عادي
تقرير السلع الأسبوعي من «ساكسو بنك»:

انتعاش المعادن الصناعية والثمينة.. هل يستمر؟

16:53 مساء
قراءة 7 دقائق
أسواق المعادن الصناعية تشهد ركودا كبيرا
دبي: «الخليج»

واصل قطاع السلع اكتساب الزخم خلال الأسبوع الماضي على الرغم من التقلبات الشديدة التي طالت أسواق الأسهم العالمية، حيث سجلت الأسهم الأمريكية يوم الأربعاء الانخفاض اليومي الأضخم منذ نحو عامين، بسبب ارتفاع التضخم وضعف الإيرادات واحتمال اعتماد سياسات نقدية أكثر صرامةً بما ينعكس بشدة على النمو الاقتصادي. وارتفع مؤشر بلومبيرج للسلع الفوريّة بنسبة 1.6%، وسجل مؤشر ستاندرد آند بورز 500 انخفاضه الرابع الأكبر منذ عام 2010، في حين ما تزال الحاجة قائمة إلى زيادة العرض والطلب للحفاظ على استقرار الأسعار في قطاع السلع. وتالياً تقرير السلع الأسبوعي من «ساكسو بنك»، والذي يكتبه أولي هانسن:
أدت التحديات التي برزت أمام العديد من السلع الأساسية، من الحبوب والبن إلى منتجات الوقود وبعض المعادن الصناعية، إلى تعزيز احتمالية استمرار دعم القطاع على الرغم من نموه المحدود، ولا سيما في ضوء توقعات بزيادة الحوافز الحكومية بعد تدابير الإغلاق في الصين. وتتصاعد تحديات النمو في الصين نتيجة إصرارها على تطبيق سياسة الوصول إلى صفر إصابات كوفيد-19، على الرغم من تكاليفها الاقتصادية والاجتماعية المتزايدة.
وتركّزت المكاسب التي تحققت خلال الأسبوع الماضي في قطاعي المعادن الصناعية والثمينة، اللذين شهدا العديد من الانتكاسات خلال الشهرين الماضيين. وتتزايد إمكانية حدوث أزمة غذائية عالمية، حيث قادت الحرب الروسية الأوكرانية وسوء الأحوال الجوية إلى تراجع إمدادات السلع الغذائية الرئيسية.

قطاع الحبوب

وسجل قطاع الحبوب مكاسب قياسية مع ارتفاع مؤشر بلومبيرج للحبوب بنسبة 30% خلال العام الجاري، حيث جاء فول الصويا في الصدارة تلاه القمح، بينما سجلت الذرة خسارة محدودة خلال الأسبوع الماضي. وتتواصل المخاوف العالمية بشأن حدوث أزمة غذائية نتيجة الاضطرابات في الشحنات القادمة من أوكرانيا، أحد أبرز موردي القمح عالي الجودة وزيت دوار الشمس في العالم، الأمر الذي ألقى بظلاله على كل أنحاء العالم. وكشفت وزارة الزراعة الأوكرانية يوم الجمعة بأن المزارعين أكملوا زراعة بذار القمح الربيعية لموسم حصاد 2022، مع تراجع المعدل الإجمالي لزراعة المحاصيل لموسم الربيع الحالي بنسبة 25% عن الفترة نفسها من العام الماضي.
وساهمت بعض المؤشرات الإيجابية حول العرض في تراجع مخاوف حدوث أزمة غذائية عالمية؛ إذ انخفضت أسعار زيت النخيل في أعقاب إنهاء حظر التصدير الإندونيسي الذي دام لفترة قصيرة. واستقرت أسعار القمح في ظل توقعات بموسم حصاد وفير في روسيا، بعد أن بلغت مستويات قياسية في أوروبا والولايات المتحدة في بداية الأسبوع بسبب المخاوف من الإمدادات الهندية. وأكدت شركة جرو إنتليجنس، المتخصصة في تحليلات قطاع الزراعة، بأن احتياطي القمح العالمي يكفي لعشرة أسابيع فقط مما يسمح بدعم الأسعار حتى تكوين فكرة أوضح حول مستويات الإنتاج في أوروبا وأمريكا الشمالية في أعقاب البداية المتعسرة لموسم النمو هناك نتيجة سوء الأحوال الجوية.
وأشرنا سابقاً في آخر تحديثاتنا حول المعادن الصناعية إلى أن قطاع المعادن الثمينة كان ينتظر تدابير داعمة من الصين، حيث شهد هذا الأسبوع بعض الدلائل على توجه الصين إلى زيادة الدعم. وسبق ذلك انخفاض مؤشر بلومبيرج للمعادن الصناعية بنسبة 25% منذ ذروته المسجلة في مطلع مارس الماضي، ويأتي ذلك نتيجة مخاوف النمو العالمية إلى جانب سياسة صفر إصابات كوفيد-19 في الصين. وقامت الحكومة الصينية بمواجهة انتشار كوفيد-19 في شنغهاي وبكين من خلال فرض تدابير الإغلاق لفترة طويلة، مما أعاق النمو الاقتصادي وأدى إلى مزيدٍ من النقص في سلاسل التوريد العالمية.

