«طـــالبــان» تصارع الإرهاب والعزلة

00:17 صباحا
قراءة دقيقتين

فيصل عابدون

تعيش حركة طالبان الأفغانية وضعاً لا تحسد عليه منذ عودتها الثانية إلى السلطة في أعقاب انسحاب القوات الأمريكية وانهيار حكومة الرئيس السابق أشرف غني. فمن ناحية تواجه الحركة عزلة دولية خانقة مع أزمة اقتصادية غير مسبوقة تجعل قضية المحافظة على السلطة والولاء الشعبي أمراً غير مضمون. لكن التحدي الأكبر الذي يواجه الحركة يتمثل في العمليات الإرهابية واسعة النطاق التي يقف خلفها تنظيم «داعش» الإرهابي وتستهدف بشكل رئيسي المدنيين الأبرياء. ومن شأن هذا النشاط الإرهابي المتنامي التشكيك في كفاءة الحركة في إدارة الملف الأمني وقدرتها على حماية حياة المواطنين من الهجمات الدموية.

 ويعود فشل الحركة في السيطرة على واحتواء العمليات الإرهابية لتنظيم «داعش»، إلى طبيعة تركيبة التنظيم نفسه الذي لا يخوض حرباً مفتوحة مع القوات الحكومية لكنه يتسلل إلى المناطق الآمنة وينفذ تفجيراته المروعة التي تنشر الدم والموت والفوضى. 

 وفي خلال الأسبوع الماضي وحده أوقعت هجمات الإرهاب عشرات القتلى المدنيين في اعتداءات متنقلة طالت مساجد وطرقاً عامة وشملت مدينة قندهار معقل حركة طالبان التاريخي ومدينتي قندز والعاصمة كابول نفسها. وعلى الرغم من ترسانة الأسلحة التي ورثتها من الحكومة السابقة، فإن طالبان تجد نفسها عاجزة عن مواجهة عدو غير مرئي ويستلهم خططها الحربية السابقة.

 ويدرك قادة طالبان بحكم الأمر الواقع الخطورة التي تمثلها العزلة الدولية والأزمة الاقتصادية وهجمات «داعش»، على استقرار واستمرار بقائهم في السلطة. كما يدركون أن الخروج من هذا الوضع الخانق يتطلب الإيفاء باستحقاقات محددة تتيح فك الحصار المفروض على الاعتراف بشرعية السلطة القائمة، الذي يقود مباشرة إلى تدفق التمويل والاستثمارات، وأيضاً تلقي الدعم والمساندة الدولية في مجال الأمن للسيطرة على أنشطة الجماعات الإرهابية.

 ويدرك قادة الحركة أنه لم يعد بحوزتهم أوراق كثيرة للعب، وأن الحركة التي تتخبط وسط دوامة من المشكلات فقدت قدرتها على الابتزاز وتوجيه الإنذارات إلى الآخرين، في حين أن تسوية الأزمة الاقتصادية والقضاء على موجات الإرهاب أمران ممكنان في حال الاندماج مع المجتمع الدولي وتلقي دعمه ومساعداته.

 وفي كل الأحوال، فإن الوصول إلى مرحلة الاعتراف بضرورات الأمر الواقع من شأنه أن يدفع باتجاه التعاطي الإيجابي مع الاستحقاقات المطلوبة للخروج من عنق الزجاجة. ويتعين على قيادة طالبان في هذه الحالة التحرك بجدية وإنهاء تناقضاتها الداخلية في ما يتعلق بقضايا الحقوق المدنية وقسمة السلطة من أجل استعادة ثقة المجتمع الدولي والمجتمع الأفغاني المحلي.

 ويوم الجمعة الماضي دعا زعيم الحركة المجتمع الدولي للاعتراف بحكومته، لأن إقامة العلاقات الدبلوماسية هي الطريق لإنهاء مشكلات البلاد. وهي دعوة تكررت كثيراً من قادة آخرين في الحركة، لكنها لم تجد آذاناً صاغية لأن المجتمع الدولي ينتظر الأفعال أكثر من الأقوال.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"