عادي

الغرب مركز التقدم في نظرية الحداثة

23:57 مساء
قراءة دقيقتين
2001

تعد الحداثة، الإطار المهيمن على الفكر الاجتماعي والسياسي، ليس فقط في الغرب، لكن في الجانب الآخر من العالم، فقد أثارت النتائج المترتبة على الثورة الفرنسية وعمليات التصنيع صوراً من الجدل حول نشأة عالم حديث، يتطلب شكلاً حديثاً متميزاً للتفسير، ويفترض هنا أن هذا الوضع يستند إلى فرضيتين جوهريتين: القطيعة والاختلاف، قطيعة زمنية تميز ماضياً تقليدياً زراعياً، عن حاضر عصري، صناعي، واختلاف جوهري يميز أوروبا عن بقية العالم، وتؤطر هذه الأشكال للافتراضات التحليلية المتعلقة بمشكلات القياس المنهجي التي طرحها البحث الاجتماعي والتفسيرات المصوغة في حلها.

وتحاول «جيرمندر ك. بامبرا» في كتابها «إعادة التفكير في الحداثة» ترجمة ابتسام سيد علام وحنان محمد حافظ، أن تستدعي التساؤل عن البرهان الاجتماعي التاريخي لأفكار القطيعة والاختلاف، وتبحث في كيفية أن بناء هذا البرهان في حد ذاته أدى إلى تطوير أشكال خاصة للمفاهيم النظرية، وأهم من ذلك أن ربط الحداثة بأوروبا يشكل الافتراض الجوهري لأغلب الفكر العقلاني اليوم، تلك الأبنية الخاصة، نشأت في البداية في الغرب ثم أصبحت عالمية.

يمثل هذا الكتاب أحد أهم المشروعات التي تفرغت المؤلفة لتأكيد فكرة التمركز حول النزعة الأوروبية وبلورتها في نشأة الحداثة، وتطورها، وموقف غير الأوروبيين أو من لا أصوات لهم غير المنظورين، وتناول رموز الحداثة بالمناقشة، والتفنيد تلك التي تمثل لحظات التأسيس (عصر النهضة – الثورة الفرنسية – الثورة الصناعية) التي ارتبطت بأساطير النشأة والتطور، مع الإشارة إلى نزعة ما بعد الاستعمار والاستشراق.

إنها إعادة قراءة لباحثة تصف ما يحدث في الفكر الغربي وتحلل ما داخله، ومن ثم فهي تعرض خفايا التصورات الغربية، وما يتضمنه النموذج النظري للحداثة والحداثات المتعددة من محافظة على الأوضاع القائمة، وتقديم التبريرات بما يدعم الاستغلال لتظل العلاقات غير المتكافئة والتي تدعم النظرية والعكس صحيح.

ويدعم هذا أيضاً الانتقادات التي وجهت للحداثة كنظرية، كما يؤكد ما ذهب إليه ماركس من جوانب سلبية للحداثة تتجلى في المجتمعات التقليدية، لأن الجوانب الإيجابية تتحقق في الغرب بما يحافظ باستمرار على العلاقة غير المتكافئة، ويبرر الاستناد إلى نظرية الحداثة التي تجعل من الغرب مركزاً للتقدم يجب محاكاته، وأن النسخ المقلدة له لا يمكن أن تصل إلى درجة نقاء الأصل بما يحقق مزيداً من العنصرية والتمركز حول النزعة الأوروبية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"