عادي

هم إنساني وشعور إماراتي

22:42 مساء
قراءة دقيقتين
منى-تهلك

د. منى تهلك

في شهري يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط الماضيين، شهد العالم زيادة في الإصابة بالحصبة، حيث تم تسجيل 17,338 إصابة حسب منظمة الصحة العالمية. والحصبة، لمن لا يعرفها، مرض فيروسي مُعدٍ يصيب الأطفال تحديداً؛ بل يعد من أكثر وأخطر الأمراض، وهو أيضاً قد يصيب الكبار. ولا يوجد علاج محدد للحصبة، كما أن المضادات الحيوية لا تجدي نفعاً معه، لأنه مرض فيروسي.

يقال إنه في عام 900م تمكّن الطبيب العربي أبوبكر الرازي من تمييز الحصبة عن مرض الجدري، وفرّق بينهما. أما في عام 1963 فقد تمكن عالم الفيروسات الأمريكي جون فرانكلين وفريق من الباحثين من إنتاج لقاح مضاد أسهم في ندرة الإصابة بهذا المرض للدرجة التي بات معها غير معروف لدى قطاع واسع من الناس. لذا تعتبر زيادة الأعداد المصابة بهذا المرض صدمة قوية لجهود الرعاية الصحية على مستوى العالم، وتشكل قلقاً لدى القطاعات الصحية في الهيئات والمنظمات الدولية، حيث توضح أن هناك تدهوراً وخللاً في علميات التلقيح وإعطاء الأطفال الأمصال التي يحتاجون إليها لمقاومة هذه الحمى القاسية، لكن الموضوع يتسع ليشمل اللقاحات الأساسية الأخرى.

الأرقام التي أعلن عنها كبيرة، حيث يقدّر أنه في عام 2020 لم يتلق 23 مليون طفل، اللقاحات الأساسية في مرحلة الطفولة، وهي اللقاحات التي يفترض أن تقدّمها عيادات الرعاية الصحة الأولية. وما الحصبة وبعض الفيروسات التي نلاحظ ظهورها بين وقت وآخر، وانتشارها السريع، إلا دلالة على أهمية دعم مراكز الرعاية الصحية في البلدان النامية وإمدادها بالأمصال التي تحتاج إليها، للوقاية من تلك الفيروسات والأمراض التي تخلصت منها البشرية منذ عقود طويلة، وعودتها الآن توضح أن هناك خللاً جسيماً في شبكة الرعاية الصحية العالمية.

لذا تظهر أهمية مبادرات على مستوى العالم مثل مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بأن تكون الإمارات مركزاً رئيسياً لمراقبة الأمراض والأوبئة المعدية، وقاعدة الانطلاق الحيوية للجهود العالمية المشتركة لاستئصالها والقضاء عليها، وتفضّل سموّه بتقديم أكثر من 250 مليون دولار لدعم الجهود الدولية للقضاء على شلل الأطفال، واستئصال الأمراض التي يمكن الوقاية منها في المجتمعات الأكثر فقراً التي تعاني تدهوراً في الخدمات الصحية حول العالم.

هذه المبادرة التي انطلقت منذ عام 2011 توضح السبق الإماراتي، والأهم الإحساس الإنساني بحاجة الآخرين في مختلف أرجاء العالم خاصة الأطفال للدعم والوقاية من الأوبئة والفيروسات.
استشاري أمراض نساء وولادة، مدير تنفيذي مستشفى لطيفة

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"