عادي
جمع في موسوعته فناني العالم العربي

د. مروان منصور: التوثيق الموسيقي أمانة ورثتها

23:08 مساء
قراءة 4 دقائق
مع الفنانة لور دكاش
مع الفنان السوري صفوان بهلوان
د.مروان منصور وصديقه محمود كامل
مع الموسيقار محمد عبد الوهاب
مع الفنان جلال حرب
الشارقة: زكية كردي
بدأت الحكاية بموت أم كلثوم عام 1975م، لتلحق بها بعدها ببضعة أشهر فتحية أحمد الملقبة بـ«مطربة القطرين»، التي كانت صديقة أم كلثوم، وقد ولدتا في العام ذاته عام 1898م، وتوفّيتا أيضاً في العام ذاته كما نشرت مجلة الشبكة وقتها، إلا أن فتحية أحمد علي الرغم من عذوبة صوتها وروعة القصائد التي غنتها لم تحظ بشهرة صديقتها، فكانت ألبوماتها نادرة جداً لدرجة صعوبة الحصول عليها، فمن يعرفونها قليلون، شأن الكثير من فناني الزمن الجميل الذين يخبرنا عنهم د. مروان منصور، أخصائي توليد ومؤرخ فني كما شاءت الحكاية، أن يسافر من بلاده سوريا إلى أكثر من بلد لجمع المادة العلمية لموسوعته عن التوثيق الموسيقي.
بعد سماعه بفتحية أحمد عند وفاتها، حيث قدم برنامج «ألحان زمان» حلقة عنها، قصد السوق باحثاً عن ألبومات لها، فاكتشف أنها نادرة جداً، إذ لم يجد إلا ثلاثة شرائط كاسيت في محل كبير، كان صاحبه متعجباً من سؤاله عنها، وعن أغانيها، بعد فترة بدأ ينمو هذا الشغف بتتبع البرنامج الذي كان يعده محمود كامل، وتقدمه هالة الحديدي، فبعد وفاة محمود كامل عام 2000 استمرت هالة الحديدي.
وعن بداية علاقة د. مروان منصور، بمحمود كامل، يقول: «بعد وفاة مطربة العواطف «ملك» عام 1986م، قدم البرنامج حلقة عنها، وقتها كتبت رسالة إلى محمود كامل لأستفسر عن معلومة، ولأني لم أكن أعرف أي عنوان له أرسلتها للإذاعة، انتظرت أشهراً عدة، ولم أحظ بأي رد، فألحقتها برسالة ثانية، وبعدها ثالثة، وبعد فترة فوجئت بجواب من محمود كامل، يخبرني أن آلاف الرسائل ترد يومياً إلى الإذاعة، فأعطاني عنوان بيته، وبدأنا تبادل الرسائل منذ منتصف الثمانينات حتى عام 1993م، وما زلت أحتفظ بها جميعها، وقتها كتب لي رقم هاتفه».
ويتابع: «طلب مني محمود كامل أن أزوره في مصر ليعرّفني بالفنانين الذين يتحدث عنهم في برنامجه، فسافرت إليه، ووجدته ينتظرني في المطار رغم شيخوخته، وكانت أول زيارة للفنان عباس البليدي وهو مطرب مهم، التقيناه والتقطنا الصور معه، وخلال هذه الزيارة اتصل كامل بالفنانة رجاء عبده، وهي من جيل الفنانة أسمهان، فاعتذرت عن عدم استقبالنا، وقد أوضح لي حينها أن تبدل أحوالها وتقدمها بالسن هما السبب، وهكذا فعلت الفنانة ليلى مراد التي كانت على قيد الحياة، وأخبرني أنها منذ 20 عاماً لم تستقبل أحداً، فاكتفينا بالحديث معها هاتفياً، كان صوتها كأنها تغني».
وأضاف: «بعد زيارة ليلى مراد، زرنا الفنانة لور دكاش، وهي فنانة لبنانية عاشت حياتها في مصر، وحصلت على الجنسية المصرية وماتت ودفنت في مصر، زرناها والتقطنا الصور معها، وواظبت على زيارتها كلما زرت مصر، كما طلبت مني، حتى توفيت عام 2003م، وزرت بعدها الفنان جلال حرب وحدي في الإسكندرية، ودعاني إلى نادي سبورتنغ، وأخبرني عن مشواره الفني، كنت أسجل وأوثق المعلومات عن كل فنان ألتقيه، وهكذا بدأت القصة».
