عادي

«الجروبات النسائية».. فضفضة على «السحاب»

23:18 مساء
قراءة 5 دقائق

تحقيق: راندا جرجس
تحولت «الجروبات النسائية» المنتشرة على مواقع التواصل إلى جلسات متاحة على مدار الساعة، تستطيع أي امرأة نشر تساؤل حول العديد من الموضوعات، منها: الاستشارات التربوية، وأمور الحمل والولادة، ووصفات الطبخ، والموضة والجمال والعناية بالبشرة، والترويج للمشروعات الصغيرة، وبيع المنتجات الخاصة بالمرأة، والعلاقات والمشاكل الأسرية التي تعد المناقشات الأكثر تداولاً وانتشاراً.

رصدنا مجموعة من الآراء من داخل هذا العالم الإلكتروني الأنثوي، عن أسباب استحواذ هذه المجموعات على اهتمام النساء بشكل عام، وما هي الموضوعات التي يطرحنها في عالمهن الافتراضي؟ وهل تصلح «الجروبات النسائية» أن تكون مكاناً آمنا للبوح، حين يفقدن القدرة على التواصل الحقيقي والثقة بكل المحيطين؟

تصنف رانيا إسكندر، معلمة، «الجروبات النسائية» إلى المجموعات الاجتماعية التي تتشارك فيها العضوات الفعاليات والأحداث الثقافية والترفيهية، وخاصة عندما تكون المشتركات شخصيات متخصصة وفعالة، ويكون محور الأحاديث والمناقشات هادفاً، وهناك المجموعات العلمية التي تجمع عدداً من السيدات اللواتي يبحثن عن تعلم أشياء جديدة في مجالات متعددة، وأيضاً المجموعات العائلية فهي التي تضم النساء والفتيات والصديقات المقربات من كل مكان في العالم ويكون محور الحديث فيها عن ذكريات الماضي ومشاركة الأخبار والمواقف التي تحدث في الحياة اليومية.

وتضيف: «الجروبات النسائية» العامة تفتح المجال للاستفسارات العامة مثل: أماكن مميزة للخروج، ومعلومات عن التسوق والشراء والتخفيضات، تربية الأطفال، المدارس وأنظمة التعليم، الأطباء والمستشفيات، ومتابعة قصص الحياة والمثابرة في الغربة، والتسويق للمشروعات الصغيرة بكل أنواعها، والوصول لأكبر قدر من المتابعين، خاصة أن المعلومة في العالم الافتراضي تنتقل بسرعة البرق.

الصورة

اختلاف آراء

تشير ميرا كمال، مؤسسة «جروب نسائي» إلى أن فكرة إنشاء «الجروب» خطرت لها عندما جاءت إلى الإمارات منذ نحو 7 سنوات، وكانت تعاني مشاعر الوحدة في الغربة، وكان الهدف البحث عن معارف وإنشاء صداقات مع سيدات يعانين الظروف نفسها، بجانب تبادل المعلومات والخبرات، ومع الوقت ازداد عدد العضوات في الجروب، وأصبحن يشاركن بمشاكلهن الشخصية، أو الأسرية، أو الزوجية، ولكن لا يستطيع الجميع تقبل وجهات النظر المضادة، وفي بعض الأحيان الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية، ولكن في مواقف أخرى يتطور الأمر للمشادات الكلامية والخلافات، إضافة إلى أن معظم المشاركين في مواقع التواصل الاجتماعي من خلال شاشة جهاز إلكتروني، لا يعطي مساحة كافية لمعرفة شخصية، أو ملامح، أو صوت الشخص المتحدث، وبالتالي يكون رد الفعل «بالتعليقات التحريضية».

وتضيف: باتت «الجروبات النسائية» بشكل عام قبلة للعديد من السيدات للبوح بأدق تفاصيل حياتهن الزوجية، وطلب المشورة لحل الخلافات الأسرية، وعلى الرغم من وجود متخصصات يمكنهن الرد على هذه الاستفسارات، إلا أن آراءهن الصائبة تضيع وسط زخم التعليقات من اللاتي ينصحن من دون علم أو دراية، ويتحول الجروب إلى «ساحة للمهاترات الفكرية فقط».

مشروعات صغيرة

تقدم بعض «الجروبات النسائية» الهادفة خدمة الإعلان عن المشاريع الصغيرة للفتيات والسيدات المبدعات، وتقول صفاء منذر مديرة مشروع صغير: ساعدتنا هذه التجمعات النسوية في السحابة الافتراضية في التعريف بمشروعنا وعرض الهدايا والمشغولات التي نبيعها في مختلف المواسم والمناسبات، وأتاحت الفرصة للوصول إلى عدد كبير من السيدات من كل الإمارات، ووفرت أيضاً الوقت والجهد في البحث عن مكان لعرض هذه المنتجات، إضافة إلى تيسير عملية التواصل والرد على جميع تساؤلات العضوات اللواتي يُردن الشراء من خلال رسائل مواقع التواصل الاجتماعي.

وترى رغدة محمد، معلمة، أن التسوق من خلال «الجروبات النسائية» على مواقع التواصل، جعل الأمر سهلاً وبسيطاً، ولكن في بعض الأحيان تكون هناك صعوبة في الثقة بالمنتج المعروض من قبل أصحاب المشروعات، ولذلك يجب خوض التجربة أولاً بشراء السلعة واختبارها والتأكد من خامتها وصلاحيتها، حتى يمكن الاستمرار في متابعة هذه الصفحة وبناء الثقة بجودة المنتجات، ونصح الصديقات بالتجربة.

