الإمارات.. تأسيس وتمكين وانطلاق

00:49 صباحا
قراءة 3 دقائق

د. ناجي صادق شراب

بتولي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئاسة دولة الإمارات بسلاسة سياسية تظهر قوة الدولة وروح الإجماع والاتحاد، فإن هذا الانتقال يجسد أهم مقومات نجاح واستقرار الدولة وسمة من سمات الحكم الرشيد الذي أسس مرحلته الأولى المرحوم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه. التي تشكل بداية للمرحلة الثالثة من التطور السياسي الذي تمر بها الدولة. وأساس هذه المرحلة هو الانتقال إلى الدولة الاتحادية المعاصرة بمؤسساتها، وهي عملية احتاجت إلى رؤية وعقلانية وحكمة توفرت في المؤسس الذي وضع أولويته في بناء الدولة والاتحاد في مرحلة تعتبر من أخطر المراحل التاريخية التي مرت بها الدولة، وهي مرحلة الصراع الدولي والإقليمي. فكانت الأولوية لقيام الاتحاد وتسخير كل الإمكانات المادية والبشرية لنجاح التجربة، وتمثلت الخطوة الأولى في بناء الإنسان الإماراتي بتوفير كل أسس البناء من تعليم وصحة ورعاية اجتماعية وبنية حديثة من الطرق تربط كل الإمارات، وفي الوقت ذاته بتبني سياسة خارجية متوازنة بعيدة عن الاستقطاب والدخول في المنازعات الإقليمية والدولية، والتأسيس لأهم مقومات الدولة الناجحة بتبني منظومة القيم التي تجمع بين الأصالة والحداثة وقيم التسامح والخيرية والإنسانية. ولهذا تم تأسيس صندوق أبوظبي للتنمية الذي ساهم في تنفيذ هذه السياسة وتشكيل المؤسسات الخيرية، وامتدت هذه المرحلة من 1971 إلى عام 2004 لتبدأ مرحلة جديده بتولي الشيخ خليفة، رحمه الله، رئاسة الدولة بعد وفاة المؤسس، لتبدأ مرحلة جديده من التمكين والتكامل السياسي الشامل على مستوى المواطن وعلى مستوى البنية المؤسساتية. 

 والشيخ خليفة، طيب الله ثراه، من جيل المؤسسين وساهم في عملية التأسيس على مستوى إمارة أبوظبي والاتحاد بتوليه العديد من المناصب التنفيذية. وعمل بجانب القائد المؤسس. ولعل أبرز معالم رئاسته خطاب التمكين السياسي عام 2014 والذي قال فيه: «إننا اليوم على مشارف مرحلة جديدة بتكريس مبادئ سيادة القانون وقيم المساواة والشفافية وتكافؤ الفرص. وتحقيقاً لهذا فإن المرحلة الجديدة تتطلب إعادة بناء وإعادة ترتيب وإعادة تأصيل للنظم والهياكل الحكومية القائمة من حيث بنيتها ووظيفتها». وفيها تم إعادة بناء المجلس الوطني على أساس: النصف بالانتخاب والنصف بالتعيين، لزيادة درجة التمكين السياسي والمشاركة السياسية للمرأة والرجل على قدم المساواة. ومن أبرز معالم مرحلة التمكين السياسية استكمال بناء المؤسسة العسكرية والكليات العسكرية وعملية بناء جيش قوي مزود بأحدث الأسلحة، واستكمال البنية الاقتصادية ومشاركة المواطن بدرجة كبيرة في عملية صنع السياسة العامة والقرار السياسي وتقلد المنصب السياسية العليا. 

 ولقد اتسمت هذه المرحلة بانتهاج سياسات عقلانية ومتوازنة في العلاقات الخارجية واكتمال الخريطة السياسية للدولة. ولعل من أهم سمات مرحلة التمكين مساهمة القيادة السياسية للدولة وفي مقدمتها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد اللذان شكلا العمودين الاستراتيجيين في نجاح هذه السياسة واستكمالها. واليوم وبوفاة قائد التمكين تبدأ دولة الإمارات مرحلة سياسية جديدة من الريادة وصنع المستقبل باستكمال الرؤية المئوية للدولة، وبتولي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد رئاسة الدولة تستمر مرحلة التأسيس والتمكين لتجسدها مرحلة الريادة والدور والمكانة الإقليمية والدولية والتي تقوم على ركيزتين أساسيتين، الركيزة الأولى هي المواطنة الواحدة، والركيزة الثانية البنية المؤسساتية الاتحادية القوية التي تسندها بنية مؤسساتية متطورة ومتوازية على مستوى كل إمارة. وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد وكما قال فيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد إنه «ظل زايد وامتداده فينا ومؤسس مئوية دولتنا وحامي حمى دولتنا». ولعل أبرز أولويات واهتمامات رئيس الدولة، اهتمامه بالتعليم والتواصل مع مراكز التعليم والجامعات ومراكز التفكر والبحث العلمي القادرة على الانطلاق بالدولة نحو المستقبل.

 وهذه المراحل الثلاث تتجسد اليوم في قيادة الشيخ محمد بن زايد والقاسم المشترك بينها هي الرؤية الحكيمة والحكم الرشيد التي تقف وراء هذا النجاح. وقيادة بحجم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد قادرة على مواصلة مرحلة التأسيس والتمكين للانطلاق نحو المستقبل ووضع دولة الإمارات على الخريطة الإقليمية والدولية. وتأتي هذه المرحلة والتحديات والتحولات في موازين القوى الإقليمية والدولية تتزايد، مما يتطلب الحفاظ على دور الدولة ومكانتها بما يحقق لها مصالحها العليا. ولتتحول الدولة من دولة صغيرة إلى دولة مؤثرة في القرار الإقليمي والدولي.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

أكاديمى وباحث فلسطيني في العلوم السياسية متحصل على الدكتوراه من جامعة القاهرة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، ومتخصص في الشأن السياسى الفلسطيني والخليجي و"الإسرائيلي". وفي رصيده عدد من المؤلفات السياسية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"