عادي

عذب الكلام

23:01 مساء
قراءة 3 دقائق
1703

إعداد: فوّاز الشعّار

لُغتنا العربيةُ، يُسر لا عُسرَ فيها، تتميّز بجمالياتٍ لا حدودَ لها ومفرداتٍ عَذْبةٍ تُخاطب العقلَ والوجدانَ، لتُمتعَ القارئ والمستمعَ، تُحرّك الخيالَ لتحلّقَ بهِ في سَماءِ الفكر المفتوحة على فضاءات مُرصّعةٍ بِدُرَرِ الفِكر والمعرفة. وإيماناً من «الخليج» بدور اللغة العربية الرئيس، في بناء ذائقةٍ ثقافيةٍ رفيعةٍ، نَنْشرُ زاوية أسبوعية تضيءُ على بعضِ أسرارِ لغةِ الضّادِ السّاحِرةِ.

في رحاب أم اللغات

في ما اسْتعارهُ الشُّعراءُ مِنَ الأمثالِ الجاريةِ على ألْسُن البُلغاء، ومِنَ الأمثالِ السّائرة، كقولهم «مَنْ عَزَّ بَزَّ»؛ تقولُ الخَنْساء:

كَأنْ لَمْ يَكونوا حِمىً يُتَّقى

إذِ النَّاسُ إذْ ذاكَ مَنْ عَزَّ بَزّا

وكقولهم «يَداك أوْكَتا وفُوك نَفَخ»؛ يقولُ الكُمَيْت:

صَهٍ لِجَوَاب مَا قُلتُم وَأَوكَت

أَكَفُّكُم عَلَى ما تَنفُخُونَا

وَمَا أعنِي بِقَولِي أَسفَليكُم

وَلَكِنِّي أُرِيدُ بِهِ الذَّوينَا

وكقولهم «مُكْرَهٌ أخوكَ لا بَطلٌ» أخذه الكُمَيْتُ فقال:

لَمْ يَدْرِ إلَّا ارْتِجالَ الظَّنِّ واصِفُهُ

أمُكْرهٌ هُوَ في الهَيْجاءِ أوْ بَطَلُ

دُرر النّظم والنّثر

أحبّكِ

يونس ناصر

(من الوافر)