وتقول ريهام لطفي مسوقة عقارية: «الجروبات النسائية» مناخ جيد لتبادل المعلومات والخبرات ومناقشة العديد من الموضوعات، والتعرف إلى أشخاص جدد، وتصنع حالة من التفاهم والانسجام، ما يساعد على دوام الصداقة لأطول وقت واللقاء في خارج النطاق الافتراضي، ولكن لكل شيء في الحياة جانب سلبي، ويمكن أن تكون هذه المجموعات بيئة مفتوحة للفضفضة من دون أي خجل أو قيود، إلا أن عرض المشاكل الزوجية كعدم التفاهم والخيانة وتفاصيل الحياة الشخصية أمر غير لائق، لأن تداول مثل هذه المشكلات، وتقديم آراء غير المتخصصين يؤدي إلى تفاقمها بدلًا من حلها.

مواصفات القبول

تكشف عائشة المنهالي موظفة، عن مواصفات «الجروبات النسائية» التي تحوز إعجابها ويمكنها متابعتها، وتقول: يجب أن تكون عضوات المجموعة مقاربات لي في العمر، ويتحدثن اللغة نفسها، ولديهن التوجهات والأفكار نفسها، وعلى الأغلب تتعلق المنشورات بمشاركة الجديدة للأماكن السياحية، أو الهادئة المناسبة لبيئة العمل، أو المطاعم، أو المحال التجارية.وتؤكد أنها تُفضل الجروبات التي تجمع فتيات عاديات، من دون وجود المروّجين (بلوجرز) حتى تتبادل الخبرات بكل صدق وأمانة من دون استفادة مادية، أو شهرة على حساب تجارب الأخريات.

وتشير رهف الفرا، مهندسة معمارية إلى أنها استطاعت أن تجمع عدداً كبيراً من الصديقات من خلال متابعتها لأكثر من «جروب نسائي» على مواقع التواصل، يساندن ويدعمن بعضهن بعضاً في الغربة، وتؤكد أن عدم وجود الرجال في المجموعات النسائية يحقق مساحة من الحرية في طرح الأحاديث والموضوعات بين العضوات، خاصة مع هذا الكم من القضايا والمشكلات التي تعانيها النساء، حيث تتميز هذه المجموعات بوجود متخصصات في العديد من المجالات، مثل: الاستشارات الطبية والطرق التربوية الحديثة للأطفال والمراهقين، علم النفس، وغيرها.

وتؤكد: على الرغم من أن المشكلة خاصة بمن نشرتها، إلا أن الاستفادة تكون في التعليقات على المنشور من خلال عرض السيدات لقصصهن وتجاربهن الإيجابية والسلبية وكيفية تجاوزها، وتنتقد الفرا بعض السيدات اللواتي يعتبرن هذه المجموعات للتسلية فقط، بل ويسخرن من هموم ومشاعر الأخريات المطروحة، وغير مباليات بتأثير تعليقاتهن في صاحبة المشكلة.

دعم معنوي

ترى تسنيم دمياطي، أم لطفلين، أن الدعم المعنوي من أبرز الإيجابيات التي تقدمها هذه المجموعات، كونها تساعد النساء على نسيان مصاعب الحياة المتزاحمة والاندماج بين أخريات، للحديث عن كل ما يتعلق بهن، وخاصة بعد إضافة «الفيس بوك» مؤخراً خاصية جديدة، وهي وضع منشور من دون إظهار الهوية الشخصية، ما أعطى مساحة أكبر للحرية في مناقشة المشكلات الخاصة.

وتضيف: بجانب المنفعة المعنوية والمتنفس للسيدات، فإن هذه الجروبات تتيح للمتزوجات حديثاً إيجاد الإجابة عن جميع تساؤلاتهن واستفساراتهن عن أماكن الشراء والتسوق، فضلاً عن الاستفادة من إعلانات الوظائف.

وتقول ثريا الراشدي طالبة علوم سياسية وعلاقات دولية: استفدت من هذه المجموعات من خلال مشاركة الطالبات من نفس تخصصي بالمعلومات التي تفيدنا، والتشجيع والدعم المعنوي لإتمام الدراسة.

وسيلة مهمة

1
د. ياسمين الخالدي

تؤكد د. ياسمين الخالدي مستشارة أسرية وخبيرة تربوية، أن «الجروبات النسائية» أصبحت وسيلة مهمة للفضفضة والتقليل الضغط النفسي على النساء اللواتي لا يخرجن من بيوتهن، وليس لديهن أعمال أو علاقات اجتماعية، وهي من ضروريات العصر، وجزء لا يتجزأ من روتين الحياة، حيث إن المرأة تبحث دوماً عن صديقة لتخبرها بهمومها وتقدم لها الاستشارة حول مسائل حياتها الأسرية المختلفة، ولذلك باتت اليوم المجموعات المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي هي المحيط الجاذب للكثير من السيدات.

وفتحت آفاق جديدة للكثيرات، في مجالات متعددة كتعلم المهارات وتبادل المعلومات، واكتساب الخبرات، كما أصبحت أحد أبواب الرزق من المشرعات الصغيرة وزيادة الدخل، ويعد عدم وجود الرجال أهم السمات التي تتميز بها هذه المجموعات حيث تشعر هؤلاء السيدات بالراحة وعدم الإحراج في عرض مشكلاتهن أياً كان نوعها، أو تفاصيلها.

وأعربت الخالدي عن قلقها بشأن العديد من الاستشارات ترى النساء ينصحن بها بعضهن بعضاً في «الجروبات النسائية» خاصة عندما تكون المشكلة أسرية أو زوجية، حيث إن هذه المجموعات في رأيي لا تقدم النصيحة، بل تساهم بشكل غير مباشر في زيادة اضطراب العلاقة وخراب البيت، حيث إن بعضهن يعلقن بجُمل تحريضية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"