الصورة
1

 

وتراجعت مبيعات التجزئة في الصين الأسبوع الماضي بنسبة 11% وسجلت معدلات بطالة الشباب مستوى قياسي بواقع 18.2%، مع توقعات الخبراء الاقتصاديين بانخفاض الناتج المحلي الإجمالي. وواجهت البنوك الصينية هذه التطورات في يوم الجمعة عن طريق خفض أسعار الفائدة على القروض لأجل 5 سنوات بنسبة غير مسبوقة بلغت 0.15 نقطة أساس، حيث تعتمد الحكومة الصينية هذا التوجه خلافاً لباقي دول العالم، ما يعكس سعي الحكومة الصينية لدعم اقتصادها. ويُرجّح تقديم الحكومة الصينية لمزيدٍ من الحوافز في إطار سعيها إلى دعم مشاريع البنية التحتية والتطوير العقاري، مما يزيد الطلب على المعادن الصناعية.
واستقرت مخزونات المعادن الصناعية الأربعة الرئيسية في المستودعات التي تشرف عليها بورصة لندن للمعادن وبورصة شنغهاي للعقود الآجلة عند 1.77 مليون طن، وذلك خلال فترة ذروة الأسعار في مطلع مارس الماضي. وبدلاً من الارتفاع لمواكبة الطلب نتيجة ضعف حركة الأسعار، واصل مستوى المخزونات انخفاضه وصولاً إلى 1.43 مليون طن خلال الأسبوع الجاري، بما يمثل انخفاضاً نسبته 19%.
وينسجم هذا الانخفاض مع رأينا بأن تباطؤ الاقتصاد العالمي لا يمنع ارتفاع أسعار المعادن الصناعية، رغم أن الإمدادات تواجه الكثير من التحديات نتيجة تخلي قطاع الطاقة عن الوقود الأحفوري ولمواكبة الطلب من الصين. وقد يتسبّب التحوّل في مجال الطاقة بتأثيرات سلبية، نتيجة الحاجة الكبيرة لعدد من المعادن المختلفة اللازمة لإنجازه، بما فيها الألمنيوم والنحاس والنيكل وحتى المعادن غير المألوفة مثل المعادن الأرضية النادرة والكوبالت والليثيوم.

النحاس عالي الجودة

لم يتمكّن النحاس عالي الجودة من تخطي معدل الدعم الرئيسي الواقع في حدود 4 دولار للرطل، ليبقى ضمن نطاقه المحدود على الرغم من تصحيحه على مدار شهر. وعاد النحاس عالي الجودة نتيجة الانتعاش الذي شهده هذا الأسبوع إلى المتوسط المتحرك لمدة 21 يوماً مع تخطي حاجز الأسعار مما يعكس خسارة زخم السعر السلبي؛ حيث يمكن أن يجبر هذا الأمر، في حال حدوثه، المضاربين على اللجوء قريباً إلى تغطية مراكز البيع على المكشوف التي تضاعفت في الأسبوع المنتهي في 10 مايو وصولاً إلى أعلى مستوياتها منذ عامين عند 17.7 ألف لوت أو 201 ألف طن متري.

الصورة
2

 

أسواق الذهب

عزز الذهب قوته وسط الاضطرابات المستمرة في أسواق الأسهم العالمية بعد اتجاهه الهبوطي منذ منتصف أبريل الماضي، وتأثر خلال الشهر الماضي نتيجة ارتفاع الدولار وإعلان اللجنة الفدرالية للأسواق المفتوحة عن زيادات مستقبلية كبيرة في أسعار الفائدة للحد من معدلات التضخم الذي بلغ أعلى مستوياته منذ عقود. ويُمكن القول بأنّ الذهب يقدّم أداءً جيداً شرط عدم حدوث انتكاسة اقتصادية قوية تُعزز مخاطر الركود، لكن قد تؤدي الأرباح الضعيفة لدى كبار تجار التجزئة الأمريكيين خلال هذا الأسبوع إلى حدوث ركود اقتصادي يتخطى التوقعات.
ونحافظ على توقعاتنا المتفائلة بشأن الذهب في ظل الحاجة إلى التنويع وسط الاضطرابات في سوق الأسهم، وتزايد مخاطر وقوع أخطاء في سياسة اللجنة الفدرالية للأسواق المفتوحة قد تدفع بالإيرادات والدولار هبوطاً. ويوضّح الرسم البياني أدناه مقدار الجهود اللازمة في قطاع الذهب لتعويض الأضرار التي طالته الشهر الماضي. وجاءت أولى مؤشرات التحسن مع تخطي مستوى المتوسط البسيط المتحرك لـ 200 يوم عند 1839 دولار أمريكي مع التحدي التالي في تجاوز 1868 دولار أمريكي، ما يمثل ارتداداً بنسبة 38.2% عن تصحيح بقيمة 210 دولار أمريكي استمر من أبريل إلى مايو.
وبدأت الفضة بالاستقرار مدعومةً بانتعاش المعادن الصناعية بعد تصحيح بنسبة 22%، والذي تخطى في مرحلة معينة الدعم الأساسي السابق والبالغ نحو 21.50 دولار أمريكي، ويساهم اتخاذ المضاربين مراكز حيادية في ترجيح احتمال جذب اهتمام مشترين جدد من الصناديق غير المنكشفة لدى حدوث زخم تصاعدي.

