الإرشاد المفقود

00:09 صباحا
قراءة دقيقتين
صباح الخير

«تخصصات جامعية تواكب احتياجات سوق العمل»، جملة كثيراً ما نسمعها حالياً، مع قرب إسدال الستار على العام الدراسي الحالي، الذي سيشهد التحاق آلاف الطلبة بمؤسسات التعليم العالي، كل منهم في تخصص، يحلم أن يكون مستقبلاً وسيلته لدخول سوق العمل، المتغيرة وظائفه بتسارع تستمده من تكنولوجيا حديثة اقتحمت مختلف مناحي حياتنا، ولم يعد وجودها مقتصراً على مهن دون سواها، بل حتى إنها أصبحت عماد عدد من الفنية منها، التي لا مفر لممتهنها من إجادة التعامل مع «خوارزميات» الحوسبة.
من المسلمات، أن الجميع يحلم في إيجاد مهنة فور تخرجه، وهو حق مشروع، في حال كانت الشواغر متوافرة، ولكن المشكلة تكمن في اختيار التخصص، والذي غالباً ما يلعب الوالدان دوراً كبيراً في انتقائه، حيث الطب والهندسة الاختيار الأول لابنهما الذي كبر وهو يسمع منهما أنهما يحلمان أن يصبح طبيباً أو مهندساً، فدرس أحد هذين التخصصين إرضاء لهما، لا نزولاً عند رغبته. 
قد يكون الطب وبدرجة أقل الهندسة، من المهن المتجددة التي لا يستغرق ممتهنهما وقتاً كبيراً لإيجاد وظيفة، بدليل أنهما من أكثر التخصصات الجامعية إقبالاً، ولكن ماذا عن التخصصات الأخرى، وهل سوق العمل متشبع بخريجيها، أم أنها ستضمن للملتحق بها وظيفة مستقبلاً.
العلاقة بين التعليم وسوق العمل، علاقة واضحة وليست بجدلية كما يظن البعض، فالثاني ينتظر من الأول رفده بما تحتاج إليه تخصصاته المهنية من موظفين، ومن هنا تأتي أهمية الإرشاد الأكاديمي الذي بات يحتاج الآن أكثر من أي وقت مضى إلى منهاج واضح، يدير دفة الشباب واهتماماتهم إلى ما تحتاج إليه وزاراتنا وحكوماتنا الاتحادية من تخصصات لتحقيق رؤية التوطين، لا أن تبقى العملية تدار بحسب الأهواء، فترى خريجين جدداً يصطدمون سنوياً، بندرة الوظائف التي لطالما حلموا بالتخرج لدخول معترك الحياة وتحقيق طموحاتهم من خلالها. 
غياب جهة تتولى توجيه الطلبة أكاديمياً أحد أسباب البطالة، خصوصاً أن معظم الدراسات تشير إلى أن معظم الخريجين يتخصصون في إدارة الأعمال والهندسة وتقنية المعلومات والآداب، في حين تعتبر التخصصات الطبية والتعليمية والمحاسبة وإدارة تطوير الموارد البشرية، فضلاً عن القانون والحاسب الآلي والإحصاء، الأكثر طلباً من قبل الجهات الاتحادية.
غياب الدور الإرشادي يبدو واضحاً بمجرد المقارنة بين تخصصات الخريجين وطلبات سوق العمل، وردم الهوة بين الاثنين يستدعي التريث جيداً قبل اختيار التخصص والبحث عن احتياجات السوق، حتى لا تزيد أعداد الباحثين عن عمل ليس متوافراً، أو لم يعد له وجود في سوق متغير تحكمه التكنولوجيا.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"