الصومال.. رئيس جديد على جبل من المشكلات

00:47 صباحا
قراءة دقيقتين

علي قباجه

أخيراً، اختار النواب الصوماليون رئيساً بعد سنوات عجاف وتحديات جمة، تحتاج إلى معجزة لحلها، منها الصراع على السلطة الذي احتدم بين رأسيها (رئيس الوزراء الصومالي، محمد حسين روبلي، والرئيس المنتهية ولايته عبدالله فرماجو)، ثم تمدد تنظيم «الشباب» الإرهابي الذي أضحى له يد طولى في البلاد، يضرب بها الحكومة الصومالية بقسوة، وتوسعه ليصبح مسيطراً على مساحات من البلاد، يفرض فيها الضرائب ويدير فيها المحاكم، إضافة إلى ما تواجهه البلاد من جفاف هو الأعتى منذ 4 عقود شرد مئات الآلاف وجوّع الملايين.

وفي ظل ظروف قاسية بسبب الهجمات الإرهابية المتتابعة على العاصمة والفساد والمجاعة، أعاد النواب من خيمة محصنة حرستها قوات حفظ السلام، انتخاب حسن شيخ محمود، الذي تسلم الرئاسة في الفترة ما بين 2012 إلى 2017، حيث اختير من بين 30 مرشحاً، ليختتم بذلك صراعاً على السلطة زاد البلاد تيهاً جراء تأجيل الانتخابات مرات عدة، وتداخل السلطات بين قيادة البلد، ما أعاق أي تقدم في أي من الملفات التي احتاجت إلى معالجات عاجلة.

 شيخ محمود جاء على جبل من المشكلات، حيث يتعين عليه القيام بحلها واحدة تلو الأخرى، ولن تكون السنوات المقبلة مفروشة بالورود، بل أمامه مهام مهولة، تتطلب إرادة كبيرة للتمكن من تجاوز بعضها. فالرئيس الجديد يحتاج إلى بناء مؤسسة الحكم وإنهاء حالة التشرذم فيها، والبدء بخطط فاعلة في القضاء على الفساد، ثم بإعادة بناء القوات الأمنية والجيش، حتى يتمكن من مواجهة التحديات الأمنية التي تتسع يوماً بعد آخر، فالمعارك السياسية ومحاولات بسط النفوذ، قوضت قدرة الحكومة على تقديم الخدمات الأساسية والتصدي للإرهاب المتنامي في البلاد.

هذا التصويت الذي جاء متأخراً عامين بسبب التأجيل المستمر للانتخابات، تزامن مع تضخم كبير وجفاف جعل نحو 40% من الصوماليين يعانون الجوع، فوفق برنامج الغذاء العالمي، يعاني نحو ستة ملايين شخص نقصاً شديداً في الغذاء، في حين أن 760 ألفاً تشردوا من منازلهم، بينما يعيش نحو900 ألف من الذين تأثروا بنقص المواد الغذائية في مناطق يسيطر عليها تنظيم «الشباب».

أمام هذه التحديات سيتعين على شيخ محمود البدء في مصالحة وطنية، ثم العمل حثيثاً للقضاء على الإرهاب، لأن ذلك سيكون مقدمة للبناء، في بلد يشهد منذ عقود طويلة حالة من الحرب التي لم تتوقف للحظة واحدة، ثم سيكون على الرئيس وضع خطط اقتصادية بناءة ترفع من شأن البلاد، التي تعاني الآن مديونية، وارتفاع نسب البطالة، والفقر المدقع في كل أنحاء البلاد.

الصومال بحاجة إلى نهضة شاملة تنقذه من براثن الجوع والموت والدمار، وآن الأوان للحكومة والعشائر وقادة المجتمع، التكاتف جنباً إلى جنب، لإنقاذ البلاد من الضياع، ووضع حد للتراجع كي لا تبقى الصومال مضرب الأمثال بالفشل السياسي، فما من أزمة تعصف في بلد آخر، حتى يتخوف أهلها من «صوملة» بلادهم.

انتخاب الرئيس ليس نهاية المشكلات، بل يمكن التعويل عليه كبداية في طريق طويل من الإصلاح، الذي يحتاج إلى عقود، وإذا تواصل هذا التدهور في المجلات كافة، فإن البلاد لن تقوم لها قائمة وستحترق وتحرق ما حولها.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"