النفط الخام

واستمر النفط الخام معظم الأسبوع الماضي في محاولة تخطي الحد الأعلى لنطاق التداول طوال الأسابيع الستة الماضية، وبالرغم من أحداث السوق التي اتسمت بالهدوء النسبي خلال هذه الفترة، شهدت السوق حالةً من الاضطراب المتواصل نتيجة تمكن القوى المتعارضة من إبقائها ضمن نطاقها المحدود. وعمدت الحكومة الأمريكية في هذه الفترة إلى ضخ ملايين براميل النفط الخام في محاولة فاشلة لضبط السعر، في حين تراجع الطلب من الصين بسبب استراتيجية صفر إصابات كوفيد-19.
وتحظى السوق بدعم عدة عوامل بما في ذلك عدم تراجع سعر النفط إلى ما دون 100 دولار للبرميل الذي يعكس مدى قوة السوق، مع ضعف العرض من مشتقات النفط الرئيسية والعقوبات المفروضة على الخام الروسي ومساعي أوبك لزيادة إنتاج النفط والاضطرابات الجارية في ليبيا. كما يُرجّح أن تبدأ الصين بتخفيف تدابير الإغلاق إلى جانب تصاعد الاضطرابات في ليبيا، حيث تبقى مخاطر ارتفاع الأسعار على المدى القصير متجهة بقوة نحو الارتفاع.

الصورة
1

 

وتحول التركيز خلال الأسابيع القليلة الماضية من سوق النفط الخام محدود النطاق نحو سوق المنتجات، حيث ارتفعت تكلفة البنزين والديزل ووقود الطائرات إلى مستويات غير مسبوقة. وقادت صيانة مصافي التكرير وخفض القدرة الاستيعابية بعد الأزمة الصحية العالمية والعقوبات المفروضة على المنتجات الروسية إلى شح العرض في الأسواق بدرجة كبيرة، وبرز هذا الأمر بقوة في مصافي أمريكا الشمالية التي تعمل بالطاقة القصوى لإنتاج أكبر كمية ممكنة، بما يتيح لها الاستفادة من هوامش أسعار مجزية، لذا يبقى سعر النفط الخام مدعوماً رغم احتمال تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي. ونلتزم بدعوتنا لتوسيع النطاق السعري لخام برنت بما يتراوح بين 90 و120 دولار أمريكي للبرميل خلال الربع الحالي مع التأكيد على رأينا بأن المشاكل الهيكلية، وتحديداً استمرار ضعف مستويات الاستثمار في القطاع وجهود أوبك لزيادة الإنتاج، ستواصل بمجموعها دعم أسعار النفط خلال الفترة المتبقية من العام.
وشهد الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة أسبوعاً حافلاً بالتقلبات انتهى بدون تسجيل ارتفاع، بعد منعه مرتين من تخطي نطاق 8.5 دولار أمريكي لكل مليون وحدة حرارية بريطانية. وارتفع السعر الحالي بنسبة 200% مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي، نتيجة الصادرات القياسية للغاز الطبيعي المسال والنمو الثابت في الإنتاج وموجة الحر الأخيرة في الولايات الجنوبية التي زادت الطلب على التبريد. وجاء الضخ الأسبوعي للغاز الطبيعي الذي تراوح بين 89 مليار قدم مكعبة و1732 مليار قدم مكعبة منسجماً مع التوقعات، وساعد في تقليل العجز حتى متوسط الخمس سنوات البالغ 15.2%. ويمكن أن يقود اعتدال الطقس في الفترة القادمة ومعاناة أوروبا من نقص إمدادات الغاز الطبيعي المسال مؤقتاً إلى استقرار الأسعار لفترة، ويُرجح أن يسهم الارتفاع الإجمالي في الطلب العالمي والانخفاض الحاد في الأسعار في إزالة جميع أوجه الضعف خلال الأشهر المقبلة.

 

الصورة
1
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"