ينظر البعض من الناس إلى مرحلة المراهقة، بكثير من الانتقاد، ويعتبرونها أمراً خارجاً عن المألوف، حيث تجدهم في ريبة لكل من يعيش في هذه المرحلة العمرية، وإن كان مربياً أو أباً أو أماً، فإن الشكوك والريبة ماثلة في تصرفاتهم وكلماتهم مع أبنهم أو مع أبنتهم، وأقصد أنهم يضعون كل مراهق في قفص من الاتهام والمراقبة الشديدة، وعدم الاقتناع بأن المراهق ليس قدره أو توجه الانحراف أو يسير نحو الانحراف، بل الطبيعي أنهم يسلكون الطريق الصحيح، ومع قلة خبرة هذه الفئة العمرية، وأيضا فورة الحماس التي يتمتعون بها تقع الكثير من الأخطاء منهم، أو تكون ردّات الفعل التي تصدر منهم غير محسوبة أو غير مقدرة بشكل صحيح، وهنا يقع ما يشبه المواجهة القاسية، والتي في العادة يتكبد فيها المراهق خسائر نفسية جسيمة.
وعندما يقع حوار أو نقاش قوي مع الشاب أو الفتاة، في هذه المرحلة العمرية، يقال له أنت مراهق، وكأنها صفة ذم وتقليل من مكانته، بل كلما تحدثت الفتاة أو الشاب، عن موضوع وشارك فيه بالرأي، ينظر له نظرة تقليل أو عدم اقتناع، فلا تأخذ آراءهم على محمل الجد، وقد يقال له، أنت لا تعرف عما تتحدث عنه، تنقصك الخبرة، ومثل هذه الكلمات، قاسية، حيث يكفي أن يقال بأن آراءك جيدة وسندرسها، من باب التشجيع، وجعله دائم المبادرة وطرح ما يفكر به دون خوف أو تردد.
المراهقة مرحلة يكون فيها اليافع، في مرحلة عمرية، بعد الطفولة، يقفون على أبواب تحمل المسؤولية، ينظرون لأنفسهم أنهم باتوا كبارا في السن بما يكفي، ليساهموا داخل أسرهم ومجتمعاتهم، بينما ينظر لهم الآخرون أنهم ما زالوا أطفالاً أو في مقتبل العمر، بل تصرفاتهم مشكوك فيها، وأنهم مندفعون دون عقل وتفكير. يغفل الكثير من الناس، أن هذه الفئة، تحاصرها أفكار المستقبل، ويصح القول إنهم يرهقون أنفسهم في التفكير في مستقبلهم، وتصبح قضايا مثل الذات، الهوية، المكانة، الغد، الوظيفة، والعلم، هواجس ماثلة، لا يعرف كيف يعالجها إذا لم يجد من ينصحه ويوجهه بحب وألفه وحنان. الروائي والكاتب الأمريكي جون ايرفينج، وهو أيضاً مؤلف للطفل، يقول: «جزء من المراهقة هو الشعور بعدم وجود أي شخص آخر حولك يكون مثلك بما يكفي لفهمك». لنفهم هذه المرحلة العمرية، ونمنحها الأمان والثقة والحب، فهم يحتاجون له أشد الحاجة.
[email protected]
www.shaimaalmarzooqi.com