مسيرة جديدة في الإمارات

00:18 صباحا
قراءة 3 دقائق

د. كمال بالهادي

بعد أن وُوري جثمان المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رحمه الله، الثرى في موكب عكس التقاليد العربية الإسلامية الأصيلة، انتخب المجلس الأعلى للاتحاد في دولة الإمارات العربية المتحدة صاحب السمو الشيخ محمّد بن زايد آل نهيان رئيساً للدولة، لتنطلق مرحلة جديدة من البناء والتشييد التي بدأت منذ عهد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.

 يمكن القول إن هذا الانتقال السلس للسلطة في دولة الإمارات التي تمثل تجربة وحدة عربية فريدة من نوعها، يثبت أنّ القادة الإماراتيين يرغبون في مواصلة نهج الشيخ زايد، وهو نهج فريد في البناء والازدهار. والشيخ محمد بن زايد لن يخرج عن هذا الإطار وهو الذي تتلمذ على يد والده وكان عضيده ومشاركاً في ورشة البناء والتقدم.

 لقد استطاعت دولة الإمارات في السنوات القليلة الماضية، أن تواصل مسيرة الازدهار الاقتصادي، وأن تطبع اقتصادها بصفة نهائية بطابع التنوّع وعدم الاقتصار على العائدات البترولية. والحقيقة أن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، طبع السياسة الإقليمية والخارجية لدولة الإمارات بطابع يثبت الدور الذي باتت تلعبه هذه الدولة العربية في الملفات الإقليمية والدولية. ويمكن إيجاز هذه التحولات الجذرية في جملة من النقاط التالية:

- تعزيز الروابط بين الإمارات والمملكة العربية السعودية، ما أدى إلى تشكيل تحالف استراتيجي خليجي عصيّ على الاختراق، وأثبت رئيس دولة الإمارات متانة هذا التحالف مع الشقيقة الكبرى، ففشلت كل محاولات الاختراق، بل إن البلدين يعيشان الآن إحدى أفضل لحظات تاريخهما.

- استطاعت الإمارات في عهد الشيخ خليفة بن زايد، ومعه الشيخ محمد بن زايد أن يكون لها القول الفصل في محاربة التيارات الإخوانية والحركات الإرهابية والتطرف، فوقفت إلى جانب مصر في حربها على الإرهاب وتصدت للمشاريع التي أرادت أن تجعل من ليبيا قاعدة للدواعش. والأهم في نظرنا أنّ صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد كان حريصاً على رأب الصدع العربي في أكثر من مرة. وأثبت في مبادرات عديدة أنه رجل مصالحة عربية.

- نجح رئيس دولة الإمارات في اختراق الطوق وكسر جدار الحصار الذي فرض على سوريا منذ العام 2011. وكانت الإمارات من أولى الدول التي أعادت بعثتها الدبلوماسية إلى سوريا وقدم مساعدات للشعب السوري إبان انتشار وباء كورونا. 

 وكان صاحب السمو من أول الرؤساء الذين تواصلوا مع الرئيس السوري بشار الأسد، الذي اختار الإمارات لتكون أول دولة عربية يزورها منذ الحصار الذي فرض على بلاده في العام 2011.

دولة الإمارات في عهد محمد بن زايد، ستواصل لعب مثل هذه الأدوار، وبطريقة أكبر، لإثبات أن قصة النجاح الإماراتية لم تكن حالة عربية عرضية بل يمكن أن تتحول إلى تجربة يحتذى بها في حسن التخطيط واستشراف المستقبل، وفي فرض مكانة العرب قوة إقليمية لا يجب أن يقع تناسيها.

 إن صاحب السمو محمّد بن زايد، سيكون خير خلف لخير سلف، بل إنه قادر على قيادة الإمارات العربية المتحدة لتكون الدولة الفاعلة في هذا المشهد العالمي الذي يولد من رحم ما كان يسمى «الربيع العربي» ومن رحم الوباء العالمي، ومن رحم الحرب الأوكرانية.

 إنّ الإمارات الجديدة والمتجددة على الدوام، ستواصل مسيرة زايد، وسيكون لها الدّور الأكثر فاعليّة وتأثيراً في المستقبل. ذلك أن القوى الدولية تدرك أيّ أثر لهذه الدولة العربيّة في قضايا المنطقة، وفي قضايا الشرق الأوسط عموماً. وفي التشكلات العالمية الجديدة.

 ولعلّ ما يثبّت أركان البيت الإماراتي، لتقوم الدولة بدورها الإقليمي والدولي والعربي، هو تلك الوحدة الداخلية المقدّسة، التي ظهرت في خطابات المبايعة التي صدرت عن قيادات الدولة وعلى رأسهم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، الذي قال «انتخب المجلس الأعلى للاتحاد اليوم أخي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيساً للدولة. محمد بن زايد هو ظل زايد وامتداده فينا.. ومؤسس مئوية دولتنا.. وحامي حمى اتحادنا. نبارك له، ونبايعه، ويبايعه شعبنا.. وتنقاد له البلاد كلها ليأخذها في دروب العز والمجد والسؤدد بإذن الله».

 وكذلك ما قاله صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بأن انتخاب صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد «يمثل امتداداً للمسيرة الحضارية والمتطورة بشكل متسارع لدولة الإمارات، فهو من عاصر نهضتها منذ صغره برفقة والده المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس الدولة، والشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، والقادة المؤسسين، رحمهم الله جميعاً، وساهم في بناء الدولة وحافظ عليها». وبالتأكيد ستضيف آليات وأدوات فعل جديدة، تساهم في نقل الإمارات إلى مرحلة نماء وخصب يستحقها الشعب.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب صحفي وباحث في قسم الحضارة بجامعة تونس

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"