لماذا حلف الأطلسي؟

00:20 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

بعد انتخابه رئيساً للولايات المتحدة، وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حلف الأطلسي بأنه «حلف عفا عليه الزمن»، لكنه تراجع في ما بعد عن كلامه وأعلن تمسكه به، ثم تبين لاحقاً أنه كان يبتز الدول الأعضاء، من خلال التهديد بالانسحاب من الحلف، لإجبارها على رفع مشاركتها في ميزانيته بنسبة 2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لها، وهو ما حصل عليه بالفعل.

 خلال اجتماعات للحلف في مقره ببروكسل كان مسؤولون كبار فيه يحرصون على اللقاء مع الصحفيين، للإضاءة على بعض المواقف المتعلقة بسياسات الحلف تجاه بعض الدول، وكان السؤال شبه الدائم الذي يطرح عليهم هو: ما هي مبررات استمرار وجود الحلف طالما أن العدو الأساسي الذي قام لمواجهته، وهو الاتحاد السوفييتي السابق قد تفكك، ومعه حلف وارسو؟ 

 إذ كان من الطبيعي أن يتم حل حلف الأطلسي مع نهاية الحرب الباردة طالما أن العدو لم يعد موجوداً، لكن كان لقادة الحلف رأي آخر، إذ كان الرد يتلخص في أن وجوده لا يزال ضرورياً. وفي قمة مدريد عام 1997 تم إطلاق استراتيجية بديلة له لتبرير استمراره والانتقال إلى مرحلة جديدة تقوم على التوسع شرقاً، ومن ثم دعوى مواجهة تهديدات جديدة ممثلة بالإرهاب والتطرف والمخدرات والهجرة غير الشرعية وحقوق الإنسان، والتهديدات غير المباشرة في منطقة الشرق الأوسط، نظراً لترابط الأمن بين أوروبا والمنطقة.

 هذه المبررات لم تكن مقنعة، لأن المهام المشار إليها تقع في صلب دور الأمم المتحدة المنوط بها حماية الأمن والسلام الدوليين، وهو دور يمكن تعزيزه من خلال تعزيز ودعم المنظمة الدولية ومختلف هيئاتها ورفدها بما تحتاجه من وسائل وإمكانات، وقد نجحت في القيام بهذا الدور في العديد من المناطق التي شهدت حروباً وأزمات.

 الحقيقة أن مبررات استمرار وجود الحلف مغايرة تماماً لما يعلن عنه رسمياً. فهو في نهاية المطاف أداة عسكرية أمريكية تستخدم وفقاً لسياساتها ومصالحها، وأحياناً خارج أي إطار قانوني دولي، وأحياناً يتم استخدام القانون الدولي واجهة لتنفيذ هذه السياسات.

 لقد فعل الحلف ذلك ضد صربيا من خلال غارات جوية بدأت من 24 مارس (آذار) 1999حتى 19 يونيو (جزيران) استهدفت العاصمة بلغراد بآلاف الغارات الجوية ما أدى إلى خسائر بشرية ومادية فادحة. وفعل الحلف ذلك في ليبيا في 19 مارس (آذار) 2011 من خلال شن مئات الغارات الجوية والقصف بالصواريخ، وكان الهدف هو التخلص من القذافي وتدمير ليبيا، وتركها نهباً للانقسام والإرهاب، وهو ما فعله الحلف بقيادة الولايات المتحدة في أفغانستان طيلة عشرين عاماً، وفي العراق عام 1993 بزعم وجود أسلحة دمار شامل، وهو الغزو الذي تم خارج أي تفويض دولي، وأدى إلى تدمير العراق وبنيته التحتية وتقسيمه، ونشر الإرهاب والطائفية على أرضه.

 لكل هذا لا يزال الحلف قائماً، وهو يبلي بلاء حسناً في أوكرانيا الآن.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"