عادي

الصين لا تحتاج عملة مشفرة.. تبني بهدوء منصة «بلوك تشين»

12:46 مساء
قراءة 3 دقائق
دبي: هشام مدخنة

في خطاب ألقاه عام 2019، قال الرئيس الصيني شي جين بينج، إن تقنية بلوك تشين كانت «اختراقاً مهماً» في الابتكار المستقل للتقنيات الأساسية. ونتيجة لهذا الخطاب، تم اعتماد التقنية أولوية وطنية للصين، إضافة إلى تقنيات أخرى مثل أشباه الموصلات، التي تحاول الدولة تعزيز قدراتها فيها.
ومنذ ذلك الحين، تبني الصين بهدوء منصة تهدف إلى تسهيل نشر التقنية للشركات والأعمال، سُميت «شبكة الخدمة المستندة إلى بلوك تشين» أو «شبكة خدمات بلوك تشين» BSN. فما هي؟
في البداية دعونا نستذكر مفهوم «بلوك تشين» الذي برز لأول مرة قبل نحو 14 سنة بوصفه التكنولوجيا الأساسية لعملة البيتكوين المشفرة. فهي تقنية لا مركزية ولا يوجد كيان واحد يمتلكها أو يديرها، وتتباين الإشارة إليها بين العامة والخاصة. إذ تسمح بلوك تشين غير المصرح بها، أو العامة، لأي شخص بالانضمام إلى السلسلة، وتتم صيانتها بواسطة شبكة من المشاركين الذين يشغلون أجهزة كمبيوتر وبرامج متخصصة. وعلى النقيض من ذلك، فإن البلوك تشين المرخصة عادة ما تكون خاصة وتسمح فقط لمشاركين معينين بالمشاركة في استخدامها.
لماذا نستخدم بلوك تشين؟
يقول مؤيدو هذه التقنية إن بلوك تشين يمكن أن تساعد على تحقيق الشفافية والسرعة للعمليات البطيئة والمكلفة عادة، مثل تحويل الأموال عبر الحدود. وهناك جانب آخر مهم، وهو ما يسمى بالعقود الذكية. تلك العقود المكتوبة على شكل رمز، والتي يتم تنفيذها تلقائياً في حالة استيفاء شروط معينة. وهو ما يراه المؤيدون عناصر أساسية في مجالات مثل تمويل العمليات التجارة.
وقال ييفان هي، الرئيس التنفيذي لشركة «ريد داتا تكنولوجي»: «نعتقد أن تقنية بلوك تشين قوية جداً لدرجة أنها ستغير شبكة الإنترنت بالكامل، وكل بنية نظام تكنولوجيا المعلومات تقريباً».
ما هو دور BSN؟
هي شبكة بنية أساسية عالمية توفر حلاً شاملاً لتطبيقات بلوك تشين وتستهدف الشركات، وعلى وجه الخصوص، تلك المسؤولة عن تشغيل البنية التحتية للحوسبة السحابية، أو شركة تدير سحابة خاصة بها.
وتعتبر BSN نفسها «متجراً شاملاً» لنشر تطبيقات بلوك تشين في السحابة، وهي عملية مكلفة وتستغرق وقتاً طويلاً في الظروف العادية. كما أنها تحاول حل مشاكل التشغيل البيني، أو ربط سلاسل الكتل المختلفة مع بعضها البعض ضمن التطبيقات. وبالنسبة للشركات التي ترغب في استخدام العديد من تطبيقات البلوك تشين في مؤسساتها، فإن تقنية BSN ستسمح لها بالقيام بذلك عبر مزود السحابة الذي يستخدمونه بدلاً من تثبيت مجموعة من الخوادم الجديدة لبناء منتج بلوك تشين تقليدي. إذن الفكرة هنا هي أنه يمكن لأي شركة أو حكومة استخدام منصة «شبكة خدمات بلوك تشين» لنشر التطبيقات ذات الصلة بيسر وسهولة ودون تكبد تكاليف باهظة.
لا داعي للتشفير
ومع ذلك، فإن إحدى النقاط الرئيسية حول BSN هي أنها لا تصنع «بلوك تشين» الخاص بها، كما أنه لا توجد عملة مشفرة مرتبطة بالمنصة. ذلك لأن الصين حظرت بشكل فعال الأنشطة المتعلقة بالعملات المشفرة وجعلتها غير قانونية. وبالتالي، لن تحتاج الحكومات والشركات الكبيرة، التي لا ترغب في التعرض لطبيعة العملات الرقمية المحفوفة بالمخاطر والمتقلبة، إلى عملة مشفرة مرتبطة ببنيتها التحتية للعمل وفق تقنية BSN.
صراع تقني
خلال السنوات القليلة الماضية، انخرطت الولايات المتحدة في منافسة تقنية شديدة مع الصين التي ركزت على ما تسميه «التقنيات الرائدة» بما في ذلك الحوسبة الكمومية وأشباه الموصلات، والبلوك تشين. وركزت شركات التكنولوجيا الصينية كثيراً على التوسع الدولي، وهي خطوة تدعمها بكين في سياق معركة التكنولوجيا العالمية مع الولايات المتحدة.
وBSN عبارة عن مشروع طموح يجعل تقنية البلوك تشين أكثر سهولة وقابلية للتطبيق عملياً لكل مطور تطبيقات في العالم. كما يمكن للمبادرة أن تحفز على إنشاء مشاريع بلوك تشين مختلفة بين الحكومات والمؤسسات.
لكن ما لم تجد الصين طريقة توفق فيها جوهرياً بين طموحها المعلن لدعم النظام البيئي المحلي لتطوير بلوك تشين والطبيعة اللامركزية لهذه التكنولوجيا، فضلاً عن التعامل بأريحية في تبني تقنياتها والسيطرة التنظيمية الهادفة، فلن يكون أمامها فرصة لتصبح رائدة عالمياً في هذا القطاع الاستراتيجي المهم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"