عالم اللا يقين

00:06 صباحا
قراءة دقيقتين

يندفع الغرب في تصعيده للمواجهة مع روسيا، عبر الأراضي الأوكرانية، غير آبه بالتبعات الخطيرة جداً، لا على الأمن والسلم في العالم، ولا بالتبعات الاقتصادية والمعيشية المخيفة التي تتهدد العالم، وبدأت آثارها الخطيرة في الظهور، هذا فضلاً عن النذر المشؤومة للأسوأ القادم، إن لم يراجع هذا الغرب، وفي المقدمة منه الولايات المتحدة، حساباته، فجعل هزيمة روسيا في أوكرانيا هدفاً له، سيكون خياراً كارثياً، علماً بأن الهزيمة المبتغاة ليست طوع اليدين، ودونها مصاعب أكثر من أن تحصى.

كان بوسع هذا الغرب تدارك الموقف عند بدء الأزمة، حين أعلنت موسكو عن عمليتها العسكرية في أوكرانيا، بل كان يمكن تفادي هذه الحرب من الأساس، لو أظهر هذا الغرب المسؤولية الضرورية في طمأنة روسيا إلى سلامة حدودها وأراضيها، وعدم تحويل محيطها الجيوسياسي إلى منطلق لاستفزازها وإخافتها، لكنْ كثر هم المراقبون الذين يقولون إن الغرب استهواه استدراج روسيا نحو المواجهة، كي يدفع بها نحو السيناريو الذي نحن اليوم شهود عليه.

مؤسسات وهيئات دولية وازنة تتحدث اليوم عن ما تصفه بحال «اللا يقين» الذي يعيشه عالم اليوم على المستوى الاقتصادي بدرجة أساسية، بسبب تداعيات الحرب في أوكرانيا، والعقوبات الاقتصادية المتطرفة التي تمادى الغرب في فرضها على روسيا. ومن أسباب هذا «اللا يقين» أن العالم، وهو بالكاد يسعى إلى التعافي من تبعات جائحة «كورونا»، التي ما زال مبكراً القول إنها انتهت، حتى وجد هذا العالم نفسه في أتون أزمة أخطر بسبب الوضع الأوكراني، ووفق بعض التقديرات فإن الأفراد في جميع أنحاء العالم سيشعرون بتكاليف انخفاض التجارة والإنتاج، نتيجة ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة وتوقف السلع التي تنتجها كل من روسيا وأوكرانيا.

الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس يتوقع أن توقع هذه الأزمة نحو 1,7 مليار شخص في براثن الفقر والعوز والجوع على نطاق لم نشهده منذ عقود، فيما يصف ديفيد مالياس، رئيس البنك الدولي، تبعات الحرب في أوكرانيا بالكارثية على المستوى العالمي، وستؤدي إلى تقليص النمو للعالم أجمع، وسيمتد تأثيرها إلى ما وراء حدود أوكرانيا.

أرقام مستقاة من مصادر ذات صدقية تشير إلى أن التجارة العالمية، شهدت انخفاضاً تبلغ قيمته 285 مليار دولار أمريكي، نتيجة الأزمة الروسية الأوكرانية وعلينا توقع الأسوأ، وكل ذلك جرى فيما العالم شهد، حتى قبل الحرب، ارتفاعاً في حجم المديونية العالمية بلغ 303 تريليونات دولار أمريكي، ويعدّ ذلك أكبر طفرة منذ أكثر من خمسين عاماً، وأن 60% من بلدان العالم الأشد فقراً، أصبحت إما في حالة مديونية حرجة بالفعل أو مُعرضة لمخاطر مرتفعة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"