لا يوجد يوم للكتابة

00:05 صباحا
قراءة دقيقتين

أكثر من كاتب أجنبي حوى كتاب «يوم من حياة كاتب» شهادات لهم، قالوا إنه لا توجد لديهم أيام مخصصة للكتابة، وأخرى لممارسة أشياء أو إنجاز مهام أخرى غيرها، فيمكن أن تأتيهم ما يشبه «نوبة» الكتابة حين يجدون أنفسهم غارقين فيها، غير آبهين بمرور ساعات النهار أو الليل، ويمكن أن يحدث العكس تماماً، تمرّ أيام وربما أسابيع يجدون أنفسهم عازفين عن هذه الكتابة، منصرفين إلى أمور أخرى، قد لا يخلو بعضها من «التفاهة» على وصف أحدهم.
وكتاب «يوم من حياة كاتب» الصادر عن دار «تكوين» في دولة الكويت، حوى شهادات قصيرة لتسعة وخمسين كاتباً من مختلف بلدان العالم وقاراته ترجمها إلى العربية علي زين، وفي كل شهادة يتحدث الكاتب المعني عن ما الذي يعنيه له «يوم الكتابة»، وتراوحت الشهادات بين من تحدث بالفعل عن طقوسه في الكتابة كل يوم، وبين من سخر من فكرة هذا اليوم من أساسها.
هوارد جيكوبسون الحائز جائزة «البوكر» العالمية لعام 2010 ، قال إن هناك بالفعل يوماً يسميه يوم كتابته، لكن ذلك لا يعني بالضرورة أنه سيكتب فيه، أو حتى سيحاول أن يكتب بالتحديق في صفحة فارغة قد يستدرجه بياضها لأن يكتب، فكثيراً ما يحوّل هذا اليوم مناسبة للوم الذات والهلع المستمر، إنه، حسب وصفه: «وقت لرثاء السنين الماضية التي ولّت، وقت للتحديق من النافذة، والتفكير في أن الكتّاب العظماء مثل جوزيف كونراد وجورج إليوت كانوا قد بدأوا الكتابة في مثل عمري الآن».
تسمية أيام بعينها بأيام الكتابة تعطي، برأي الكاتب، انطباعاً خاطئاً بأن ذلك يعني ضمنياً وجود أيام لا تصلح للكتابة، وهذا غير صحيح، فالكتابة هي من تفرض وقتها، وهي غير معنيّة بما إذا كان هذا الوقت مخصصاً لها أو غير مخصص، حين يجد الكاتب نفسه في جو الكتابة، بصرف النظر عما يحيط به.
كاتب آخر من جامايكا، هو كي ميلر، قال إنه حتى لو لم يكتب في تلك الأيام التي توصف بأنها أيام للكتابة، فإنه ينشغل بالتفكير خلالها في جمل لم تكتب بعد ومحاولة نطقها على لسانه واكتشاف إيقاعها وتوقفها وجريانها، أو قد يمضي تلك الأيام في مطاردة فكرة غريبة.
هناك كتّاب لم يكتفوا بالحديث عن أوقات الكتابة، وإنما تحدثوا أيضاً عن أمكنة هذه الكتابة، ليؤكدوا فكرة أنه لا يوجد مكان مثالي للكتابة، فيمكن أن يكون هذا المكان محطة قطار، أو مقعداً في إحدى عربات هذا القطار، أو في قاعة انتظار بمطار من المطارات، أو حتى في مقهى مليء بالضجيج، كما قال غابرييل ماركيز مرة.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"