختلفة

«ما يزيد عن حدّه ينقلب ضدّه» هكذا خاطبنا ناصر محمد الريامي، أخصائي نفسي في «مدينة الشيخ خليفة الطبية» في أبوظبي، حيث يقول إن الجلوس مطولاً أمام شاشات الكمبيوتر أو استخدام الهواتف المحمولة ليس له علاقة بالأمراض النفسية، بل إنه مسؤول عن أمراض مختلفة غير نفسية، كما يسبب الكسل وله تأثيرات اجتماعية، حيث إنه من الممكن أن يصبح الشخص انطوائياً، الأمر الذي يجعل استخدام «الإنترنت» سلاحاً ذا حدين يجب علينا أن نحسن استخدامه.

ويؤكد أنه يجب أن يتحرّك الطالب الجامعي أو المستخدم بشكل عام، ويغيّر وضع الجلوس كل ساعة، مدة لا تقل عن 10 دقائق.

تنظيم الوقت

ويقول الطالب عبد الهادي الأحبابي، من إحدى الجامعات الخاصة، إنه لم يواجه أي مشاكل مع آليات التعلم عن بُعد، بتنظيم وقته وتخصيص عدد ساعات للتعليم، وأخرى لممارسة الرياضة والجلوس مع أفراد الأسرة.

ممارسة الرياضة

أما الطالب عمر اليعقوبي، من إحدى الجامعات الخاصة، فيقول إن أوقات الدراسة التي تحددها الجامعة لنا تبلغ 4 ساعات حداً أقصى، وهو معدل طبيعي لإنجاز المهام التي نكلف بها، ودائماً أحرص على تغيير النشاط والاستغناء عن استخدام «الإنترنت» أغلب عدد ساعات اليوم، حيث أمارس الرياضة والجلوس مع الأهل.

إهدار الوقت

ويقول الطالب علي هاني، من جامعة خاصة في أبوظبي «أنظم يومي بين عدد ساعات الدراسة المحددة التي تبلغ 4 ساعات، وممارسة الرياضة والكتابة والقراءة، كي أزداد ثقافة، أفضل من استخدام «الإنترنت»، وإهدار الوقت في الألعاب الإلكترونية».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"