أحبّكِ ثمّ تبتدئُ الفصولُ

وتزدحمُ المواسمُ والهديلُ

أحبّكِ هكذا لا تسأليني

فإنّ الحبّ أوّله ذهولُ

ولولا أنهُ قدرٌ جليلٌ

لما حارتْ ولا اختلّت عُقولُ

وكيف أرُدُّ مَقْدوراً إذا ما

صحا البُركانُ واشْتَعلَ الفَتيلُ

أحبّكِ كيف؟ لا أدري ولكن

علامَتهُ شُحوبٌ أو نُحولُ

وإنْ أخفيتُ في سِرّي دليلاً

تَسرَّبَ حَيْثُ لا أدْري دَليلُ

ففي كُلّ الزّوايا مِنْكِ عِطْرٌ

ومنكِ بكلّ ناحِيةٍ مُثولُ

هنا شِعْرٌ، هنا هَمْسٌ ولَهْوٌ

هنا زَعلٌ، هُنا عَتَبٌ جَميلُ

فلا قَيْسٌ ولا المَجْنونُ مِثلي

ولا لَيْلى لظفركِ ما تَطولُ

وأخْتصرُ النّساء ولا أثَنّي

فأنْتِ مِثالهُنّ ولا مَثيلُ

من أسرار العربية

(في تَفْصِيلِ الشِّدَّةِ مِنْ اَشْيَاءَ وأفْعَال مُخْتَلِفَةٍ) الأُوارُ: شِدَّةُ حَرِّ الشَّمْسِ. الوَدِيقَةُ: شِدَّةُ الحَرِّ. الصِّرُّ شِدَّةُ البَرْدِ. الانْهِلالُ: شِدَّةُ صَوْب المَطَرِ. الغَيْهَبُ: شِدَّةُ سَوَادِ اللَّيْل. الَقشْمُ: شِدَّةُ الأكْلِ. القَحْفُ: شِدَّة الشُّرْبِ. التَّسْبِيخُ: شِدَّةُ النَّوْم. الجَشَعُ: شِدَّةُ الحِرْصِ. الخَفَرُ: شِدَّةُ الحَيَاءِ السُّعَارُ: شِدَّةُ الجُوعِ. الصَّدَى: شِدَّةُ العَطَشِ. اللَّخْفُ: شِدَّةُ الضَّرْب. الْمَحْكُ: شِدَّةُ اللِّجَاجِ. الهَدُّ: شِدَّةُ الهَدْم. القَحْلُ: شِدَّةُ اليُبْسِ. الرُّزَاحُ: شِدَّةُ الهُزَال. الصَّلْقُ: شِدَّةُ الصِّيَاحِ. الشَّنَف: شِدَّةُ البُغْضِ. الشَّذَا: شِدَّةُ ذَكاءِ الرِّيحِ. القَرْضَبَةُ: شِدَّةُ القَطْعِ. الحَقْحَقَةُ: شِدَّةُ السيْرِ. الوَصَبُ: شِدَّةُ الوَجَعِ. الهَلَعُ شِدَّةُ الجَزَعِ. اللَّدَدُ: شِدَّةُ الخُصُومَةِ. الحَسُّ: شِدَّةً القَتْلِ البَثُّ: شِدَّةُ الحُزْنِ. الحَسْرَةُ: شِدَّةُ النّدامَةِ. النَّصَب: شِدَّةُ التَّعَب؛ قال النابغة:

كِليني لهَمٍّ يا أُمَيْمَةَ، ناصِبِ

ولّيْلٍ أقاسيهِ بَطيءِ الكواكبِ

هفوة وتصويب

يقولُ بعْضُهم: «عُوقبَ المُوظّفُ على تلقّيه رَشاوى»؛ جمعاً ل«رشوة»، وهو خطأ؛ فالرَّشْوُ: فِعْلُ الرَّشْوَةِ، يقال: رَشَوْتُه. والمُراشاةُ: المُحاباةُ. وهي مُثلّثة الراء: رَشْوةٌ، ورِشْوةٌ، ورُشْوةٌ، والجَمْعُ رُشىً ورِشىً. الرُّشْوَةُ مأْخوذة من رَشا الفَرْخُ إذا مدَّ رأْسَه إلى أُمِّه لتَزُقَّه.

ويقولون: «رَضَخَ فُلانٌ للأمر»، بمعنى انْصاع، وهو خطأ، والصَّواب القولُ: «أذْعَنَ فُلانٌ أو انْصاعَ»؛ فالرَّضْخُ، هو كَسْرُ الرّأْس، ويُستَعْملُ في كَسْر النَّوَى والحَصى والعَظْمِ، وغيرِها مِنَ اليابس. والتَّراضُخُ: تَرامِي القوم بينهم بالنُّشَّاب، والحاء في جميع ذلك جائزة إِلا في الأَكل، يقال: كنا نَتَرضَّخُ.

من حكم العرب

وَإنّا لَنَلْقَى الحادِثاتِ بأنْفُسٍ

كَثيرُ الرّزايا عندَهنّ قَليلُ

يَهُونُ عَلَيْنَا أنْ تُصابَ جُسُومُنَا

وَتَسْلَمَ أعْراضٌ لَنَا وَعُقُولُ

البيتان لأبي الطيّب، يؤكّد فيهما أنّ الإرادة والإصرار والجَلَد، تكسب المرء احترام النفس واحترام الآخرين، وذلك بمواجهة الحادثات بأنفس جلدة تحتقر الخطوب الجليلة، وتستقل الرزايا الكثيرة. ويقول إذا سلمت الأعراض والعقول، فلا حظّ للأجسام عندنا، بل يهون علينا ما يحدث فيها من الجراحات والأسقام، فالنفوس الكريمة، والقلوب الصابرة على حوادث الدهر، تقل عندها الشدائد.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"