عادي

متعاطيات للمخدرات خلف الأسوار لـ«الخليج»: طريقنا المؤلم بدأ بالتجرية وانتهي بآهات الندم

19:26 مساء
قراءة 5 دقائق
  • المخدرات هي مثلث للرعب «سجن أو موت أو انتحار»

دبي: سومية سعد

خلف الأسوار حكايات ترويها دموع الألم وآهات الندم ولحظات الحزن الممزوج بالأسى، قصص جرائم القابعين والقابعات خلف القضبان، تبث في النفوس الوجع والهلع والفزع من ضياع مستقبل بعض البشر الذين أوقعتهم شرور رغبات أنفسهم ورفقاء السوء في طريق تعاطي المخدرات والإدمان، وانتهى بهم الحال إلى عقوبة السجن.

بين هؤلاء متعاطيات، جمعتهن سيئات أعمالهن في قبضة الشرطة، وفرقت بينهن الأحكام لتجمعهن أسوار السجون العالية والمحروسة بقوة القانون، هن على هذه الحال نادمات متمنيات أن يرجعن إلى الماضي ليغيرن هذا السلوك والطريق المؤلم، الذي بدأ بالتجرية وتكرار المتعة وانتهي بالسجن، هن حزينات على هذه الحال والطريق الذي قادتهن إليه رفيقات السوء وأغوتهن لحظات الضعف أمام رغبات النفس وإغواء الرفقاء والشيطان، ووصلن إلى نفق مظلم وطريق معدوم النهاية، فالمخدرات لا فكاك منها إلا بالإرادة، خاصة بعد وقوعهن في براثن الداء الذي يشكل مثلث الرعب «سجن أو موت أو انتحار».

  • أسرة كاملة

تروي الأم «ن.م» من الجنسية العربية مأساتها من داخل سجن النساء قائلة: إنها والأب وأولادهما داخل السجن بتهمة التعاطي الذي بدأه الأب وعلمه لها ولأولاده، وتوضح، لم أكن أعرف شيئاً عن المخدرات، ليصادق زوجي رفقاء السوء، فيبدأ في تدخين السجائر، وتدريجياً وصل إلى التعاطي، ومن ثم تدهورت حالته إلى الإدمان وأصبح يعتدي عليَّ بالضرب، للحصول على ثمن المخدرات، ومن كثرة آلام الضرب أمام أولادنا تعاطيت حتى أنسى تعذيبه لي، أما الأولاد فكانوا في سن المراهقة، بدأوا بتقليد أبيهم بتجربة المخدرات التي أمامهم، بعد أن كانوا مثالاً للالتزام في المراحل التعليمية، وفجأة انقلبت أحوالهم ليتحول المنزل إلى جحيم، وتحولوا إلى مدمنين، بعد أن تعلموا منه هم أيضاً، ليتم القبض علينا جميعاً ونحن داخل السجن بتهمة التعاطي.

  • رفقاء السوء

وتحذر «م.أ» من رفقاء السوء الذين هم سبب دخولها هذا الطريق وتعاطيها المخدرات، تقول: انجرفت خلفهم، ولم يخطر ببالي أنني سأدفع الثمن غالياً بعد أن قبض عليَّ رجال مكافحة المخدرات وكنت محبوبة بين الأسرة، وخسرت عملي وأصدقائي وأهلي، وحرمت من رؤية أعز وأقرب الناس إلى قلبي بعد أن قطعوا التواصل معي، بسبب المخدرات، ولم أدرك أن المخدرات طريقها مأساوي إلا بعد فوات الأوان.

وتروي «ش.م»: تاثرت بأصدقائي وأخذني الفضول إلى التعاطي بهدف التجربة في هذه السن الحرجة، ومرة بعد أخرى أصبحت مدمنة، وانغمست في حياة اللهو والسهر معهم، إضافة إلى غياب التوعية من الأقارب والأصدقاء، الأمر الذي زاد من مأساتي وتشتتي، لأنني لم أكن أشعر حينها بخطورة ما أقوم به، كوني لاأزال في مرحلة المراهقة، ولا أنظر إلى الحياة إلا من زاوية واحدة، هي التمرد والسهر وعدم الاستماع للتوجيه أو النصيحة والسعي فقط لإثبات الذات.

  • خطوات الانحراف

تقول «ع. خ»: نشأت في كنف أسرة كبيرة، وبالرغم من ذلك تعرفت إلى أصدقاء السوء وأنا في الثالثة عشرة من العمر داخل أسوار المدرسة، حيث بدأنا خطوات الانحراف الأولى بتجربة التدخين، والهروب من المدرسة دون وعي أو إدراك بأن هذا السلوك هو بداية النهاية المؤلمة، وبدأت بتعاطي العقاقير الطبية كمرحلة أولى من مراحل الضياع، وتركت مقاعد الدراسة غير آبهة بالعواقب الوخيمة وهي السجن.

