عادي
علاقات دبلوماسية عريقة بدأت في 21 يونيو عام 1976

العلاقات الإماراتية اليونانية.. شراكات استراتيجية ورؤى مستقبلية

01:22 صباحا
قراءة 4 دقائق
العاصمة اليونانية أثينا

إعداد: محمود محسن

تجمع دولة الإمارات، وجمهورية اليونان، علاقات دبلوماسية عريقة بدأت في 21 يونيو/ حزيران عام 1976، توسعت إلى أن بلغت جلّ متانتها، واستهل المشوار الدبلوماسي مع الدولة الصديقة في 14 يوليو/ تموز 1976، بعد إعلان التوقيع على إنشاء لجنة مشتركة للتعاون الاقتصادي والثقافي والفني، ودخلت حيّز التنفيذ بالمرسوم الاتحادي رقم 79 لسنة 1980، ومنذ ذلك الوقت وإلى يومنا هذا توسعت دائرة مجالات وتخصصات الاتفاقات والمعاهدات المشتركة، وتأكدت متانة علاقة الصداقة بين الدولتين على مختلف أوجه التعاون، بفضل السياسة الدبلوماسية الإماراتية الاحترافية، ووعيها الكامل بضرورة الشمولية في علاقاتها الدولية مع دول المنطقة.

اتفاقات ومعاهدات متتالية رسخت العلاقات ووطدتها بين البلدين بفضل الرؤى السديدة لحكومة دولة الإمارات، وسياستها المتميزة في فتح باب التعاون وإيجاد سبل التنمية في إطار الشراكة الاستراتيجية مع دول العالم أجمع.

البيان المشترك

شهد عام 2020 تبادل اتفاقية البيان المشترك لإنشاء الشراكة الاستراتيجية بين دولة الإمارات وجمهورية اليونان، وتبادل مذكرة للتعاون في السياسات الخارجية والدفاعية، ويهدف الإعلان إلى تحقيق مزيد من النتائج والمبادرات والعمل المشترك في المجالات الرئيسية ذات الاهتمام المشترك، وشملت الشراكة ركائز عدة، منها التعاون السياسي والتنمية الإنسانية الدولية، حيث اتفقت الدولتان على تعزيز الحوار السياسي والمشاورات الاستراتيجية وزيادة التوافق مع القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.. كما اتفقت الحكومتان على العمل المشترك في المشاريع الإنسانية الدولية ومبادرات التنمية وتعزيز تعاونهما في المحافل المتعددة الأطراف، والتجارة والاستثمار والسياحة، إذ تعمل الحكومتان على تطوير علاقتهما الاقتصادية، لتعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية والسياحية بينهما، وتسهيل تبادل الخبرات والمعلومات في جميع المجالات المتعلقة بالاستثمار المشترك، ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال، وتطوير بنى شبكات الأعمال التي تشجع التعاون، مثل حاضنات الأعمال التجارية والتجمعات، وتدابير تعزيز بناء القدرات والترويج لريادة الأعمال في كلا البلدين.

أما على صعيد الثقافة، فعمل البلدان على تعزيز المعرفة المتبادلة وفهم التراث الثقافي. وفي مجال الطاقة عززت شراكة الدولتين، مجالات تحول الطاقة والبتروكيماويات والطاقة المستدامة والنظيفة، وتبادل المعرفة والمهارات والخبرات التقنية، والخدمات الرقمية والحكومية أيضاً، بالتعاون في ما يتعلق بالأنشطة الرقمية والخدمات الحكومية، إضافة إلى الغذاء والزراعة بالتعاون في مجالات الأغذية والزراعة ومصائد الأسماك، وتعزيز المشاريع والشراكات ذات الصلة لتعزيز استراتيجيات وأهداف الأمن الغذائي المشتركة بينهما، وأخيراً الدفاع بتأكيد الحكومتين استعدادهما لتوسيع التعاون الدفاعي، واستكشاف إمكانات جديدة في هذا المجال، بهدف التصدي الفعال للتحديات المشتركة التي تهدد السلام والأمن والاستقرار على الصعيدين، الإقليمي والعالمي.

