عادي
قدمت 20 أغنية بأوبرا دبي

لبانة القنطار: تجسيد شخصية أم كلثوم علامة مهمة في مشواري

00:04 صباحا
قراءة 4 دقائق

حوار: مها عادل
لكل فنان مساحته التي يمكنه التحرك فيها، لتجسيد الشخصيات التي يؤديها، والصعوبة إذا كانت على المسرح؛ حيث المواجهة المباشرة مع الجمهور، وتزداد المسؤولية، حين تكون الشخصية هي سيدة الغناء العربي «أم كلثوم»، كانت الأغنيات تقدم بصوتها بطريقة البلاي باك، في كل الأعمال السابقة، وتقليد أدائها الحركي بالدراما التلفزيونية أو السينمائية، لكن مطربة الأوبرا ومدرسة الغناء السورية لبانة القنطار تصدت لتكون بطلة مسرحية «أم كلثوم والعصر الذهبي» التي استضافتها دبي أوبرا من 3 إلى 5 مايو الجاري، واختتمت عروضها، الخميس؛ حيث جسدت شخصية أم كلثوم تمثيلاً وغناء، وأدت 20 أغنية لأم كلثوم بصوتها الحي المباشر على المسرح، فحازت إعجاب الجماهير.

تقول لبانة القنطار: «سعيدة بوجودي في دبي وعلى مسرح دبي أوبرا، فعلى الرغم من حداثة وجوده على خريطة مسارح الأوبرا بالعالم، لكنه نجح في تحقيق سمعة عالمية واسعة، لدرجة أثارت حماس فريق العمل معنا من الأجانب كثيراً للوقوف على خشبة هذا المسرح الذي يعتمد على أحدث تقنيات الصوت والمؤثرات البصرية، ونحن نفخر بوجود صرح فني وثقافي بهذا المستوى في عالمنا العربي».

وتضيف: «على الرغم من أنها المرة الأولى التي أقف فيها على مسرح دبي أوبرا، فإنني واجهت الجمهور هنا من قبل؛ حيث شاركت في احتفالات العيد الوطني، وقدمت مجموعة من الأغاني الأوبرالية الشهيرة، وكانت تجربة مميزة بمصاحبة أوركسترا الفيلهارمونية الإيطالية وبمشاركة مغنيي أوبرا من إيطاليا، ومن حينها أتطلع لإعادة هذه التجربة والغناء بدبي التي تشتهر بالاحتفاء بالفنون والموسيقى من كل ثقافات العالم وتستقطب الفنانين من كل المجالات وتوفر لهم إمكانات الإبداع فيها».

وعن دورها في مسرحية «أم كلثوم والعصر الذهبي» تقول: «تجسيد شخصية أم كلثوم غناء وتمثيلاً على المسرح كان حلماً وتحقق، وأعتبره علامة مهمة في مشواري الفني، فالمسرحية توظف الأغنيات لخدمة السياق الدرامي، وشخصية أم كلثوم تكون موجودة على المسرح طوال مدة العرض، كأنها الراوي، وتستعيد كل الأحداث التي مرت في مشوار حياتها ويشاركها على المسرح مجموعة من الممثلين يجسدون الأحداث التي تتذكرها بمشاهد حية، ولهذا كان اختيار الأغاني مهماً لخدمة السياق الدرامي، واختيار مجموعة من الأغنيات التي تعتبر محطات رئيسية في حياة أم كلثوم، وتؤرخ لحياتها عبر أغنياتها».

وتتابع: «من خلال دراستي للأوبرا، تعلمت التمثيل والغناء معاً، وأنا مطربة شرقية إلى جانب كوني مغنية أوبرالية، وبالطبع تأثرت كثيراً بشخصية وغناء أم كلثوم منذ طفولتي، وعندما أصبحت مدرسة للغناء الأوبرالي في المعهد العالي للموسيقى بسوريا درست للطلاب تقنية غناء وصوت أم كلثوم، وساعدني ذلك على فهم طبقات صوتها وإمكاناتها الصوتية الكبيرة والمتفردة، وأعتبر أن اختياري لتقديم شخصية أم كلثوم غناء وتمثيلاً يمثل تحدياً فنياً كبيراً أعتز وأفخر به، لأنه يحتاج إلى فهم كامل لطبيعة صوتها وإمكاناتها بالغناء، ولذلك فقد كانت دراستي وتخصصي عنصراً داعماً ساعدني على تجسيد الشخصية، وحرصت على أن أقترب من طريقة الأداء الحركي لسيدة الغناء العربي على المسرح، لدرجة أن وصلتني تعليقات من الجمهور العربي بافتتاح العرض على أهم مسارح أوروبا، يقولون إنهم نسوا أنهم يشاهدون مسرحية وتخيلوا أنهم يحضرون حفلاً حقيقياً لكوكب الشرق. وأعتبر هذا الدور فرصة ذهبية لتقديم صوتي بأفضل طريقة وتحقيق علامة مميزة في مشواري الفني».

