الأموال وسيلة

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

المال عصب الحياة، وليس وسخ الدنيا كما يقال، والمال عماد القوة، وليس كما يتم ترديده مجلبة للمرض والهم. بالمال نحصل على الغذاء والمأوى، وبالمال نتعلم ونرتقي ونتطور، وبالمال نجد العلاج والرعاية، ونحقق بواسطته الرفاه والاستقرار. المال نعمة بالغة وعظيمة، المال هو من يحرك الحياة، ومن يقود البشرية نحو العمل والإنتاج.
إن وضعنا مثل هذه الكلمات في إطارها الصحيح، وفكرنا بدقة ومنطقية، سنجد أن وظيفة المال سعادتنا، البعض يستخدم هذه الوسيلة المادية بطريقة خاطئة، هذا شأنه، والبعض يعطي هذه الوسيلة المادية أكبر من حجمها وتصبح هي رقم واحد في حياته، هذه مشكلته، لكن يبقى المال نبضاً وقوة وسعادة، لمن يتحكم به، وليس العكس، حيث يصبح المال هو المتحكم.
يبقى المال قوة لمن يستطيع الموازنة، ويأخذ منه الحاجة بدقة دون بخل أو نهم وتسخير الوقت والحياة والجهد لتحصيله. نحن نعمل في وظائف تدر علينا مداخيل شهرية، والبعض يعمل في التجارة ويسعى للكسب، والهدف في المجمل هو تحقيق المكاسب المالية. ولا يوجد أي مشكلة، في السعي والبحث عن تحصيل وكسب المال، بل المشكلة تكمن في أن تستمر هذه العملية حتى تهيمن، وتكون هي كل الحياة. وقد سمع البعض منا الكثير من القصص عمن فرط في تماسك أسرته أمام سعيه المستمر والمتواصل لجني الأموال، مع أنه ثري ويملك موارد متعددة، لكن شغفه ونهمه لم يتوقف، وانعدم التوازن الإيجابي لديه. ولعله كسب المال، لكنه خسر العائلة والصحب والمقربين.
يقول الكاتب والفيلسوف جان جوك روسو: «المال الذي في يدك وسيلة إلى الحرية، أما المال الذي تسعى إليه فهو طريق العبودية». الانخراط والانصهار، في جمع المال، يجعل البعض ينسى قيماً كثيرة في الحياة، لا تكتمل السعادة والفرحة والاستقرار العاطفي إلا بها. المال وسيلة لتحقيق عدة جوانب حياتية مهمة، لكنه ليس الحياة، ولا هو عنصرها الوحيد، لذا نسمع من يقول بأن المال لا يجلب السعادة، وهو محق، حيث يكون المال عاجزاً أمام المرض، ولا أقصد بالمرض هنا الجسدي فقط، بل حتى المرض النفسي، الذي قد يظهر بسبب الافتقار للاستقرار العاطفي، أو للشعور بالوحدة والانكسار، مع أن الرصيد المصرفي فيه ما يكفي من الأموال. المال نعمة ضمن الكثير من النعم التي تفضل بها المولى علينا. المهم الموازنة ووضع كل نعمة في إطارها ومكانها الصحيح.
[email protected]
www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناشرة إماراتية ومؤلفة لقصص الأطفال وروائية. حصلت على بكالوريوس تربية في الطفولة المبكرة ومرحلة ما قبل المدرسة والمرحلة الابتدائية، في عام 2011 من جامعة زايد بدبي. قدمت لمكتبة الطفل أكثر من 37 قصة، ومتخصصة في أدب اليافعين

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"