  • تجار المخدرات

وتبدأ «س.ل» كلامها المختلط بالدموع قائلة إن تجار المخدرات لا ضمير لهم، ولا أخلاق، كما أنهم لا يعرفون سوى المثل القائل: «أنا ومن بعدي الطوفان»، لهذا السبب كنت ضحية أحد التجار الذين كنت أعمل لحسابهم، وكانوا يمدونني بالمخدرات والأموال من أجل بيعها للمحيطين، وظللت على ذلك مدة، وبالرغم من جميع الاحتياطات، فإن القدر كان يتربص بي ليوقعني في قبضة الشرطة، وفي تلك اللحظة المرعبة تأكدت أن عالم المخدرات لا أمان له.

  • السجن

وتقول «ح.ر»: لم أكن أعرف أن باب السجن هو الوحيد للمتعاطي، تعاطيت المارجوانا في بلدي الأم بعد فسخ خطبتي، من خلال أصدقاء السوء الذين نصحوني بتعاطيها باعتبارها تمنح راحة نفسية، إلا أنها أثرت سلباً في جسدي وحاول أهلي أن يبعدوني عن هذا الطريق بمساعدة أخي المقيم في الدولة، وجئت لأجد فرصة عمل جيدة أملاً أن أعود إلى نفسي وأهلي، إلا أنني بدأت أرجع للتعاطي مرة أخرى، وأنصح الجميع بالابتعاد عن المخدرات ورفاق السوء.

  • تنشئة الأطفال

وطالبت العقيد جميلة الزعابي مديرة إدارة سجن النساء في الإدارة العامة للمؤسسات العقابية والإصلاحية في شرطة دبي، بمراقبة الأسر لأبنائها وبناتها، وضرورة تنشئة الأطفال على مصادقة الأفضل سلوكياً والابتعاد عن رفقاء السوء، وعن التورط في أي جرم، داعية أولياء الأمور إلى أن يكونوا أصدقاء لأبنائهم لحمايتهم من رفقاء السوء الموجودين في المجتمع.

ويقول الاخصائي الاجتماعي علي راشد، إن 36% يتعاطون للمخدرات بدافع الرغبة في الهروب من المشاكل، و32% منهم يرون أن المخدرات تعتبر الوسيلة الأنجع لتحقيق المتعة، بينما 3% من هؤلاء الشباب يستعملون المخدرات لأسباب اقتصادية تتمثل في معظم الأحيان في البطالة.

ويطالب الجهات التربوية والمجتمعية بنشر الوعي بين أفراد المجتمع وتعظيم دور الأسرة المهم جداً في عملية وقاية وتوعية أفرادها من التعاطي، وخلق جيل أكثر وعياً وقدرة على اتخاذ القرارات الصائبة بالابتعاد على الجريمة وتعاطي المخدرات أو المشاركة في أي نشاط إجرامي يجعل منه فرداً غير منتج أو فاعل، واستثمار طاقاته في العديد من الأنشطة والفعاليات المفيدة.

الصورة

 

  • غرس القيم

وتطالب هدى الطويل الاختصاصية النفسية بغرس القيم الثقافية الإيجابية واحتواء الأبناء وتلمس احتياجاتهم النفسية لإبعادهم عن هذه الانحرافات، إضافة إلى أسلوب التنشئة السليمة الذي يبدأ منذ مرحلة الطفولة المبكرة، حيث إن له أثراً بالغاً في تكوين الذات للأبناء وما يتم اكتسابه من قيم واتجاهات فكرية، وتؤثر القيم التي يتم اكتسابها منذ مرحلة الطفولة في شخصيته وأدائه.

وحذرت الأسرة من مواقع التواصل الاجتماعي والذي يتخذ منها البعض طريقاً لترويج المخدرات مما يشكل خطراً كبيراً على جميع المجتمعات، الأمر الذي يستدعي حذر أفراد المجتمع وعدم التفاعل مع الرسائل المجهولة التي قد تصلهم من غرباء.

  • مسؤولية كبيرة

يقول الدكتور أحمد فلاح العموش، أستاذ علم الجريمة في كلية الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة الشارقة، إن مسؤولية كبيرة تقع على عاتق الأسرة في حماية أبنائها، من رفقاء السوء ولا بد من المراقبة الأبوية والتعرف إلى أصدقائهم داخل المنزل وخارجه، ويتحتم عليهم مضاعفة الاحتواء والرعاية والرقابة.

الصورة
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"