فقراء يصارعون مـن أجل الحياة

00:44 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

سريلانكا هي واحدة من الدول الفقيرة التي أنهكها وباء كورونا، وجاءت الحرب في أوكرانيا لتقصم ظهرها وتضعها في مهاوي الفقر والجوع والديون، ما أجبر الفقراء والجياع على النزول إلى الشوارع طلباً للإنقاذ، بعد أن دخلت البلاد في أزمات اقتصادية ومالية مع مخاوف من إفلاسها إثر ارتفاع التضخم وأسعار المواد الغذائية إلى مستويات قياسية، فضلاً عن نفاد خزينة الدولة.

 السريلانكيون الذين احتلوا شوارع العاصمة كولومبو منذ أكثر من شهر أجبروا رئيس الوزراء ماهيندا راغاباكسا على الاستقالة، ويطالبون باستقالة شقيقه الرئيس غوتابايا راغاباكسا بعد أن بلغت الأزمة ذروتها، حيث سقط نصف مليون شخص تحت خط الفقر منذ بداية الوباء، وفق تقديرات البنك الدولي، وفاقمت الحرب الأوكرانية وتداعياتها الاقتصادية من حدة الأزمة، إذ سجل التضخم مستوى قياسياً بلغ 11.1 في المئة حتى نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، ومن المؤكد أنه تزايد خلال الأشهر التالية، وتركت الأسعار المتصاعدة أولئك الذين كانوا في السابق ميسوري الحال يكافحون لإطعام عائلاتهم، في حين أن شراء السلع الأساسية للاستهلاك اليومي أصبح صعباً بالنسبة للكثيرين، إضافة إلى نقص الوقود وانقطاع التيار الكهربائي.

 وقد أدت الجائحة إلى خسارة آلاف الوظائف، وخصوصاً في قطاع السياحة الذي كان يوفر أكثر من عشرة في المئة من الناتج المحلي، حيث فقد أكثر من 200 ألف شخص وظائفهم وسبل عيشهم جراء ذلك.

 كما أن الديون الخارجية التي بلغت 51 مليار دولار باتت تشكل عبئاً ثقيلاً على البلاد، بحيث لم يعد بمقدورها السداد، إذ سيطلب منها سداد حوالى 7.3 مليار دولار في شكل قروض محلية وأجنبية هذا العام، بما فيها سداد سندات سيادية دولية بقيمة 500 مليون دولار. وهي مدينة للصين وحدها بأكثر من 5 مليارات دولار، وفي الشهر الماضي حصلت من بكين على قرض إضافي بقيمة مليار دولار لمساعدتها على تجاوز أزمتها المالية، وأعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشاو ليجيان «أن إعلان التخلف عن سداد الديون لن يمنع بكين من تقديم المساعدة لاقتصاد سريلانكا الغارق في أزمة»، وأضاف «دائماً ما بذلت الصين كل ما في وسعها للمساعدة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية لسريلانكا، وسنواصل ذلك في المستقبل».

 سريلانكا هي مثال لأوضاع عشرات الدول الفقيرة في مختلف دول العالم التي تواجه أوضاعاً اقتصادية واجتماعية صعبة جراء تداعيات جائحة كورونا، وسوف تزداد أوضاعها سوءاً في حال طالت الحرب الأوكرانية وعجزت روسيا وأوكرانيا عن إمداد العالم بالقمح والذرة والحبوب الأخرى باعتبارهما من أكبر المصدرين في العالم لهذه المواد، إضافة إلى ارتفاع أسعار الوقود.

 لو أن الدول الغنية التي تقف على رأس النظام الدولي وتتحكم بمقدرات العالم وتخوض الحروب وتمارس الهيمنة، وتنفق مليارات الدولارات على الأسلحة، تخصص جزءاً مما تنفقه لمساعدة الدول الفقيرة التي تلعق جراحها، أو تسقط ديونها، لكان العالم بخير، ولما شاهدنا ما يحدث في سريلانكا وغيرها من الدول المماثلة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"