لغم أطلسي جديد

00:26 صباحا
قراءة 3 دقائق

يبدو واضحاً لكل متتبع للأزمة الأوكرانية، أن الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، وذراعها العسكرية، حلف الناتو، لا تسعى إلى إطالة أمد الحرب في أوكرانيا، وحسب، وإنما فتح جبهات جديدة ضد روسيا، كأننا أمام سيناريو معد سلفاً، لعبت كييف فيه دور الصاعق الذي فجّر الصراع، من خلال سياستها العدائية لموسكو، التي أجبرت الكرملين على اتخاذ قرار القيام بالعملية العسكرية الخاصة، كخطوة استباقية لما استشعرته موسكو مما يحاك ضدها في عواصم الغرب.
 ولو نظرنا إلى ما يجري مؤخراً، نرى أنه وبعد إغراق الدول الغربية لأوكرانيا بالأسلحة والأموال، ومع زيادة العقوبات الاقتصادية على روسيا، ها هو حلف الناتو، عنوان الأزمة الحالية بين روسيا وأوكرانيا، يخطط لاقتحام الفناء الغربي لروسيا في منطقة البلطيق، لتكون قواته ليست قريبة من الأراضي الروسية، بل متاخمة لها تماماً، من خلال مخطط إلحاق كل من فنلندا والسويد بحلف شمال الأطلسي،
الأمر الذي دفع بموسكو إلى تكثيف استعداداتها العسكرية وغيرها، لمواجهة ذلك الخطر الجديد الذي سيجعل من قوات «الناتو» تحاذي روسيا على حدود برية يزيد طولها على 1300 كيلومتر. ومع التحذيرات المتتالية التي جاءت على لسان أكثر من مسؤول روسي سارع الكرملين إلى وضع آليات محددة للتحرك في المرحلة اللاحقة، بعد اجتماع عقده مجلس الأمن القومي الروسي ناقش خلاله الخطوات العملية التي ستقوم بها روسيا، لمواجهة التهديد الجديد.
 واعتبر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يوم الاثنين الماضي، أن انضمام فنلندا والسويد المحتمل إلى «الناتو» لن يشكل «تهديداً» في ذاته، لكن موسكو سترد على عمليات الانتشار العسكري المحتمل «للناتو». 
 لكن الكرملين كان حذّر في وقت سابق، من أن قرار فنلندا الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي «يشكل خطراً على أمن روسيا»، وأكدت الخارجية الروسية أن موسكو ستضطر إلى اتخاذ خطوات للرد على التطور الجديد، فيما حذر نائب مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، دميتري بوليانسكي، من أن انضمام السويد وفنلندا إلى حلف الناتو سوف يغير جذرياً الوضع الأمني في أوروبا.
 وفيما يبدو أنه تصعيد لافت في اللهجة الروسية، أكد بوليانسكي أن الناتو تحالف عدو لروسيا، وإذا انضمت إليه فنلندا والسويد، فإن على المراقب أن يستخلص الاستنتاجات التي سوف تترتب على ذلك.
 أما نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي ديمتري ميدفيدف، فقد ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك في تحذيراته للغرب، عندما أكد أن روسيا ستعمل على تعزيز حدودها الغربية، إذا انضمت السويد وفنلندا إلى صفوف حلف «الناتو»
 وفي إشارة إلى الأبعاد التاريخية للخلاف الروسي مع الغرب كتب ميدفيدف على صفحته بمنصة تلغرام يقول: إن تكرار الخطأ الاستراتيجي الذي وقع فيه أسلافه بإهمالهم الخطر المتربص بهم من الغرب لا يمكن أن يتكرر، ملوّحاً من جديد بالسلاح النووي، قائلاً: إنه لن يكون من الممكن بعد الآن الحديث عن وضع خال من السلاح النووي في منطقة البلطيق، وأنه يجب إعادة التوازن في هذه المنطقة.
 مما تقدم يبدو أن الغرب يسعى جاهداً لتأجيج الصراع الذي وجد فيه فرصة لتصفية حساباته مع روسيا التي لا يخفي عداءه لها، ومحاولاته إضعافها عسكرياً واقتصادياً بغية الحفاظ على الهيمنة الغربية الاستعمارية على العالم، وهو ما تؤكد روسيا أنها تسعى لتغييره، فهل يتعقل ساسة الغرب، ويسعون لحلول وسط مع روسيا، أم أنهم سيأخذون العالم بعنجهيتهم إلى آتون حرب عالمية ثالثة لن يسلم منها أحد لو اندلعت؟
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"