الفساد.. وحكم اللصوص

00:38 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

ليست الحروب والجوائح والمناخ والجوع، وحدها ما تشكل آفات تهدد البشرية، هناك آفة أخرى أشد قسوة وضراوة وفتكاً، وهي سبب من أسباب كل هذه، وتتمثل في الفساد السياسي والأخلاقي والمالي الذي يؤدي إلى إفقار الشعوب والدول، ويقضي على كل جهد للتنمية، ويضع الدول في أشداق الديون، وتحت رحمة شروط الصناديق الدولية.

 من المؤسف أن دولاً عربية عدة، ووفق مؤشر «مدركات الفساد»، الصادر عن منظمة الشفافية الدولية، تقع في المراتب الأولى عالمياً في الفساد من بين 180 دولة؛ حيث تغيب المُساءلة، ويسمح السلوك السياسي الممنهج والمصالح الخاصة والمحاصصات السياسية والطائفية في تغول الفساد، ونهب المال العام، والسطو على مقدرات الدولة، من دون القدرة على محاسبة المفسدين، وتطبيق آليات تعزيز النزاهة، ووجود قوانين كافية حول الإفصاح المالي، ومنع تضارب المصالح، أو السؤال «من أين لك هذا؟».

 لنا في هذه الحالة، أن نأخذ العراق وليبيا ولبنان واليمن والصومال، وهي دول تأتي في ذيل الأداء الأسوأ على الصعيدين العربي والدولي كنماذج لممارسة الفساد من جانب القوى السياسية المتنفذة، والنخب الحاكمة، والتحالف بين قوى المال والسياسة، من جرّاء إساءة استخدام السلطة.

 الفساد بمعناه العام، هو شكل من أشكال خيانة الأمانة أو الجريمة، يرتكبه شخص أو منظمة أو حزب أو مسؤول في مركز السلطة، من خلال الحصول على مزايا غير مشروعة أو إساءة استخدام تلك السلطة لمصلحة فرد أو جماعة، ويمكن أن يشمل الفساد أنشطة عدة، كأن يتضمن الرشوة أو الاختلاس، وكلها تندرج تحت مسمى إساءة استخدام السلطة.

 هناك أسباب عدة تؤدي إلى شيوع الفساد؛ بحيث يصبح عصياً على المكافحة؛ مثل غياب الشفافية، وضعف الأجهزة القضائية والرقابية، وتدني مستويات الديمقراطية، والهياكل الإدارية غير الفاعلة، وعدم الاستقرار السياسي، والانقسامات الطائفية التي تشجع على نهب المال العام من دون قدرة على المحاسبة.

 يعرّف معجم أوكسفورد الإنجليزي الفساد بأنه «انحراف أو تدمير النزاهة في أداء الوظائف العامة من خلال الرشوة والمحاباة». وفي مطلق الحالات لا يتم اللجوء إلى مثل هذا العمل إلا إذا كان الشخص يعاني فساداً أخلاقياً، ويفتقد إلى القيم التي تكبحه عن ممارسة الفساد والسطو على أموال عامة هي في ذمته، وهو مسؤول عن حمايتها.

 وإذا كان الفساد ظاهرة اجتماعية وسياسية واقتصادية عالمية، تؤدي إلى إفقار الدول والشعوب، فإن الأمم المتحدة حاولت الإسهام في مكافحة الفساد من خلال مؤتمر عقدته في 31 تشرين الأول/ أكتوبر 2003، اعتمدت فيه اتفاقية لمكافحة الفساد، لكن واقع الحال يقول.. إن الفساد ما زال قائماً ويتغول، وما زال الفساد هو الأكثر شيوعاً في «الكليبتوقراطيات»؛ (حكم اللصوص) وفي أكثر من بلد عربي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"