وأضاف: «زرت محمود كامل بعدها بعام، وزرنا مجموعة أخرى من الفنانين والشعراء والملحنين من بينهم شهرزاد، محمود رجب، وغيرهم».
وعن توثيق حياة وأعمال الفنانين، فيقول منصور: «بدأت بحديث مع محمود كامل عن ملحني القرن التاسع عشر، وكان قد ألف كتيبات أهداه نسخاً منها، وأخبره أنه إذا لم يكتب عنهم لن يتنبه أحد للقيام بهذه المهمة، وهكذا امتد نشاطه إلى ملحني القرن العشرين ومن بينهم: داوود حسني، السنباطي، محمد عبدالوهاب، وغيرهم، ونبهه في هذا الحديث إلى أهمية العمل التوثيقي للأجيال القادمة، والذي يود أن يتبناه من بعده ليكمل ما بدأه، ويكتب عن الفنانين الذين لم يعد قادراً على الكتابة عنهم بسبب الشيخوخة».
ويتابع: «من هنا بدأ العمل يأخذ طابعاً مختلفاً وهادفاً، بدأت بتبني هذا المشروع إلى جانب عملي في الطب، وأحاول البحث عن الفنانين، ولقائهم للحصول على المعلومات والقصص منهم، وأكثر نشاطي كان في سوريا ومصر ولبنان، وزرت أيضاً السعودية والأردن والإمارات، إلا أني لم أذهب إلى المغرب، وكانت لديّ رغبة بأن أكتب عن فناني المغرب العربي، وقتها تواصلت مع المؤرخ الموسيقي د.صالح المهدي، وأخبرته عن نيتي أن أؤلف موسوعة عن الفنانين في العالم العربي في مرحلة محددة، فأرسل لي مخطوطاً له يتحدث فيه عن الفنانين في المغرب العربي يجاوز الـ200 صفحة، ولم ينشر بعد، وطلب مني أن أستفيد منه في موسوعتي مكتفياً بذكر اسمه والإشارة إليه في العمل، وهكذا أصبح لديّ كم هائل من المعلومات».
في البداية كان يستعين منصور بالآلة الكاتبة إلى أن ظهر الكمبيوتر، وسهل مهمة الكتابة والتوثيق وفرز الملفات، وهكذا أصبح لديه 3000 صفحة، بالإضافة إلى الصور مع الفنانين والملحنين والشعراء، وأصبحت موسوعته جاهزة للطباعة، ويقول: «قصدت دار بيسان للطباعة والنشر قبل 4 سنوات لأتفق معهم على طباعة موسوعة مكونة من خمسة أو ستة أجزاء، إلا أن الموضوع توقف بسبب التكاليف والأمور التسويقية، واقترحوا عليّ حينها أن أختار عدة أسماء لأتحدث عنها في كتاب واحد، وقتها خطر لي أن أكتب عن المطربات الملحنات، فمن المعروف أن مجال التلحين يسيطر عليه الرجال عادة، وأحببت أن أسلط الضوء من خلال هذا الكتاب عن هذه التجارب المهمة في العالم الموسيقي العربي، فكتبت عن فتحية أحمد، وملك، ونادرة، ولور دكاش».
وعلى الجانب الآخر كان يراكم منصور كمّاً هائلاً من المجلات الفنية والكتب التي كان يجمعها بغاية التوثيق، فما كان منه إلا أن حول غرفة من العيادة الخاصة به في مستشفى والده إلى مكتبة أرشف داخلها كمّاً هائلاً من المطبوعات الفنية، والأسطوانات القديمة، من بينها الأسطوانات الحجرية القديمة جداً، بالإضافة إلى مجموعة من الأسطوانات الأحدث، ويقول: «اليوم أتأمل هذا الأرشيف وأتساءل عن مصيره، خصوصاً أن أبنائي يعيشون في أمريكا وهم غير معنيين بهذا الشغف، لذا اقترحت علي زوجتي أن أهديه إلى مؤسسة تعتني بهم وتحفظه للأجيال القادمة».
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"