عادي

بيع أو شراء المسروق

21:38 مساء
قراءة دقيقتين
1
عارف الشيخ

د. عارف الشيخ
يعرف الحنفية البيع بأنه مبادلة المال بالمال بالتراضي بطريق الاكتساب، وعرفه المالكية بأنه عقد معاوضة على غير منافع ولا متعة لذة، والشافعية قالوا بأن البيع عقد معاوضة مالية يفُيد ملك عين أو منفعة على التأييد. وعند الحنابلة هو مبادلة المال بالمال تمليكاً وتملكاً.

واشترط الظاهرية في البيع التراضي، كما هي الحال عند الحنفية، والزيدية عرّفوه بأنه نقل ملك بعوض على الوجه المأذون فيه، والإباضية، كما ذكر محمد بن يوسف اطفيش في «شرح النيل وشفاء العليل» ج8 ص907، عرفوه بأنه يطلق على العقد وعلى مقابل الشراء.

- يلاحظ على هذه التعريفات كلها أن بعضها اشترط التراضي ركناً في البيع، وبعضهم لم يعتبر المنافع مالاً، ومن ثم لم يجز بيع المنافع، وبعضهم اشترط التأييد.

- وعلى العكس، نجد القانون المدني الوضعي يعرف البيع بأنه تمليك مال أو حق مالي لقاء عوض، ليشمل بذلك أي شيء يمكن حيازته مادياً أو معنوياً، ويمكن الانتفاع به بشكل مشروع، ويكون محلاً للحقوق المالية ومنها البيع، راجع القانون المدني الأردني المادة 465.

- لكني أقف مع تعريف الحنفية للبيع وهو أنه مبادلة مال بمال بالتراضي بطريق الاكتساب، حيث إن لفظ الاكتساب أضاف معنى جديداً بشكل واضح.

- لفظ التراضي الذي اشترطه بعض الفقهاء كما بينّا، يخرج الغصب والسرقة، لكن لفظ الاكتساب يزيد الموضوع وضوحاً، لأن المال المغتصب أو المال المسروق لا يعدّ مالاً مكتسباً، فالاكتساب يتم بالشكل المشروع شرعاً وقانوناً، أما المغتصب والمسروق فقيه تعدٍّ وجناية، ومن ثم لا يعدّ عملاً مشروعاً.

- والبيع في أصل اللغة مشتق من الباع لأن كلاً من البائع والمشتري يمدّ باعه للآخر، أو من المبايعة فكل واحد منهما يصافح صاحبه، وباع الشيء له أي أعطاه إياه وبذل له شيئاً من ماله.

والفقهاء عندما وضعوا تعريفاتهم استحضروا هذا المعنى، واستحضروا الآية الكريمة: «إلا أن تكون تجارة عن تراضٍ منكم» (الآية 29 من سورة النساء)، فانظروا كيف استثنى لفظ (عن تراض) السرقة والغصب، ومن ثم فإن المال المسروق أو المغتصب لا يجوز لصاحبه أن يبيعه، وإذا باعه لم يصح البيع شرعاً.

وإذا لم يصح البيع لم يصح الشراء أيضاً لأن البائع باع ما لا يملكه، والتملك ركن أساسي في البيع، فإذا دخلت السوق ووجدت شيئاً يباع وأعجبك فاشتريته وأنت تعلم أنه مال مغتصب أو مسروق، لم يصح البيع ولم يجز شراؤك له، لأنه باع من لا يملك البضاعة، واشتريت أنت ممن لا يملك البضاعة.

وقد ورد في الحديث أن الرسول، صلى الله عليه وسلم، قال: «من اشترى سرقة وهو يعلم أنها سرقة، فقد اشترك في إثمها وعارها».

والله سبحانه وتعالى يقول: «وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعانوا على الإثم والعدوان».

ويرى ابن قدامة الحنبلي أن تصرفات الغاصب والسارق والمنهب كتصرفات الفضولي الذي يبيع مال غيره من غير توكيل منه ولا استئذان، وعندئذ يقول الفقهاء: إن أجاز له صاحب المال المسروق أو المغصوب بالتصرف فيه جاز ذلك البيع وإلا فلا.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"