«الشارقة القرائي للطفل».. دورة إبداعية

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

يقف المتابع لمهرجان الشارقة القرائي للطفل عند مفاصل محدّدة في تاريخه وتحوّلاته نحو الأفضل دائماً، منذ انطلاق دورته الأولى في العام 2010 وحتى هذه الدورة الثالثة عشرة التي اجتهد في وصفها ب«الدورة الإبداعية» بعدما تجاوز المهرجان العقد من عمره، وتحوّل إلى حدث ثقافي في حدّ ذاته، يستقطب الكبار والصغار معاً ضمن الإطار المعرفي الفكري لمشروع الشارقة الثقافي الذي يجمع في مساراته محطّات كبيرة مركزية، بدءاً من معرض الشارقة الدولي للكتاب، وإلى مبادرات المسرح، وحتى الهوية الجمالية الفنية التي عمّق ثقافتها المحلية بينالي الشارقة. 

ومن بين هذه المسارات يأتي «مهرجان الشارقة القرائي للطفل» محطة أساسية أيضاً في إطار مشروع الشارقة الثقافي الذي يركّز عمودياً وأفقياً على ثقافة القراءة، وصنع المعرفة، والرهان على المستقبل الأجمل عن طريق الكتاب.

منذ البداية توجّه مهرجان الشارقة القرائي إلى أكثر من مرحلة حيوية في حياة الإنسان: الطفل واليافع والفتى والشاب. وإذا كانت القراءة هي هدية الكون والحياة للإنسان، فإن الطفل والكهل والشاب والشائب، والصغير والكبير، يتقاسمون هذه الهدية العزيزة من حيث الثقافة والمعرفة وبناء الإنسان.

عند لحظة شفافة تماماً في حياته، يجد الكبير في العمر نفسه مدفوعاً إلى أن يقرأ كتباً للأطفال: أطفاله أو أطفال العالم. وفي لحظة إنسانية شفافة أيضاً، يجد الكبار أنفسهم بحاجة تلقائية إلى مشاهدة رسوم ولوحات الأطفال، ربما ليبحثوا عن طفولتهم في طفولة أبنائهم، ولكي يستعيدوا شيئاً ممّا فقدوه أو تجاوزوه في أعمارهم البشرية التي لا تتوقف عن الدوران.

هذه نقطة إنسانية أو عاطفية أردت الإشارة إليها ونحن نتحدث عن الطفل وكتبه ولوحاته وخطوطه وألعابه، ولكن من زاوية عملية أخرى، يمكن القول إن صناعة كتاب الطفل باتت اليوم صناعة دقيقة الحرفية والمهنية، ولا يبرع في هذه الصناعة سوى المتخصصين حتى درجة مميزة من الخبرة والتاريخ المهني في هذا المجال.

لكي نوجد طفلاً قارئاً منذ أعوام عمره الأولى وحتى يفاعته وفتوّته، ومن ثم شبابه، علينا أولاً أن نوجد كاتباً أدبياً محترفاً يعرف جيداً أصول الكتابة للطفل، ثم علينا ثانياً أن نبحث عن ناشر متخصص في كتب وثقافة وأدب وفنون الطفل، بعيداً عن السرعة والارتجال.

إن الكتابة للطفل هي فن عبقري أصعب بمراحل من الكتابة للكبار، وفي محاذاة ذلك، فإن صناعة كتاب الطفل ربما أصعب أيضاً من صناعة النشر التقليدية المعروفة والموجّهة للكبار. ففي صناعة النشر الموجّهة للطفل نكون محظوظين إذا التقينا بناشر أطفال أخلاقي أولاً، مثقف ثانياً، والأهم أن يكون في داخل هذا الناشر طفل لم يكبر بعد.

ولعلّ فكرة الطفل الذي لم يكبر بعد هذه، هي تلك الفكرة التي نبحث عنها ليس فقط عند الناشر؛ بل عند المؤلف أيضاً الذي يكتب للطفل، وعند الفنان الذي يرسم لهذا الكائن الصغير الجميل.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"