جين فوندا على الغلاف

00:05 صباحا
قراءة دقيقتين

في العام 1959، أي قبل ثلاثة وستين عاماً، اختارت مجلة «جلامور» (glamour)، المعنية بالموضة، صورة للنجمة السينمائية جين فوندا لتكون صورة غلاف لأحد أعدادها. وقبل فترة عادت فوندا، ثانية، لغلاف عدد جديد من المجلة، في صورة جديدة لها، نشرت على خلفية الصورة الأولى، بطريقة تجعل القارئ يقارن بين الصورتين، اللتين يفصل بينهما أكثر من ستة عقود. وفي مقابلة تلفزيونية مع النجمة الأمريكية الشهيرة، جاملتها المذيعة بالقول: إنك لم تتغيري كثيراً، فردّت فوندا: «بالعكس لقد تغيرت جداً!، كنتُ في الصورة الأولى أكبر مما أنا عليه الآن».

لم تقل جين فوندا ذلك من باب الدعابة، فبرأيها أن تكون شاباً فتلك مهمة شاقة، وقد شرحت وجهة نظرها بإيضاح أن الواحد منا عندما يكون في مقتبل العمر فإنه في الغالب لا يعرف ماذا يريد بالضبط، ماذا يريد أن يكون عليه، لكن عندما يكبر يكون قد حسم خياراته في الحياة، وأصبح يعرف نفسه بصورة أفضل، لذلك يشعر بالراحة والاتساق مع الذات، بعد أن غادر قلق الشباب. وتنصح فوندا الشبان والشابات بأن يحرصوا على الوقوف باستقامة، كي يحموا ظهورهم من الانحناء عندما يكبرون، ويستمروا في الشعور بأنهم لم يشيخوا، كما تحث هؤلاء الشباب أيضاً على ألاّ يفقدوا شغفهم ويحافظوا على فضولهم في المزيد من المعرفة.

جين فوندا لم تكن مجرد ممثلة سينمائية، فقد عرفت أيضاً بصفتها ناشطة سياسية ونسوية، وقد ذاع صيتها فترة الحرب الأمريكية في فيتنام؛ حيث كانت من أبرز المحتجين على تلك الحرب، والتُقطت صور لها وهي جالسة على مدفعية دفاع جوي فيتنامية شمالية خلال زيارة قامت بها إلى هانوي في عام 1972، اكتسبت بسببها لقب «هانوي جين»، ويسبب هذا الموقف وضعتها «هوليوود» على القائمة السوداء.

في المقابلة إياها ذكرت فوندا أنها خلال السنوات المنقضية اعتقلت خمس مرات، آخرها كانت بسبب مشاركتها متظاهرين تجمعوا أمام مبنى «الكونغرس» للمطالبة بحلول حقيقية لأزمة المناخ في العالم، داعية الشباب لأن يولوا مسألة البيئة اهتمامهم الكبير لأن ذلك يتصل بمستقبلهم، ويأتي هذا في سياق أنشطتها الاحتجاجية التي شملت مناهضة الحرب على العراق والعنف ضد النساء عبر مؤسسات معنية بقضايا المرأة وحقوقها.

نجمة الغلاف، الممثلة، والناشطة ضد الحروب، والنسوية، والمدافعة عن البيئة قالت كل هذا وقد تخطت الثمانين من عمرها بسنوات، مؤكدة أنها ما زالت تعمل بكامل أناقتها، وتشارك في مسلسلات تلفزيونية وأفلام سينمائية جيدة، كاسرة الصورة النمطية عن الشيخوخة بصفتها قرينة العجز والانسحاب من الحياة، ومعبرة عن سرورها بأن الكثير من الشبان يتابعون أعمالها ويتعلمون منها حبّ الحياة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"