علاقات اقتصادية

بلغت قيمة التجارة الخارجية غير النفطية بين الإمارات واليونان، خلال عام 2021 نحو 2.1 مليار درهم محققة نمواً بنسبة 67% مقارنة مع 2020، وبنسبة 23% عام 2019، ما يعكس تحقيق قفزة نمو كبيرة مقارنة بمستويات ما قبل جائحة «كورونا»، وبلغ رصيد قيمة الاستثمار اليوناني في الإمارات أكثر من 341 مليون درهم، لنهاية 2019 منها قرابة 50% في الأنشطة العقارية، و23% منها في النقل والتخزين و20% البناء والتشييد والمعلومات والاتصالات بنسبة 4%. وفي المقابل، زاد رصيد الاستثمارات الإماراتية المباشرة في اليونان لنهاية 2020 على 954 مليون درهم.

وتتمتع الإمارات بعلاقات اقتصادية حيوية ومتنامية مع جمهورية اليونان الصديقة، ونجح البلدان بجهودهما المشتركة، في بناء شراكة مستدامة ومتنوعة تحمل آفاق واعدة ومتجددة للنمو، وتسعى دائماً لتعزيز هذه الشراكة وفق رؤية جديدة تركز على المستقبل وكيفية الاستفادة من التكنولوجيا في تحقيق التطور الاقتصادي المنشود للبلدين، كما أن التعاون القائم مع اليونان يتميز بتنوع قطاعاته، وهناك استثمارات إماراتية ناجحة تحتضنها اليونان في العديد من الأنشطة الاقتصادية الحيوية، مثل الصناعات الدوائية وتطوير البنية التحتية وبناء السفن والمشاريع الزراعية، فضلاً عن حرص دولة الإمارات على توسيع مجالات العمل الاقتصادي القائمة لتشمل مختلف قطاعات استراتيجية ومستقبلية، مثل الاقتصاد الدائري والطاقة المتجددة والسياحة والطيران وتقنية المعلومات والاتصالات والتكنولوجيا المالية والمصرفية والأمن الغذائي والنقل المستدام، بما ينسجم مع رؤية دولة الإمارات للخمسين المقبلة، والاستراتيجيات التنموية التي تتبناها جمهورية اليونان.

دعم إنساني

استناداً إلى دورها في دعم الدول الصديقة وقت الأزمات، وانطلاقاً من مسؤوليتها الإنسانية والأخلاقية التي تتحملها تجاه الدول والشعوب التي تشهد أزمات وكوارث طارئة، وحماية المدنيين من تداعياتها الإنسانية، قدمت دولة الإمارات مساعدات إلى المتأثرين من حرائق الغابات في جمهورية اليونان الصديقة، وتعزيز الحماية للمدنيين وتوفير احتياجاتهم الضرورية، فضلاً عن مساهمتها في إخماد الحرائق، ضمن الجسر الجوي الذي سيّرته، عبر ذراعها الإنسانية، هيئة الهلال الأحمر التي حملت على متنها كميات كبيرة من المواد الغذائية والصحية ومكملات غذائية للأطفال ومواد مكافحة الحرائق من ملابس إطفاء ومضخات وخراطيم مياه وملحقاتها، إلى جانب مشاركتها بطائرة عمودية إماراتية في إخماد النيران في عدد من المواقع حول العاصمة اليونانية، بالتنسيق والتعاون مع الجهات اليونانية المختصة.

وجاءت هذه المساعدات تنفيذاً لتوجيهات صاحب السموّ الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وأوامر صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وبمتابعة سموّ الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ممثل الحاكم في منطقة الظفرة رئيس هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، وعززت دولة الإمارات جهودها في إخماد الحرائق في اليونان.

وكانت الإمارات كدأبها، من أوائل الدول التي أعلنت تضامنها مع الشعب اليوناني الصديق في هذه المحنة، وكانت قيادتها سباقة في تقديم الدعم والمساندة وتسخير الإمكانات خاصة اللوجستية منها لتعزيز الجهود المبذولة لإخماد الحرائق ومحاصرتها والحد من انتشارها وامتدادها إلى مناطق أخرى، كما أعدت هيئة الهلال الأحمر الإماراتي برنامجاً إغاثياً يلبي احتياجات الساحة اليونانية من المواد والمستلزمات الضرورية العاجلة، وفقاً للتقييم الميداني والتقارير الواردة للهيئة من هناك، التي في ضوئها تم تسيير جسر جوي لنقل المؤن بصورة عاجلة للسكان والمتأثرين في المناطق المتضررة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"