عادي
اسأل الخليج

تعرف إلى ليونيداس أول من طار في كرة القدم

13:27 مساء
قراءة 4 دقائق

إعداد: معن خليل
يعرف الجميع الركلة الخلفية في كرة القدم أو «الدراجة»، لكن القليل يعرف أن مخترعها هو أسطورة البرازيل السابق ليونيداس داسيلفا، حيث إن أسلوب الطيران في الهواء لتسديد الكرة في مرمى المنافسين لم يكن معروفاً قبله.
ليونيداس داسيلفا ليس لاعباً عادياً في تاريخ كرة القدم البرازيلية وهو يعتبر أحد أبرز نجوم اللعبة في النصف الأول من القرن العشرين، وقد ترك «الرجل المطاط» أو «الماسة السوداء» كما عرف لاحقاً ذكرى طيبة، لما اشتهر به من مهارة وإتقان لغة التهديف حتى أنه اعتزل عام 1950 وفي رصيده 474 هدفاً خلال مسيرته مع الفرق التي لعب لها، كما ترك الكثير من المواقف الخالدة التي تبرهن على موهبته في ذلك الزمن.
ولد ليونيداس في 6 سبتمبر عام 1913 في ريو دي جانيرو، وقد اشتهر منذ صغره بلعب كرة القدم حافي القدمين في حي ساو كريستوفاو الذي انضم لفريقه لاحقاً ثم أصبح لاعباً في صفوف فريق سيريو ليبانيس وعمره لا يتجاوز 16 سنة، وحط الرحال بعد ذلك في نادي بونسوسيسو الذي كان يتشكل في تلك الحقبة من لاعبين مهرة استطاعوا مقارعة أقوى الأندية.
تحت المجهر
أصبح ليونيداس تحت المجهر وعمره لا يتجاوز 18 سنة وتمت دعوته للعب في صفوف المنتخب البرازيلي الذي لعب بطولة ودية في مدينة مونتيفيديو الأوروجوايانية، وقد واجه فريق «السامبا» أصحاب الأرض في ملعب سينتيناريو الشهير وكانت النتيجة أن فاز رفاق «الرجل المطاط» بعدما سجل هو نفسه هدفين.
ومن القصص التي تروى عن ليونيداس ما فعله عام 1931 عندما كان الدوري البرازيلي في ذلك الوقت يشهد مواجهات طاحنة بين منتخبات الولايات وأبرزها ريو دي جانيرو التي ينتمي إليها النجم الأسمر وساوباولو الذي كان يضم أشهر لاعب كرة قدم برازيلي في تلك الفترة أرتور فريدنريش.
تعرض منتخب ولاية ريو دي جانيرو قبل المباراة مع ساوباولو لنكسة بسبب غياب أبرز لاعبيه نيلو، لكن جمهوره كان يهتف في المدرجات باسم ليونيداس الذي لم يكن في كشف اللقاء، والمفارقة أن من كانوا يهتفون باسمه لم يعلموا أنه ليس جاهزاً بدنياً للعب فهو قضى الليلة التي سبقت المواجهة في حفل موسيقي راقص بعدما كان متأكداً من عدم مشاركته في النزال، ثم خاض مباراة مع أصدقائه في الصباح وتناول وجبة فطور دسمة.
رغم كل ذلك شارك ليونيداس رغماً عنه في المباراة وعمره آنذاك 18 عاماً ونجح في إحراز هدفين في الشوط الثاني وكان صاحب التمريرة الحاسمة التي أهدت منتخب ريو دي جانيرو هدف الفوز الثالث، ليأتيه الإطراء الأهم من النجم الكبير فريدنريش حين أعرب عن إعجابه بمهارات ليونيداس دا سيلفا، ليسلمه مشعل النجومية المطلقة من بعده.
احتراف مبكر
كان ليونيداس من أوائل اللاعبين البرازيليين الذين احترفوا في الخارج حين لعب عام 1933 لفريق بينارول الأوروجواياني الشهير وسجل له 28 هدفاً في 25 مباراة فقط، لكنه سرعان ما عاد إلى بلاده للمشاركة في مونديال 1934 وكانت النتائج مخيبة لفرقة «السامبا»، إلا أن الأهم ما فعله «الرجل المطاط» في كأس العالم 1938 حين توج هدافاً للنسخة بسبعة أهداف وبقصص بطولية قام بها في كل المباريات، ويقيناً لولا تعرضه للإصابة في نصف النهائي لكانت البرازيل أحرزت أول ألقابها في المونديال.
الهدف الحافي
وبالعودة إلى المباريات فقد انتهت الموقعة الأولى أمام بولندا بفوز البرازيل 6-5 بعد اللجوء إلى الوقت الإضافي، وشكل ذلك اللقاء واحداً من المباريات الأكثر إثارة في تاريخ المونديال، حيث اضطلع ليونيداس بدور حاسم حين سجل ثلاثة أهداف، واحد منها دون حذاء، وذلك حين استفاد من ارتداد الكرة من بين يدي الحارس البولندي واسترجعها داخل منطقة الجزاء ثم سددها بسرعة نحو الشباك متناسياً حذاءه الذي بقي عالقاً في وحل الملعب المبلل بعد التسديدة الأولى.
كما خاضت البرازيل مواجهة صعبة ثانية في دور ربع النهائي أمام منتخب تشيكوسلوفاكيا، حيث عانى فريق السامبا كثيراً بعد طرد اثنين من لاعبيه، ولم يتمكن من إدراك هدف التعادل 1-1 إلا بصعوبة وبفضل النجم ليونيداس، الذي اخترع أمام أنظار العالم حركة بهلوانية جديدة سميت لاحقاً «ركلة الدراجة».
نال النجم البرازيلي بعد هذه المباراة ثناء المتابعين وأثار دهشتهم، حيث كتب عنه الصحفي رايمون تورماجين في مجلة باري ماتش قائلاً: «إنه لاعب استثنائي، له القدرة على التحكم في الكرة سواء كانت هوائية أو أرضية، كما يستطيع مفاجأة الخصم بتسديدات قوية غير منتظرة، عندما يسجل ليونيداس الهدف، يعتقد المرء أنه يحلم».
غاب ليونيداس عن مباراة نصف النهائي ضد أبطال العالم الإيطاليين، وشاهد هزيمة البرازيل بنتيجة 1-2 من المدرجات، بيد أنه تعافى بسرعة من الإصابة، واستطاع المشاركة في موقعة تحديد المركز الثالث أمام السويد حيث سجل هدفين وساهم في تسجيل هدف ثالث، ليضمن بذلك اعتلاء منتخب بلاده منصة التتويج للمرة الأولى في تاريخه، فقد وقع ليونيداس 7 أهداف في تلك النهائيات، ونال بذلك جائزة الحذاء الذهبي ولقب الهداف.
بعد رحلة قصيرة مع المنتخب أنهاها بتسجيل 21 هدفاً في 19 مباراة فقط، سطع ليونيداس مجدداً مع الأندية فلعب لفلامنجو الشهير من 1936 حتى 1942 وسجل له 153 هدفاً، قبل أن ينتقل إلى نادي ساو باولو في صفقة اعتبرت حينها الأغلى في تاريخ الكرة البرازيلية، وقد نجح معه بشكل منقطع النظير وسجل له 140 هدفاً حتى عام 1950 حين اعتزل اللعبة نهائياً تاركاً إرثاً لا يمكن تجاوزه على مر الزمن.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"