وعن الاستغراق في تفاصيل الشخصية، وإمكانية تسببه في فخ الاكتفاء بتقليد أم كلثوم فقط، وأن يؤثر ذلك في شخصية الفنان الغنائية فيما بعد، تقول القنطار: «على العكس، لأن هناك فارقاً بين التقمص والتقليد، وتنصب مهام دوري على المسرح في الاجتهاد لتحقيق التقارب مع ملامح وصوت وحركات أم كلثوم، وهذا هو التجسيد الكامل الذي يعتبر من أهم متطلبات الدور، فالمسرحية إحياء لذكراها وتراثها، لكن في حفلاتي الخاصة تظهر شخصيتي الفنية الخاصة بي بوضوح، سواء من خلال الغناء الشرقي أو الأوبرالي».

وتطلعنا القنطار على أهم الأغنيات التي تشملها المسرحية، قائلة: «المقاطع الغنائية تستكمل التسلسل الدرامي للأحداث وأقدم في المسرحية نحو 20 أغنية من تراث أم كلثوم الثري، وترصد المشاهد حياتها منذ اكتشافها ورحلة صعودها وغنائها في زي صبي في البداية انطلاقاً إلى المراحل التالية في حياتها، لذلك فقد كان اختيار الأغاني مدروساً وتتضمن قائمة الأغاني أهم الأغنيات التي قام بتلحينها أعظم نجوم الموسيقى والملحنين والكتاب مثل أغاني «انت عمري ولسه فاكر» و«غداً ألقاك» و«الأطلال» و«القلب يعشق كل جميل» وغيرها من الأغاني الشهيرة، وقد تم توظيف الأغاني لتعبر عن الأحداث، فمثلاً أغنية «وأصبح عندي الآن بندقية» نضعها في السياق؛ حيث كانت تغنيها في زمن الحرب لتدعم المجهود الحربي، وهكذا تخدم الأغاني تسلسل الأحداث وشخصية كوكب الشرق».

وعن ذكرياتها في افتتاح المسرحية بأحد أهم مسارح وست إند في لندن تقول: «كانت تجربة لا تنسى، فقد كانت احتفالية كبرى بمسرح (البالاديوم) جمعت كل الجنسيات من محبي الموسيقى الكلاسيكية، خصوصاً الجمهور العربي بأوروبا، وللأسف توقفت العروض بعد انطلاقنا بقليل بسبب انتشار جائحة كورونا، لكننا سعداء باستئناف مشوار نجاح المسرحية، وأن تكون دبي محطة انطلاق العروض إلى منطقة الشرق الأوسط والعالم؛ إذ تعتبر هذه المسرحية عملاً فريداً، ومتكامل العناصر، فالديكور على الرغم من بساطته، فإنه يعمل على نقل المشاهد بين الأماكن والأزمنة التي تدور فيها الأحداث بسلاسة بالغة عبر تقنية التغيير السريع للديكور، كما قدم فنانو الماكياج والأزياء والأكسسوارات جهداً مهماً لتجسيد شخصية أم كلثوم، وتقديم صورة عن الأزمنة التي تدور فيها الأحداث، وبالطبع كان الجهد المبذول في أزياء أم كلثوم وتسريحة شعرها، وأن تكون مطابقة لما استقر في ذاكرتنا عن حفلاتها القديمة جزءاً مهماً من ملامح الإتقان والإبداع في إخراج المسرحية وإنتاجها والتي أعتبرها تتويجاً لمسيرتي الفنية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"